الناس في سورياولبنان يتساءلون إذا ما كانوا سيصبحون هم الهدف التالي لأمريكا وإسرائيل في «الحرب على الإرهاب» بعد العراق. إن اتفاق كل من الأوربيين والشرق أوسطيين المعارضين للضربة الأمريكية التي يدعو لها الرئيس بوش لتغيير النظام في العراق ضد صدام حسين قد خلق نوعا من الجو غير الملائم للحرب في مناطق شرق البحر الأبيض المتوسط. وفي 24 أغسطس الماضي وصف وزير الإعلام السوري اتهامات الولاياتالمتحدة للعراق بتطوير أسلحة دمار شامل بأنها «سخيفة» كما اتهم الولاياتالمتحدة في المقابل بأنها تستهدف «كل الوطن العربي» والصقور المعارضين للعراق في واشنطن طالما اشتكوا من سورياولبنان زاعمين ان كلا الدولتين تؤويان جماعات مسلحة بالرغم من أنهما يظهران فعليا التعاون مع الولاياتالمتحدة ضد تنظيم القاعدة وكان المحررون في جريدة «البعث» السورية وفي مختلف وسائل الإعلام في الشرق الأوسط يقولون أن تلك الضوضاء التي تحدثها واشنطن تعني بأن إسرائيل التي تتلقى الدعم الكامل من الولاياتالمتحدة سوف تشن حربا «وقائية» ضد لبنانوسوريا ربما قبل أن تحدث أي ضربات أمريكية إسرائيلية على العراق. والهدف سوف يكون «تحييد» المعاقل القديمة للإيرانيين وجماعة حزب الله المسلحة المدعومة من سوريا والجيوب الفلسطينية المتبقية هناك. وهناك نظرة عامة متفق عليها بين العرب في الشرق الأوسط وهي أن إطاحة الولاياتالمتحدة بصدام حسين يأتي ضمن خطة لتقوية إسرائيل بخلق أنظمة موالية لهما في الشرق الأوسط بما في ذلك سورياولبنان مستقبلا. والمعلقون اللبنانيون يقولون أن الولاياتالمتحدة قد تقوم بممارسة ضغوط يعقبها حرب ضد العراق لإجبارالدول العربية الأخرى على اختيار إما دعم الضربات العسكرية الأمريكية أو مواجهة جام غضب البنتاجون بحجة أن تلك الدول المعارضة أصبحت تهدد المصالح الأمريكية الإسرائيلية المشتركة في الشرق الأوسط. ولكن الواقع كما هو مشاهد في لبنانوسوريا بعيد كل البعد عن وجهة نظر الصقور في واشنطن فمعظم اللبنانيين ينوون استعادة السياحة والاستثمار وعودة سلمية إلى الرخاء وإلى الديموقراطية الليبرالية النسبية التي تمتعت بها لبنان في السابق والرئيس اللبناني إيميل لحود وكبار المسئولين أدانوا هجمات 11 سبتمبر فهم وشريكتهم الكبرى «سوريا» قد ساعدا الولاياتالمتحدة في اعتقال واستجواب الأفراد الذين تربطهم علاقة بتنظيم القاعدة كما ساعدت في تجميد أصول «المتشددين»المشتبه فيهم. وقد انتقلت معسكرات تدريب «الفدائيين» من سهل البقاع اللبناني منذ فترة بعيدة إلى أفغانستان وتم تجميد بعض أصول المشتبه فيهم في البنوك اللبنانية. وفي أكتوبر الماضي قاومت قوات الأمن مخططات «المتشددين» في القيام بهجمات على سفارتي الولاياتالمتحدة وبريطانيا في بيروت. كما قامت سوريا بالقبض على أحد الأشخاص المشتبه فيهم بأنه من كوادر «القاعدة» وتسليمه إلى الأردن وقامت كذلك باستجواب أحد المطلوبين للولايات المتحدة.. وأكبر العوائق أمام واشنطن هو أن الحكومة اللبنانية تواصل دعمها لجماعة حزب الله وتعتبرها منظمة «مقاومة شرعية» فقد ساعدت في إخراج القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني المحطم في عام 2000م كما أنها تدير مدارس وملاجئ أيتام ونشاطات أخرى للرعاية ومؤسسات خيرية كما قامت بيروت رسميا بتجاهل العمليات«الإرهابية» المزعومة لحزب الله في أمريكا اللاتينية وبعض المناطق الأخرى في الخارج سواء تلك التي نفذتها جماعة حزب الله بمفردها أو تلك التي نفذتها بالتعاون مع تنظيم القاعدة. وتعاني سمعة الولاياتالمتحدة في الوقت الراهن من حالة تدنٍ جديدة في المنطقة بسبب الانحياز الأمريكي السافر لإسرائيل فإذا ما حدثت حرب أخرى في منطقةالشرق الأوسط فإن المصالح الثقافية الأمريكية في لبنانوسوريا مثل الجامعة الأمريكية العريقة في بيروت والتي عمرها 150 عاما والجامعة اللبنانيةالأمريكية وبرامج منحة «فولبرايت» سوف تتأثر «بالرغم من أن تلك المؤسسات كانت تحظى بشعبية كافية بين المواطنين واستطاعت البقاء حتى في ظل الصراعات السابقة». إن الموقف المتفجر يحتم على كل من واشنطن وإسرائيل أن تقوم بكبح جماح التلويح بالحرب وتجديد الجهود من أجل استئناف المفاوضات من أجل سلام شامل في كل المنطقة.