** تمتدُّ علاقته به لعقدين من الزمن، لا يعلم كيف ابتدأت فلعلها خلال زيارة مكتبته للتزود منها بالجديد والمختلف، ولا ينسى صاحبكم أنه قد عرَّض صاحبَه لمواقفَ محرجةٍ نتيجة الإشارة إلى بعض الإضافات الجديدة التي لم ترُقْ للرقيب حينها، فلم يعتبْ «أبو وائل» بل جزاهُ بها ابتسامًا ولطفًا ومزيدَ قرب وطرفةً تتردد بينهما حين يضمُّهما مجلس، ولو كتب هذا الإنسانُ سيرته – وهي ثرية ومختلفة – فلن تغيب عنها «التوريطات» الثقافية التي قد تكون هي الأجمل في مسيرة كلِّ من اعتنى بالورق وتعامل مع الورَّاقين فأخلص لها شطرًا من عمره، وفي كتاب صاحبكم: «سيرة كرسي ثقافي» مواقفُ منها. ** الأستاذ سليمان الوايل اليحيى عاشق الكتاب منذ نشأته الأولى بمدينة بريدة؛ ففي جانب من تأريخ هذه المدينة تكونت – في الستينيات الميلادية - مكتبة أهلية شبابية احتوت مجموعات فكريةً متميزةً وقام عليها عدد من النابهين الذين صار لبعضهم شأنٌ ثقافيٌ في مرحلة لاحقة، ولعل من اشتركوا فيها أو عرفوا عنها يوثقون تأريخها؛ إذ هي شاهدٌ على الوعي المتجاوز في زمنها، وربما أثَّرت تجربتُها الفريدة على أبي وائل فأنشأ مكتبته التراثية التي سبق أن قيل عنها إنها «معرضُ كتاب مصغر» بوسمها القديم وتكوينها الحداثيّ. ** امتدت علاقة صديقنا الأستاذ سليمان الوثيقةُ بالكتاب حتى صار موسوعةً معرفيةً متحركة، وتكونت له صداقاتٌ متينة مع الناشرين والمؤلفين والكُتَاب والقُراء، وفوق هذا فمجلسه لا يُمل حيث الحكاية تتلوها حكاية، والضحكة تعلوها ضحكة، والخبر يجدده خبر. ** قبل فترة وجيزة كتب لصاحبِكم حاثًا إياه على نشر سيرته وإبراز ما تلقاه من رسائل خلال مسيرته الصحفية والإعلامية، وشفعها بغلاف آخر مؤلفات رياض نجيب الريس (صحافة النسيان) ومنها - بعد أسطر مجاملة لطيفة-: « .. لهذا أتمنى أن تأخذ مسألةُ توثيق أعمالك في كتاب بعد انتقاء ما يصلح للتخليد جزءًا من وقتك خلال الأيام القادمة «...» وهذه كما تعلم طريقة العديد من المفكرين والأدباء والأساتذة والسياسيين والإعلاميين ...». ** ليت « الأستاذ سليمان» وجَّه اقتراحه لنفسه فقد أضنى صاحبَكم سعيُه لإقناعه بكتابة ذكرياته ومذكراته والمفارقات التي عاشها مع الكتب والكتبة والمرتادين والشارين، و» يوميات بائع كتب» لمؤلفه: شون بيثل -الذي ابتاعه صاحبكم من مكتبته- أنموذجٌ جميل على ما يمكن للكُتْبيين تدوينُه. ** تقلقنا « ذاكرة النسيان» كما روى محمود درويش، و» صحافة النسيان» مثلما أصدر الريس، ومواقف النسيان والتناسي كما في طبيعة الناس والأزمنة، وهل أقسى مما رواه رياض الريس عن جنرال أميركي - تقاعد بعد الحرب العظمى الثانية - خاطب الكونغرس عام 1951م: « الجنود القدامى لا يموتون أبدًا وإنما يتلاشون»، أما نحن يا صديقي أبا وائل فنموت ونتلاشى معًا. ** الكتاب وفاءٌ أو وفاة.