في ضوء الكراهية التاريخية لمنظمة حزب الله اللبناني من جانب المؤسسة العسكرية الأمريكية فإن حزب الله يمكن أن يكون الهدف التالي للحرب الأمريكية ضد ما تسميه أمريكا بالإرهاب بعد أن تفرغ الإدارة الأمريكية من صدام حسين في العراق. وبالنسبة إلى إسرائيل الحليف الأساسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط يمثل حزب الله تهديدا محتملا بالنسبة إلى الدولة العبرية، فحزب الله يمتلك وجودً عسكرياً مكثفاً في جنوبلبنان على الحدود مع إسرائيل. وقد أعد الجيش الإسرائيلي ملفا بعمليات حزب الله ضد إسرائيل خلال العامين الماضيين، ومن المتوقع أن تعلن إسرائيل هذا الملف بعد فترة قصيرة، وهو يشبه الملف الذي تحدثت عنه بالنسبة إلى علاقة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بالعمليات الفدائية الفلسطينية. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون قد عرض هذا الملف الخاص بحزب الله على المسؤولين الأمريكيين خلال زيارته أمريكا الأسبوع الماضي في بداية حملة دبلوماسية إسرائيلية ضد حزب الله. ويقول شارون أيضا إن سوريا تدعم حزب الله وإن هذا الدعم يمثل تهديدا للحدود الإسرائيلية. يقول الشيخ نبيل قاووق ممثل حزب الله في جنوبلبنان: عندما نعلم أن شارون حمل معه ملفا عن حزب الله إلى أمريكا نتأكد من قوة المقاومة اللبنانية في الجنوب وجدواها كخيار للعرب وللمقاومة. يقول بعض الدبلوماسيين في بيروت إن حزب الله سيظل كابوسا للوجود الصهيوني ويعتقدون أن المواجهة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي حتمية لأن إسرائيل لا يمكن أن تعيش في ظل وجود جماعة جيدة التسليح تهدد الأجزاء الشمالية منها، ولكن رغم الهجوم المستمر من جانب حزب الله على أهداف إسرائيلية اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي عدم الرد بقوة، ولكن هذا الموقف استثنائي في ظل إعداد أمريكا للتخلص من صدام حسين. وبمجرد أن تتخلص أمريكا من صدام حسين سيصبح حزب الله هدف المرحلة الثالثة من الحرب الأمريكية ضد ما تسميه الإرهاب، ولكن في ظل الموقف الحالي في أفغانستان وبعد نجاح أمريكا في اسقاط حكم طالبان وتدمير قواعد تنظيم القاعدة فإن خطر تنظيم القاعدة وقدرته على تهديد المصالح الأمريكية مازال قائما؛ لأن الأمر قد يتكرر في العراق بعد الإطاحة بصدام حسين حيث لا يوجد أي بديل قوي لنظام صدام حسين الحالي. يقول نزار حمزة أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت إن أمريكا لا يمكنها فتح ثلاث جبهات دون أن تتمكن من إنهاء جبهة واحدة منها على الأقل بشكل كامل، كما أنه لا يوجد أي دليل ملموس على علاقة حزب الله بأي أنشطة إرهابية دولية يمكن أن يقنع الدول الأوروبية والعربية بالتحالف مع أمريكا ضد الحزب، بل إن الاتحاد الأوروبي يقاوم بشدة الضغوط عليه لإضافة حزب الله إلى قائمة التنظيمات الإرهابية رغم أن هذا الموقف قد يتغير. ولكن مسؤول أمريكي بالشرق الأوسط يقول إن السؤال الآن هو كيف يمكن التعامل مع منظمة يتم اعتبارها «إرهابية» لكنها لم تستهدف المصالح الأمريكية مؤخرا، بالنسبة إلى الصقور في الإدارة الأمريكية فإن مسؤولية حزب الله عن العمليات الفدائية ضد القوات الأمريكية في لبنان في منتصف الثمانينيات مبرر كافٍ. ولكن إدوارد ووكر مدير معهد دراسات الشرق الأوسط بواشنطن ومساعد وزير الخارجية الأمريكية السابق يقول إنه لا يمكن إرسال قوات المارينز الأمريكية لضرب حزب الله من دون مبرر كما أنه غير واقعي. ويقول إن مثل هذه الخطوة ستدمر دور أمريكا كوسيط في عملية السلام في المنطقة كما أن ذلك سيجعل العرب يضعون أمريكا مع إسرائيل في سلة واحدة بنسبة مائة في المائة. كما أن البعض داخل أمريكا يرى أن مشكلة حزب الله هي مع إسرائيل وليست مع أمريكا كما أن الحزب شهد تغييرات مهمة خلال السنوات العشر الماضية، وعلى عكس تنظيم القاعدة فإن حزب الله منظمة متعددة الفصائل ومتداخلة في النسيج اللبناني بقوة، كما يتمتع بوجود مهم في البرلمان اللبناني ويدير شبكة واسعة من المؤسسات الخيرية والاجتماعية في المناطق الفقيرة بجنوبلبنان. يقول اغسطس ريتشارد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بوسطن إنه إذا أرادت إسرائيل شن هجوم كبير ضد حزب الله بدعم أمريكي فسيكون لهذا تأثيرات سلبية كثيرة بالنسبة إلى دور الولاياتالمتحدة في المنطقة. * «كريستيان ساينس مونيتور»