يهدد اشتعال الموقف بين الفلسطينيين والإسرائيليين الجهود الأمريكيةلإبقاءالعراق على قمة الأجندة الدولية فبعد عمليتين استشهاديتين خلال الأسبوع الماضي انهتا حوالي شهر ونصف الشهر من الهدوء النسبي في الشرق الأوسط استشهد تسعة فلسطينيين على الأقل في يوم واحد بقطاع غزة علاوة على ذلك إبقاء الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات تحت الحصار في مجمع الرئاسة برام الله. وفي الوقت الذي يعبر فيه الأمريكيون عن قلقهم من خطورة العنف المتصاعد بالنسبة لهم فإن القلق الواضح والحقيقي الذي زاد بالنسبة للأمريكيين نتيجة للعنف الأخير يتعلق بالكيفية التي يعقد بها هذا العنف الجهود الأمريكية لحشد الدعم العربي للحملة الأمريكية ضد العراق وبخاصة لإصدار قرار جديد من مجلس الأمن يكون أكثر تشددا يطالب العراق بالسماح غير المشروط بعمليات التفتيش أو يتحمل عواقب الرفض. يقول إيان لوستيك خبير الشرق الأوسط في جامعة بنسلفانيا الأمريكية: أنه كان هناك آمال في إدارة الرئيس بوش بأن تتمكن من شن حرب ضد العراق دون أن تهددها إسرائيل ولكن الأحداث الأخيرة أثبتت أن هذا غير ممكن ويضيف لوستيك أن تصاعد العنف في الأراضي الفلسطينية وتكثيف إسرائيل لعملياتها وتزايد القلق الدولي بشأن الفلسطينيين أدى إلى تراجع التركيز على خطورة الترسانة العسكرية للرئيس العراقي صدام حسين. وبالفعل فقد بدأنا نرى أول مواجهة في هذا المجال حيث تركز الدول العربية بالفعل حاليا على تجاهل إسرائيل لقرارات الأممالمتحدة على مدى عشرات السنين وفي هذه الحالة فإن دعوة الرئيس بوش لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ضدالعراق مع تجاهل إسرائيل سيبدو نوعا من النفاق السياسي. وهنا يطرح أحد مندوبي جامعة الدول العربية في الأممالمتحدة تساؤلا مهما «لماذا هذه المعايير المزدوجة؟» ويمكن القول أن اهتمام أمريكا بالصراع في الشرق الأوسط حاليا يفوق اهتمامها به في الربيع الماضي بعد أن اتضح أن هذا العنف قد يؤدي إلى تهميش الاهتمام الدولي بمواجهة برنامج أسلحة الرئيس العراقي صدام حسين والحقيقة أنه في ضوء التجارب القريبة يمكن القول أن أمريكا لم تفقد عزمها على تفادي هذا الخطر حيث بدأت أمريكا بالفعل العمل على تهدئة العنف وأشارت إلى أنها سوف تقوم بالمزيد من العمل لتحقيق هذا الهدف وفي الأسبوع الماضي اقترحت أمريكا على مجلس الأمن الدولي إصدار بيان يدين الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة بكلمات حادة على غير العادة ولكنه يدين في نفس الوقت الاستشهاديين الفلسطينيين ولكن المناقشات الحامية حول المشروع الأمريكي استمرت حوالي 14 ساعة حتى صدر القرار بموافقة 14 عضوا من أعضاء مجلس الأمن وامتناع أمريكا عن التصويت وهو يدعو إلى رفع الحصار الإسرائيلي عن الرئيس عرفات في رام الله كما دعا القرار إسرائيل إلى سحب قوات الاحتلال من المناطق الفلسطينية كما دعا الفلسطينيين إلى ضرورة ضمان تقديم المسئولين عن العمليات الاستشهادية إلى القضاء. وجاء امتناع أمريكا عن التصويت بديلا عن استخدام حق النقض «الفيتو» ضد القرار في مجلس الأمن وهو الحق الذي تستخدمه أمريكا دائما لإجهاض أي قرار ضد إسرائيل. وقد جاء قرار مجلس الأمن بعد دبلوماسية مكثفة قام بها وزير الخارجيةالأمريكية كولن باول تضمنت اتصالات تليفونية مع عدد كبير من المعنيين بالأزمة وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون ووفقا لتصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ريتشاردباوتشر فإن باول أخبر شارون بأن الحصار الإسرائيلي لمجمع الرئاسة الفلسطينية في رام الله يزيد خطورة الموقف ولا يساعد في تحقيق الأهداف التي اتفقت عليها أمريكا وإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط من قبل بما في ذلك تحقيق إصلاحات في المؤسسات الفلسطينية. يقول أحد مسئولي وزارة الخارجية الأمريكية: «يبدو أن إسرائيل قد جمدت الموقف بعد الاتصال التليفوني لوزير الخارجية الامريكي بشارون» وأضاف : «نأمل أن يكون هذا مؤشرا على تحسن الجهود الأمريكية لكبح جماح إسرائيل. وقال أن الرسالة التي أرسلتها أمريكا إلى قادة المنطقة في الشرق الأوسط بما فيهم رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون هي : لا يجب السماح للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأن يشتت الانتباه عن العراق كما أن أمريكا اختبرت خلال الأزمةالأخيرة سيطرتها على تل أبيب بعد أن أعلنت إسرائيل من قبل أنها سترد على أي هجوم عراقي ضدها في حالة شن هجوم أمريكي على العراق وذلك على عكس الموقف الإسرائيلي خلال حرب تحرير الكويت عام 1991. لأن تنفيذ إسرائيل لهذا الإعلان سوف يهدد العلاقات الأمريكية مع الدول العربية المجاورة للعراق ويعقد خطط الحرب الأمريكية في العراق. يقول أمبسادور كوتلر السفير الأمريكي الأسبق في المملكة العربية السعودية أن العراق سيحاول جر إسرائيل إلى المواجهة كما فعل في حرب تحرير الكويت وفي الأسبوع الماضي قال وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أنه من مصلحة إسرائيل أن تظل بعيدة عن الحرب المنتظرة ولكن الخبراء يستبعدون أن تستمع الحكومة الإسرائيلية لهذه النصيحة تحت قيادة آرييل شارون إذا هاجمها العراق بصواريخ سكود مرة أخرى. ويرى الحلفاء أن أمريكا ستلجأ في مواجهة مثل هذاالموقف إلى إجراء مفاوضات سرية مع إسرائيل حول كيفية عدم تحويل الموقف إلى حرب أمريكية إسرائيلية مشتركة بالإضافة إلى كيفية تجنب حوادث النيران الصديقة في أرض المعركة وهذا الموقف الإسرائيلي يستند على سببين رئيسيين الأول هو أن القادة العسكريين في إسرائيل يرون أن تصرف إسرائيل بصورة الضعيف ليس في مصلحتها على المدى الطويل والثاني أن إسرائيل تعتقد أنها حققت المزيد من المكاسب من خلال تبني الموقف الأمريكي في الحرب ضد الإرهاب لذلك لا تفكر في التراجع عن هذا الموقف الآن.يقول الخبير الاستراتيجي آيان لوستيك أن شارون استخدم الحرب الأمريكية في أفغانستان لتبرير اعتداءاته ضد الفلسطينيين وقال أنه يفعل في الأراضي المحتلة ما تفعله أمريكا في أفغانستان وأضاف لوستيك أنه يتوقع أن تستمر إسرائيل في تنفيذ هذا الأسلوب. * خدمة كريستيان ساينس مونيتور - خاص ب الجزيرة»