للوطن حب يبقى ويتنامى، الوطن ليس مكاناً فقط للعيش وانتماء.. هو سلاسل حب مترابطة من جيل لجيل، عندما ربونا وسهروا علينا وبذلوا جهداً كبيراً، أمهات بالكاد يقرأن القرآن.. ولكنهن يصررن على الذهاب بنا للمدرسة مهما كان الجو.. ومهما كانت الظروف يفعلن ذلك كي نبني لبنة جيدة في صرح الوطن. الوطن هو البناء الذي يسترنا والقلب الذي يجمعنا. وهذا الوطن عماده أولاً وأخيراً العلم والتعلم كما قال طه حسين رحمه الله (التعليم كالهواء والماء لكل الناس). هذا المنهل يجب أن يبقى قوياً مهما كانت الظروف وصامداً لا كورونا تمنعه ولا طقس يغيرها، هو لكل فئات المجتمع، وهنا بيت قصيدي الذي سيكون محور مقالي اليوم وأرجو أن أستطيع إعطاء الموضوع حقه. قبل كل شيء نتحدث عن أيام الجائحة والبقاء في البيوت والتعليم عن بُعد والذي تهيأنا لذلك وعرفنا وتجهز له هم أبناء الأغنياء عموماً والذين دخل أسرهم فوق المتوسط، وعادة مدارسهم أهلية ومنظمة جيداً. ولا بأس بذلك، المشكلة صارت لدينا في أبناء متوسطي الدخل وقليلوه. الحكومة كانت تنفق على المدارس ترتيباً وتنظيماً وصفوف ونظافة يومية بمبالغ كبيرة جداً، هذه المفروض ثلاثة أرباعها الآن لا يصرف، بمعنى أكثر دقة هناك توفير كبير في ميزانية وزارة التعليم. بالمقابل لدينا أطفال ومراهقين قد لا يستطيعون المتابعة، لا عن طريقة قناة (عين) التي لا أعرف كيف يكون تغطيتها لكل المراحل، من جهة أخرى لا يستطيع جميع الطلاب المتابعة مع المدرسين أو المدرسات عبر النت، لسبب بسيط لا يملكون الأجهزة وأن امتلكها البعض فقد تكون بالتناوب مع أخوته، وذلك لا شك سيقلل من المتابعة ومن اكتساب العلم والمعرفة، نضيف لذلك جهد الأمهات والآباء في البيت مع بقاء هؤلاء الصغار على الكراسي وفي انتباه كبير. الذي نعرفه أن الدولة مسئولة عن الأمن والصحة والتعليم بدرجة أولى، بعدها تأتي الأمور الحياتية الأخرى. وبما أن التعليم هو المؤسس والمرتكز الحقيقي للأمن والصحة، لذا لابد من الحرص عليه حرصاً كبيراً بحيث يؤرقنا لو قل أو تم التهاون به، ولا بأس من التكلفة الكبيرة له، لأن تكلفة الجهل ستكون أكبر وأكثر إيلاماً، وهذا الكلام لم أقله من عندي بل قاله الكثيرون قبلي، مهما كان الدخل إذا لم يوظف لخدمة التعلم، فهو هباء. إذاً آتي هنا لأقول من حق طلابنا بل لتكملة مهمة التعليم إذا طال الأمد أن يتم توزيع الأجهزة مجاناً عليهم مع جعلها عهدة لضمان حسن استعمالها، لا بأس يتشارك تلميذان أخوان بجهاز، لكن لابد من أن تساعد الدولة ممثلة بوزارة التعليم بذلك مع وجود فرق رسمية للمتابعة والتنظيم وإصلاح أي خلل وفي حالة تأخر الإصلاح يعوض بجهاز مؤقت حتى يتم الإصلاح.. وهذا جزء أساسي من واجبات الوزارة ومن حقوق الطلبة، وهو أقل ما يمكن أن يقدم لرعاية الطلبة وكسبهم العلم، منعاً لتضخم الجهل أو ضعف التعليم وخوفاً من التسرب أبناء الطبقة الوسطى القريبة من محدودي الدخل. نعم نعرف أن الأمر صعب ومرور أكثر من سنة على هذه الحالة لاشك يؤثر على العالم ككل، لكنه أكثر في التعليم. التعليم في المدرسة هو الغاية الجميلة ولكن عندما تعدم الوسيلة ممكن تعويضها قدر الممكن ولأننا نعرف التعليم هو مجتمع متكامل ما بين صف ومكتبة وزملاء، التحاور والمناقشة، التحاور يعمل كما تعمل الأواني المستطرقة بحيث يتم تلاقح المعرفة بأسلوب عمودي من جهة الأستاذ والطلبة وعرضي بين الطلبة ذاتهم والتأثير الإيجابي مطلوب، ونعرف أن هناك أيضاً تأثير سلبي ولكن في حل ذلك سيكون عبارة عن خبرة وتجربة.. بمعنى اللقاء الإنساني في بيئة التعليم شيء مطلوب.. ولكن المتاح هو ما نعمل ونريد تقويته، خاصة عندما تبقى الأسر ذات الدخل البسيط مكتفة الأيدي أمام الوضع الحالي، تقول إحدى الأمهات (نحن نخسر كثيراً مع التعليم عن بُعد فالكهرباء غالية ومكلفة، وشراء الأجهزة أثقل كاهلنا وأيضاً الصيانة بين وقت وآخر). للمقال صلة.