يقع هذا الكتاب ضمن سلسلة من الكتب المماثلة التي تبحث الفن حول العالم وعبر التاريخ، وبالرغم من الاسم الذي يحمله هذا الكتاب والذي قد يوحي بانحصاره في بعض الفنون الإسلامية كالخط والسيراميك أو غيرها، الا انه ومما يلفت الانتباه انه يتطرق لكافة الفنون التي عرفتها الفترة الإسلامية في مختلف اصقاع العالم الإسلامي، وبما فيها فن العمارة. ويستعرض الكتاب، الذي يقع في اثني عشر فصلا وما يزيد على الاربعمائة وخمسين صفحة من القطع الصغير، الفنون الإسلامية ضمن اربعة تصنيفات اساسية: فنون البناء، الكتابة والخط والتصحيف، فن النسيج، والفنون التشكيلية كالخزف والسيراميك والمقرنصات والنحاسيات وصناعة الأواني الفخارية وغيرها، ويبحث الكتاب هذه الأربعة تصنيفات ضمن ثلاثة حقب أساسية في التاريخ الإسلامي: الأولى، فترة صدر الإسلام وبدء ظهوره منذ القرن السابع الميلادي وحتى العاشر للميلاد، الثانية، حتى القرن السادس عشر وبعدها والتي يعدها الكتاب فترة المراكز الاقليمية للدولة الإسلامية حيث ظهرت الملامح المحلية، أما الثالثة فهي فترة ظهور الامبراظوريات وتمتد من القرن السادس عشر وحتى التاسع عشر. أما الفترة الأولى فيفتتحها الكتاب بتعريف عام بدين الإسلام ونشأة وبناء بيت الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة، مرورا ببناء ابرز الشواهد الإسلامية في تلك الفترة كقبة الصخرة والمسجد الأموي، ومن ناحية اخرى يلقي الكتاب ضوءا على ضرب النقود في تلك الفترة ونشأة الفن الإسلامي وابرز ملامحه وعناصره التي منبعها الدين الإسلامي وارتكازا على سوابق من الحضارات الماضية، كذلك يعرج على نشأة فن الخط العربي والكتابة ودورها في فن البناء والعمارة، أما فنون النسيج فيلقي الكتاب الضوء على شمال افريقيا ومصر حيث ازدهرت وتطورت في الفترة المعنية، أما فنون صناعة الفخاريات والأواني المعدنية والزجاجيات فيبحثها امتدادا بالفترة الاموية والعباسية الى المملوكية والفاطمية بالقاهرة وغيرها من حواضر العالم الإسلامي المزدهرة في ذلك الوقت. أما الفترة الثانية فتجسدها الإبداعات الفنية والمعمارية في الاندلس وشمال افريقيا، ويبحث الكتاب في مناح من الانجازات في قصر الحمراء بغرناطة، وكذلك في الشرق الاقصى كالهند وسمرقند ويلقي الضوء على صناعة وضرب الطوب الذي شكل عماد الفن العمراني وفنونه الزخرفية المتعلقة كالخزف والخط والزخرفة الورقية واهمها تشكيل المقرنصات بانواعها المختلفة، كذلك تحتل كتابة المصاحف التي بلغت اوجها في الفترات المختلفة الممتدة عبر هذه الحقبة في مناطق العالم الإسلامي موقعا مهماً بالكتاب، اضافة الى المنمنمات الذي اشتهرت والتي تصف مختلف مناحي الحضارة الإسلامية والتي تعد من الوثائق التاريخية المهمة وابرز ملامح الفن الإسلامي النظري في ذلك الوقت، أما الفترة الثالثة فيميز ما يبحثه الكتاب فيها التعريج على صناعة السجاد الايراني المتميز والأنماط والزخارف المتنوعة، وكذلك صناعة النحاسيات والخناجر والمعادن التي تغطيها الزخارف البديعة كجزء مهم من فن التشكيل الإسلامي، أما من نواحي العمران فيبحث في الامبراطورية العثمانية ومخلفاتها من المساجد والمنشآت المهمة، وكذلك العمارة في الهند وجنوب روسيا، ويحتوي في النهاية على معجم للمصطلحات والمراجع الاخرى المفيدة للاستزادة. يمتاز الكتاب بشموليته وغناه بالصور المعبرة والملونة، اضافة الى دقة وروعة اخراجه الفني، بما يضعه ضمن افضل الكتب المرجعية بالاضافة إلى كونه ضمن سلسلة متميزة لا غنى للمهتم من الباحثين والمتعطشين للمعرفة عن اقتنائه وضمه للمكتبة. تنظر الدراسات المختلفة، سواء الغربية أم العربية منها في بعض الاحيان، للنظام التخطيطي العمراني العربي الموروث والمشاهد في البيئة التقليدية على انه (عفوي) يتسم بخلوه من نظم هندسية واضحة المعالم، وتنبع هذه النظرة من الناتج الذي يمكن تبينه في أي نسيج عمراني تخطيط حضري لأية مدينة تقليدية في مختلف أصقاع العالم العربي الممتد، وذلك لعدم احتواء النسيج على معالم هندسية واضحة والتي تعتمد الخطوط المستقيمة أو الأشكال الهندسية الأساسية الواضحة، بل يبدو للرائي ولأول وهلة على انه -النسيج الحضري- يمتد عشوائيا بكافة الاتجاهات ودون قواعد عامة محددة تضبط التكوين الكلي لهيكليته، فهل هذه هي الحقيقة؟وما هي معالم التكوين العمراني؟ في الحقيقة، لا بد من الاجابة عن هذين التساؤلين من التطرق لفكرة العفوية والنظام بشكلها المجرد، ومن ثم نعرج على موضوعنا للاجابة بشكل محدد ضمن النطاق العمراني التخطيطي.