أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    ورشة عمل لتسريع إستراتيجية القطاع التعاوني    إن لم تكن معي    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرحالة الأوروبيون جعلوا من آثارها مادة مهمة لمؤلفاتهم التاريخية
رفحاء الأراض الأولى التي تحتضن درب زبيدة التاريخي
نشر في الجزيرة يوم 22 - 12 - 2002

في حلقة اليوم نتناول بعض الآثار التي لا يزال لها بقايا في رفحاء وهي تدل على تاريخ قديم ازدهرت به المدينة في عصور مختلفة.
كما نتناول بشيء من الاختصار سمات الطبيعة في المدينة
الآثار
درب زبيدة: تحتضن محافظة رفحاء «شمال المملكة» الكثير من المواقع الأثرية والتي لا تزال تحتفظ ببعض معالمها الأساسية، وتعد المحافظة الأراض الأولى في المملكة العربية السعودية التي تحتضن هذا الدرب التاريخي المسمى درب زبيدة، وهو من الدروب المهمة التي تنقل الحجاج من بلاد العراق وما وراءها إلى الديار المقدسة، ويقطع هذا الدرب أراضي المحافظة من الشمال إلى الجنوب، وتنتشر على طوله الكثير من المواقع والمنشآت الأثرية من آبار وبرك وغيرها.
ويبلغ طول الدرب داخل المملكة 1400 كيل، وعرف الدرب قبل الإسلام باسم طريق الحيرة مكة، وينسب الدرب إلى السيدة زبيدة بنت جعفر الأكبر ابن أبي جعفر المنصور زوج هارون الرشيد الخليفة العباسي وقد اهتمت السيدة زبيدة بالدرب اهتماماً بالغاً لخدمة وراحة الفقراء والمحتاجين من الحجاج. وقد شهد هذا الأثر المهم الكثير من زيارات عدد من الرحالة الأوروبيين الذين دوّنوا ملاحظاتهم في عدد من المؤلفات والكتب التي ألفوها من أمثال الرحالة الفنلندي جورج فالين «1845م 1848م»، والسيدة الليدي بلنت وزوجها ويلفرد «1878م» والرحالة هوبر، والرحالة ليشمان، كما تطرق إلى الدرب في عدد من المؤلفات عدد من الرحالة الأوروبيين أمثال بيرتون، دوتي، ألويس موزل..منازل الدرب في رفحاء: تبدأ منازله في رفحاء بدءاً من بركة الظفيري شمالاً حتى بركة العرائس جنوباً بالتتابع.
1 بركة الظفيري: تقع على مقربة من حدود المملكة مع العرقا «شمال رفحاء»، وتقع في منطقة سهلية تسمى الظفيري وتحيط بها بعض الكثبان الرملية، وتخترقها الشعاب الصغيرة التي تنحدر حتى تصب في هذه البركة الأثرية حتى يدخل الماء عبر مصفاة إلى البركة، ويوجد جنوب البركة بقايا لمبنى حجر مستطيل الشكل، وقد زارها الرحالة هوبر ووصفها بأنها جميلة، وكذلك الرحالة موسل زارها وهي مغطاة بالطمي حتى نصفها.
2 بركة العمياء: تقع شمال رفحاء بين الظفيري وبرك القاع، وتضاريس منطقتها وعرة وتكثر حولها التلال، وشكل البركة مربع، ويوجد حولها أطلال مبانٍ، زارها الرحالة موزيل وذكر أنها كبيرة الحجم.
3 برك القاع: تقع شمال شرقي رفحاء إلى الشماء من بركة الثليماء التي تبعد عنها 17 كيلا، وتقع بركة القاع في منطقة تقذة الحمرة، وهي مستودعان للمياه على شكل مربع، وقد غطت الرمال معظم هذه البركة، وتوجد حول البرك أثار مهدمة لقصر أو حصن، ووصفها الحربي في كتاب «المناسك» فقال: «بها قلعة ومسجدان وقصر وهو أحصن منازل الطريق بناء وبه أربع برك».
4 الثليماء «الهيثم»: شمال شرقي رفحاء، وتبعد عنها بحوالي 17 كيلاً، وهي الى الشمال من بركة الجميماء بحوالي الكيلين، وهي بركة دائرية الشكل حفرت في منطقة منخفضة محاطة بالتلال من جميع الجهات، ويوجد حولها آثار لبقايا منازل قديمة، وأماكن الاستراحة التابعة للمحطة التي أنشأت البركة من أجلها.
5 الجميماء «الجريسي»: شرق رفحاء وتبعد عنها بحوالي 11 كيلا، وتشمل الجميماء بركة بجوارها بئر من جهة الشرق، وبقايا لقصر قديم، وما زالت تحتفظ بمعالمها الى الآن، وفي وسطها الشرقي «دَرَبع» يحتوي على إحدى عشرة درجة، وقد زار البركة عدد من الرحالة الأوروبيين مثل الليدي بلنت، والرحالة هوبر والرحالة ليشمان، ويعد الرحالة الأوروبي لويس موسل آخر الرحالة الذين زاروا البركة عام 1915م.
6 زبالة: إحدى المحطات الأساسية على الدرب جنوب رفحاء بحوالي 25 كلم، ويوجد بها الكثير من البرك والآبار، وكثير منها يحتفظ بشكله الأساسي ويستفيد الأهالي والبادية من هذه الآبار، ومن الآثار الموجودة في زبالة أطلال قصر «حصن» زبالة الذي تقادم ولم يبق منه إلا جدرانه.
7 بركة الشاحوف «الرضم»: وتقع جنوب رفحاء بحوالي 30 كيلاً، وعدد من البرك والأطلال ردمتها الرمال ولم يتبق منها إلا البركة الدائرية الشكل. وكان بالقرب منها مسجد ومصفاة وقباب خلفها كما ذكر الحربي في كتاب المناسك.
8 بركة أم العصافير: وتقع جنوب رفحاء بحوالي 50 كيلا الى الجنوب من زبالة وقد ردمتها الرمال وغطتها الأشجار فلم تعد واضحة المعالم، وتبدد بقاياها على شكل مربع ويلاحظ وجود آثار منزل قديم، والى الجنوب من البركة يقع أحد أعلام طريق الحج.
9 الشيحيّات «الشقوق»: جنوب رفحاء الى الجنوب من زبالة، واشتق اسمها من نبات الشيح الذي يكثر حولها، كما تكثر حولها الكثير من البرك والآبار وفي الأماكن المرتفعة أقيمت المنازل والقصور التي تهدمت ولم يبق منها سوى بعض الحجارة، أما البرك فقد ردم بعضها وغطتها الرمال.
وقد زارها الكثير من الرحالة الأوروبيين وأشادوا بأسلوب بنائها وخصوصاً البرك الدائرية والمربعة..
10 خنيفس الشمالي والجنوبي: تقع جنوب رفحاء على الطريق بين الشيحيّات والحمراء، وهي مواقع صغيرة تقع على شعيب خنيفس، وهي مبان وآبار قد اندثر أغلبها، ويوجد شمال حنيفس الشمالي قصر للسيدة زبيدة.
11 بركة الحمراء «الرسمية»: تقع جنوب رفحاء وجنوب الشيحيات بحوالي 16 كيلاً، وقد بنيت هذه البركة بمكان منخفض في منطقة جرداء نوعاً ما، وقد غمرتها الرمال، ويوجد لهذه البركة مصب يسمح بمرور الماء خلاله، وعلى الطريق بركة زبيدية وقباب ومسجد يدعى الرستمية.
12 بركة حمد: تقع جنوب رفحاء، والى الجنوب من بركة الحمراء بحوالي 13 كيلا، وهي بين صحراء الدهناء وصحراء النفود، وقد تعرضت البركة للإصلاح من قبل وزارة الزراعة والمياه عام 1393ه، كي يستخدمها أهل البادية، وتوجد بالقرب منها بقايا أساسات جدارية لمنازل واستراحات قديمة.
13 العشّار «البطان»: موقع العشار الى الجنوب من رفحاء والى الجنوب الغربي من قرية لنية «105 كم من رفحاء»، وموقعها في كثبان رملية في صحراء النفود الكبير «نفود الدغم»، ويوجد هناك الكثير من البرك وبقايا الأثار لبقايا قصور ومنازل سكنية وأسواق.
14 العرائش «المهلبية/ التناهي»: تقع جنوب رفحاء والى الجنوب الغربي من العشار التي تبعد عنها بحوالي 20 كيلا، وتضم العرائش أربعة مواضع هي العرائش الشمالي، العرائش الأوسط، والجنوبي، ويوجد بهذه المواقع الكثير من البرك وبقايا المنازل.
ويلي العرائش بركة البدع «الثعلبية» وبهذا تكون البرك قد جاوزت حدود محافظة رفحاء وصولاً الى الديار المقدسة مروراً بالكثير من مناطق المملكة.
آثار قرية لينة
تقع لينة جنوب رفحاء بحوالي «105 كم» ، ويعود تاريخها الى عهد سيدنا سليمان عليه السلام، وهذا ما أورده الشيخ حمد الجاسر عندما قرأ في ديوان شعر مضرس الأسدي الذي قال:
لمن الديار غشيتها بالأثمد
بصفاء لينة كالحمام الركد؟
أمست مساكن كل بيض راعة
عجل تروحها إن لم تطرد
صفراء عارية الخادع رأسها
مثل المدق وأنقها كالمسرد
أتخال ساجية العيون خاذل
ماء لينة كالنصارى السجد
وفي تفسير هذا الشعر قال: لينة ماء لبني غاضرة، ويقال ان شياطين سليمان احتفروها، وذلك انه خرج من بيت المقدس يريد اليمن فتغدى بلينة، وهي أرض خشنة، فعطش الناس وعز عليهم الماء، فضحك شيطان كان واقفاً على رأسه فقال له سليمان «عليه السلام»: ما الذي يضحكك؟ فقال: أضحك لعطش الناس وهم على لجة البحر، فأمرهم سليمان فضربوا بعصيهم فانبطوا الماء، وجاء في كتاب العرب للأصفهاني «لنية ماء لبني غاضرة من أسد، بينها وبين زبالة ليلة، وهي ماء عظيمة من أعظم المياه لبني أسد أكثرها أقواها وأعظمها نطفة، وأغزرها جماً وأوسعها إعطاءاً، وعليها قباباً مبنية كثيرة ..
وكانت لينة تعرق بالماء العذب في آبارها التي تصل الى 300 بئر، وقد تغنى الكثير من الشعراء بطيب مائها فقال زهير:
كأن وتيقها بعد الكرى اغتبقت
من طيب السراح لما يعد أن عتقا
سج السقاة عن ناجودها شيما
من ماء لينة لا طرقاً ولا رتقا
وأورد الحموي في معجم البلدان:
تزوجت امرأة من بني عبس في بني أسد ونقلها زوجها الى ماء لهم يقال له لينة، وهو موصوف بالعذوبة والطيب وكان زوجها عنيناً ففركته واجتوت الماء فاختلعت منه وتزوجها رجل من أهل بقعا فأرضاها فقالت:
ومن يهدي لي من ماء بقعاء شربة
فإن له من ماء لينة أربعا
لقد زادنا وجداً ببقعاء أننا
وجدنا مطايانا بلينة ضلعا
فمن مبلغ تربى بالرمل أنني
بكيت فلم أترك لعيني مدمعا
وأنشد الهجري لمريزيق القشيري:
أيا أضلع الماء اللواتي بلينة
سقيتن من صوب الغمام اللوامح
وقال المنقري في كتاب الحيوان:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة
بأسفل واد ليس فيه آذان ؟
الى أن قال:
وهل أشربن من ماء لينة شربة
على عطش من طور أم أبان ؟
وتمثل قرية لينة في الماضي القريب حاضرة المنطقة، فهي من مواضع الاستقرار في البادية لتوفر المياه في آبارها ويوجد بها سوق ومركز للتبادل التجاري بين تجار المنطقة وتجار نجد والعراق، المسمين بالعقيلات الذين كانوا يمونون السوق بمختلفة البضائع التي يجلبونها معهم من البلاد المجاورة، فكانت بهذا السوق تتم مقايضة السلع بين أهالي البادية وأهالي لينة وتجار العراق الذين أنشأوا مخازن لهم في لينة لتخزين الغذاء يسمونها «بالسيابيط».
وتعد لينة مركزاً لتصدير السلع الى نجد بحكم وقوعها على درب تجاري مهم بين نجد والعراق، وظل السوق مستعملا حتى وقت قريب، ويرى زائر لينة أطلال هذه السوق المتمثلة بالدكاكين المبنية من الطين والمظلات المصنوعة من سعف النخيل المستندة إلى أعمدة كبيرة.
كما يوجد وسط القرية شاهد تاريخي يبين عراقة الماضي وأصالة الحاضر، ذلك هو قصر الإدارة الذي تم إنشاؤه بعد توحيد المملكة في عام 1354ه، ليكون مقراً لإمارة المنطقة في السابق من قبل الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الذي وحد أطراف مملكتنا الغالية، وتتضح سنة تأسيسة من بعض الكتابات التاريخية بداخله. وتبلغ مساحة هذا القصر أكثر من 1000 م2 وبني من الطين واللبن والحجارة، ويحتوي سور القصر على أربعة أبراج دائرية الشكل في أركانه الأربعة تستخدم للحراسة والمراقبة، ويتوسط القصر بوابة كبيرة مصنوعة من الخشب أما داخله فقد قسم الى غرف خاصة لسكن الأمير وأسرته، وغرف خاصة للضيافة واستقبال العامة، ويوجد مسجد سقفه من سعف النخيل، كما يوجد في القصر أيضا بئر قديمة يبدو ان القصر بني في هذا الموضع ليحتويها وتقع في ركنه الشمالي الغربي كما يوجد فيه مكان مخصص لخيل الأمير وفي وسطه فناء واسع تطل عليه معظم الغرف.
آثار قرية زُبالا
تقع زبالا جنوب رفحاء بحوالي 25 كيلا، وكانت في الماضي تمثل حاضرة المنطقة مثل قرية لينة، وذلك لوجود آبار وبرك للمياه في أراضيها التي ينهل منها أهل البادية للشرب وسقيا مواشيهم، كما كانت مركزاً للتبادل التجاري في السابق لوقوعها على طرق تجارية مهمة بين نجد والعراق حيث كانت محط القوافل التجارية المارة بها.
وزبالا «أو زُبالة» إحدى المحطات الأساسية على درب زبيدة، وقد وصلت القرية الى أوج ازدهارها في العصر العباسي المبكر، وتوجد بها الكثير من البرك والآبار المنتشرة في منخفض زبالة الجامع للمياه، وتوجد ثلاثة خزانات «برك» للمياه، رممتها وزارة الزراعة والمياه يستفيد منها الأهالي، وقد اختفت بركة منها بسبب الطين الذي ردمها وقت السيول، أما البركة الثالثة فعلى رغم تعرضها للانهدام والخراب عبر السنين إلا أنه يمكن ملاحظة بعض جوانبها.
وفي القرية الكثير من الآبار المنتشرة في وادي زُبالة «أكثر من 350 بئراً» معظمها اندفن.. ومن الآثار الباقية في القرية أطلال قصر أو حصن زبالة، وكان في زبالة مسجد يقال ان الحسين بن علي رضي الله عنه صلى فيه.
وقد ذكر العلامة حمد الجاسر رحمه الله قرية زبالة في المعجم الجغرافي للبلاد السعودية فقال: «زبالة بضم الزاي وفتح الباء بعدها». وأورد صاحب المناسك: أن زبالة لبني غاضرة من بني أسد وذكر سبب تسميتها بأن الذي حفرها يدعى زُبالة بن الحارث من العماليق أو أنها سميت نسبة الى زبالة بنت مسعود من العماليق نزلت بموضعها.
وقد احتفظت زُبَالة باسمها القديم حتى الوقت الحاضر، وتدل آثارها الباقية عن قيام مدينة إسلامية كبيرة الحجم سابقاً، وقد وصفها الكثير من الجغرافيين المسلمين بأنها كثيرة المياه وقال ابن رستة: «هي قرية عظيمة عامرة بها أسواق، وماؤها كثير ومستنقع في وادٍ يوجد به الماء في الشتاء والصيف». وقال الحموي: «... زبالة منزل معروف بطريق مكة الى الكوفة، وهي قرية عامرة بها أسواق..». وقد ورد ذكر زبالة في كتاب «بلاد العرب» للأصفهاني، حيث قال: «زبالة سوق عظيمة من أسواق طريق الكوفة، وهي ماء لبني أسد وبها قصر وبناء للسلطان».
كما ذكرها الكثير من الشعراء. قال أحمد بن عمرو في ارجوزته التي يصف فيها درب الحج:
ثم نزلنا بعده زبالة
منزل صدقٍ يونق النزالة
وترتع في خصبه الرحالة
وبيننا مخطومة طواله
وقال آخر:
ألا هل الى نجد وماء بقاعها
سبيل وأرواح بها عطرات
وهل الى تلك المنازل عودة
على مثل تلك الحال قبل ممات
فاشرب من ماء الزلال وأرتوي
وأرعى مع الغزلان في الفلوات
وألصق أحشائي برمل زبالة
وآنس بالظلماء والظبيات
وتحتوي زبالة على علامات طريق الحج وهي حجارة مرجومة فوق بعضها البعض بارتفاع تصل الى أكثر من 3 أمتار، كان يستدل بها الحجاج في السابق على طريقهم، وتقع هذه الأعلام في جهة الشمال الشرقي من زبالة بحوالي 5 ،1 كيل في مكان مرتفع نسبياً، وهناك آخر جنوب غرب زبالة وقد انهارت مع مرور السنين وقد بنت هذه الأعلام الخيزران «أم هارون الرشيدة».
وزبالة الآن قرية صغيرة وصلتها يد النماء من قبل حكومتنا الرشيدة وفيها الكثير من الإدارات الحكومية وبعض الخدمات الأساسية وما زالت تنتظر المزيد.
آثار قرية لوقة
تقع لوقة جنوب غربي محافظة رفحاء وتبعد عنها بحوالي 100كم، وتمثل لوقة سابقاً حاضرة المنطقة، وفيها استوطن كثير من الأهالي لتوافر الماء في آبارها، كما كانت تمثل مركزاً للتبادل التجاري ومقابضة السلع بين أهالي البادية والتجار القادمين من بلاد الشام والعراق ونجد لوقوعها على طريق تجاري مهم، ويوجد بها أطلال قصر الإمارة، وقد سقط القصر بتاريخ 1418ه جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت عليه وأجهزته تماماً فلم يتبق منه سوى الحجارة التي تدل على موضعه، وتعكف وكالة الآثار حالياً على إعادة بنائه والاهتمام به.ويروي كبار السن من سكان لوقة انها قامت في عهد سيدنا سليمان «عليه السلام»، وقد قال أحد الشعراء في ذلك:
يا لوقة الهوجا زمانك زهالك
من وقت ابن داود ما قبل شايبه
سليمان بن داود حفر جبايبك
سقى منك جمعة وأروى ركايبه
ويتبع لوقة من موارد المياه: الهبكة، والهبيكة، الروض، الركعاء، المندسة، وموارد الحياة فيها أكثر من 300 بئر، تقع في منخفض معروف، ويصل عمق بعض الآبار الى 30م محفورة بالصخر، ولا يزال أهالي البادية يردون هذه الآبار وينهلون من مائها للشرب وسقيا مواشيهم. وقد علل البعض من السكان سبب تسمية لوقة بهذا الاسم لأنها لائقة ومحببة لدى البادية لتوافر المياه بها، كونها أحد منازل الحزون، فكانت لوقة من حزون بن كلب قديماً، وورد في كتاب المنجد الأبجدي من تعريفاتها أن اللوقة هي الزبدة وإصلاح الطعام بالزبدة وكل شيء لين من طعام وغيره ..
الحياة الفطرية ..
على رغم وقوعها ضمن النطاق الصحراوي إلا أن محافظة رفحاء عقب هطول الأمطار تتمتع بمناظر خلابة للنباتات الحولية، المنتشرة على شكل بساط أخضر تزينه ألوان الزهور الزاهية ذات الروائح العطرية الفواحة التي تجتذب سنوياً الكثير من المتنزهين وهواة البر والرحلات الخلوية، كما تجتذب هذه النباتات أنواعاً من الطيور المهاجرة أو العابرة التي تلجأ الى أغصان الأشجار والأعشاب الصحراوية كحماية من أعين الصيادين.
وطبيعة المنطقة عموماً تتنوع بيولوجياً لتغيرات سطح التربة، فكلما تجمعت الأمطار أصبح الغطاء النباتي أكثف وأقوى منه في الأماكن الأخرى. وتكثر في مجاري الأودية نباتات أهمها السدر وهو من النوع الضال وله شوك ورائحته طيبة يستظل به الإنسان والحيوان، كما تكثر أشجار الأثل والطرفاء والطلح حول بعض الأودية، كما تنتشر الشجيرات والحشائش ومنها القيصوم، الروثة، القتاد، الرمث، نبات الرغل، العاقول الشوكي، الشيح، الحنظل، النفل، الخزامى، العصنصل، السعدان والأرطى والغض اللتان تستخدمان كوقود، كما تكثر نبات الطيطان والربحلاء والخبيثر والأقحوان والقيلقلان والجعدة والقريطا والصمعاء والنصي والصفار والربلة والبسباس والشفلح والعاذر والحميض .. وغيرها، وتشكل هذه النباتات من أعشاب وحشائش مراعي ممتازة، تجد فيها الحيوانات مرتعاً خصباً طوال موسم نموها.
نبات الكمأ «الفقع: من أشهر النباتات التي تنمو في المنطقة، ويقدر الأهالي قيمته جيدا، ويعقدون له سوقاً تشهد ازدحاماً موسمياً، والكمأ نبات فطري له منزلة خاصة في نفوسهم، حيث يخرجون الى الصحاري بحثاً عنه، ويدربون صغارهم على اكتشافه والبحث عنه، حيث تتفقع القشرة العلوية الرقيقة من التربة، وفور ابصارها تتجه الأيدي لها في فرحة غامرة ثم يخرجونها ويضعونها في أكياس أو «كراتين». وللكمأ نكهة خاصة لا يعرفها إلا من تذوقها.ويظهر الكمأ بإذن الله بعد هطول الأمطار في موسم الوسم «16 أكتوبر 6 ديسمبر» ففي هذه الفترة تكون الرياح خفيفة نسبياً ومتغيرة الاتجاه، وغالبا ما تكون مصحوبة بعواصف رعدية وهذه الظروف تنبت الكمأ بإذن الله.
والكمأ مرتبط بنبات الرقروق «الجريّد» وهناك علاقة تكافلية بينهما، وللفقع أنواع مختلفة مثل الزبيدي وهو أكبر الأنواع ولونه أبيض، وهناك الخلاسي «الغلاسي» ولونه يميل الى الحمرة الضاربة الى السواد، وهناك الكمأ وهو ذو حجم صغير ولونه أسود تقريباً .وللكمأ فوائد علاجية حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الكمأ من المن، وماؤها شفاء للعين». رواه البخاري.
الطيور: تعد رفحاء محطة استراحة لعدد من الطيور المهاجرة الشهيرة، كما انها موطن لبعض الطيور الأخرى مثل الجوارح «العقاب، الباشق، الرخمة، أبو حقب، الغراب، النسر ...».
أما أشهر الطيور المهاجرة التي تمر سنوياً على رياض رفحاء فتحط رحالها وسط المياه العذبة والزهور البرية الزاهية فمن أشهرها الصقور بأنواعها، كما تزور المحافظة أسراب القطاء والكردي وطيور الحبارى وطائر القميري الذي يحتل شهرة كبيرة لكثرة محبيه.كما تكثر أنواع أخرى من الطيور المحلية مثل الهدهد، والبوم، والطيور الصغيرة «الدخل، أم سالم، الحمرة، الصقوة، الرقيعي، الحضاري، والصفارى ».
الحيوان:كانت المحافظة تعج بالحيوانات البرية الكثيرة، ومنها ما انقرض بسبب جور الصيادين، ومنها ما تناقص بسبب ظروف أخرى أهمها الصيد الجائر. ومن أشهر حيوانات رفحاء والمنطقة عموماً الأرانب البرية التي بدأت تتلاشى لكثرة صيدها، وهناك الجربوع «اليربوع» وله أيدٍ قصيرة وأرجل طويلة وله ذيل ناعم به ريشة بيضاء، ويعيش في حفرة تحت الأرض، وهناك القنافذ وهي حيوانات صغيرة الجسم لها شوك يغطي أجسامها لتحمي نفسها من الخطر. وهناك أيضا النيص وهو صغير الجسم طويل الأنف يكسو جسمه الشوك وله مخالب وأظافر. ويكثر الضب كأحد الحيوانات الشهيرة..ومن أشهر حيوانات المنطقة الذئاب والضباع والشيب وهي حيوانات مهددة بالانقراض، وهي حيوانات مفترسة تهاجم الأغنام وتفتك بها، وهناك أيضا الثعلب والقط الرملي، ومن الحيوانات البرية المنقرضة بالمنطقة النعام والغزلان والمها العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.