31 ديسمبر 1879م يوم طويل آخر من السير وها نحن في نهاية العام في مكان من أكثر اماكن العالم اقفارا، كان البرد شديداً جدا ليلة امس لدرجة ان جميع الجراد ميت، انه طريح في كل مكان، تأكله طيور الصحراء والقبرات والابالق. انحدرنا مرة أخرى الى القرار الرئيسي لوادي السرحان وهو لا يزال على نفس المستوى كما كان من قبل وهو هنا مسطح تقريبا ومغطى بأعذاق من اليهق وأعشاب أخرى وكلها مالحة المذاق والتربة سهلة التفتت وغير مكينة وبيضاء في أماكن بفعل ملح البارود (نترات البوتاسا)، ويصرح عواد الشراري انه توجد رمال متحركة (نقرة حضوضي) حرفيا (هاوية) في مكان ما مجاور حيث يسوخ أي شيء يمر عليها ويختفي دون ان يترك أثرا: رجال، جمال، وغزلان، غير أننا لم نر شيئا من هذا. سير مع خوف وحذر ولما سرنا محاذين حافة الوادي قابلنا فجأة بعض الغزلان التي قادتنا إلى أرض أعلى حيث وجدنا قفرا صخريا من نمط (الحرة) وبين الصخور رأينا ضبعا يمشي الهوينا ولم نحصل على شيء على أية حال لا عليه ولا على الغزلان وها نحن لا نزال من غير لحم ولم تحدث مصادفة أخرى حتى أتينا الى نخلة تقف وحيدة في مكان مكشوف (مكان يسمى وسيطا) وبالقرب منها يوجد نبع ساحر صغير بين جذور أيكة كثيفة من النخيل (مكان يدعى قدير) واتساع الفتحة حوالي ثلاثة اقدام وعمقها قدمان وعمق الماء فيها حوالي قدم واحد ويرتفع الماء من جديد بمجرد أن يؤخذ ولكنه لا يغيض قط، وتوجد آثار اقدام ضباع وغزلان حول المكان وهذا فيما افترض هو المكان الذي تأتي حيوانات الصحراء لتشرب، لأنه الماء الوحيد على السطح الذي رأيناه حتى الآن، ويسمى هذا النبع (معيصر) بقعة سارة حيث كنا نحب لو خيمنا ولكنه من الخطر دائما ان نقف بالقرب من ماء خوفا من يأتي ناس. ويقول عواد: ان هناك رواية عن مدينة أو قرية وجدت هنا في السالف ولكن ليس من خرائب ترى. والماء عذب وطيب كما يمكن أن يدرك من الحشرات التي تسبح فيه. إن العرب يميزون طيبة الماء بهذه الطريقة. لا شيء في الصحراء أكثر ريبة من الماء الكامل الصفاء خال من الحياة الحيوانية. في هدوء الليل: نحن الآن مخيمون تحت حرف منخفض مجوف في شكل كهوف كما لو كان يفعل الماء مغارات رئيسية للضباع وهناك مشهد جميل يشرف الى الخلف على تلال (مزمة) لعلها مرتفعة والليل هادي وبارد ولكننا لا نحب ان نضرم كثيرا من النيران خوفا من الاعداء. طعام قليل ولحم صيد أول يناير 1880م صقيع أسود ولكنه هادىء لقدغيرنا طريقنا وكان اتجهنا طول اليوم في اتجاه الجنوب تقريبا 25 ميلا بقدر ما نستطيع حساب ذلك بالتقريب وفي وسط وادي السرحان سهل مستوي من الرمل والحصى مع رواب من الرمل الابيض النقي هنا وهناك مغطاة بالغضا، خطتنا ان ننهض ونقلع خيامنا في اول ومضة للفجر ونشرب فنجان قوة ونأكل بسكويتا او بقسماطا (كعك). ثم نمشي حتى الثالثة او الرابعة بعد الظهر بدون توقف حتى ولو لحظة ونأكل ست تمرات وشيئا من القسماط ونحن نسير ثم وبمجرد وقوفنا وقبل ان نضرب الخيام نوقد نارا ونصنع قهوة تصبرنا حتى يكون العشاء معدا حوالي مغيب الشمس انه لمدهش كيف ان طعاما قليلا يمكن للمرء ان يعتمد عليه وهو مسافر. لم نتناول لحما مدة الأربعة ايام الماضية الى اليوم فقط مرق لحم بقري وبرغل وتمر مع بصل مشوي أحيانا أو دقيق مخلوط بمسحوق (الكاري) والزبدة يخبز في هيئة كعك (كليجا) وهذا الأخير طييب جدا وسهل الصنع، وعلى أية حال فاننا اليوم في رخاء حيث ان الكلاب طاردت أرنبا بريا فاصطدناه. والأرنب الصحراوي أكبر قليلا من الأرنب الكبير وهو كثير جدا لواحد ولا يكفي لاثنين غير ان محمد يتنازل بشهامة عن نصيبه ويقول انه يستطيع ان ينتظر. وهذه مقتطفات مختصرة من رحلة الكاتبة عبر النفود الى حائل حيث مرت على النبك ابو قصر وبئر الجراوي ثم تعرضت هي وزوجها ومرافقيها الى هجوم من غزو من الرولة ثم تركوا ما اخذوه منهم بسبب حماية ابن شعلان لهم ثم اوردت كلاما بعنوان ثناء على حسن معاملة أولئك الأعداء ثم مروهم في الحماد بين وادي السرحان والجوف ثم الوصول الى الجوف ثم القسم الثاني. وهذه بعض عناوينه حيث ذكرت ان حوض الجوف كان بحرا وشرح عن آبار الجوف وبساتينها ثم بنيان البلدة وسوقها ثم شرح عن السكان وبعض اخلاقهم ثم سكان بلاد الجوف وشرح عن الحيوانات في البلدة ثم دعوة لزيارة سكاكا وطريقة صنع القهوة وصناعات الجوف وقلعة (مخارد) ثم بين سكاكاوالجوف ومن ثم وصف بلدة سكاكا ثم في ضيافة آل عروج ثم مناخ بلاد الجوف وجوها ثم استعداد للسفر الى حائل عبر النفود حيث مرت في بلدة قارة احدى قرى الجوف ثم السفر من قارة ثم وصف جيولوجي للجوف وما حوله ثم عن النفود من بعيد وخصائص النفود الطبيعية ثم نبات النفود الغضا والارطي والحياة في النفود والمنخفضات في النفود وتعليل تجويفات النفود ومن ثم شرح عن خصائص بعض القبائل ثم حليب الابل ثم المرور على آبار الشقيق ثم حديث عن بنيه بن شعلان ثم مشاهدة حوار وجد في السفر وتوفير في الماء ثم راضي الدليل الجديد لهم ثم عظام وبقايا اجسام وفي طريق ابو زيد الهلالي وحكاية بني هلال ووعورة السير في النفود وحيوانات النفود وحشراته وبقر الوحش (المها) والاهتداء الى الطريق ومن قصص الدليل راضي وبارقة امل وفراشة تستحم في الطريق وشيخ النفود وهو العليم (جبل) والتل الاصفر هو ابنه وقارورة من رمل النفود والارطي والغضا وحديث عن رفاق الرحلة وآخر عن المطايا والابل واثمانها وخطر العواصف الرملية ومعالم واحة جبه وهذه تلال نجد والوصول الى جبه ومن ثم القسم الرابع وعناوينه. جبه القرية الجميلة الغربية ووصف البلدة وبنيانها وخلو نجد من الحشرات المؤذية وسكان البلدة واخلاقهم وفي ضيافة أمير جبه ومن ثم القرب من مدينة حائل ثم قالت: منظر رائع جبال وتلال تذكر باسبانيا ثم موقع مدينة حائل ثم سهرة ممتعة في رمال النفود وانواع من اللعب والوصول الى قنا وذكريات رائعة ثم اللقيطة والوقيد من قرى حائل ثم وصف مدينة حائل وتختم الكاتبة كتابها في القسم الاخير وهو عن الخيل وهو الفصل الثاني عشر تصف فيه الكاتبة مشاهداتها عن الخيل في نجد وموضوع الخيل كما ذكر في ذلك الوقت كان هو الدافع الأول للقيام بالرحلة. وقد انشأت الكاتبة اصطبلا (مزرعة) في لندن لتربية الخيول العربية لا يزال موجودا لدى احفادها وقد اوردت عناوين منها شيء عن تربية الخيل ومن انواع الخيل ووصف دقيق لاجسام الخيل والوان الخيل وعن خيل نجد وندرتها وقلة الكلأ في نجد وتمرين الخيل في نجد وسباق الخيل. والكاتب قيم ويستحق القراءة والاطلاع وهو من منشورات دار اليمامة.