«المحاورة.. أو الرد» موروث شعري وفن فلكلوري قديم يتحاور فيه شاعران ومعهما صفان متقابلان يرددان أبيات الشاعرين أمام جمع من متذوقي هذا النوع الشعري وفي هذه المحاورات قوة المعنى وسرعة صياغة الأبيات حسب الوزن والقافية التي وسمت عليه المحاورة. وفي أوائل العقد الأول من الأربعمائة وألف للهجرة بدأ العصر الذهبي والمجد للمحاورة برعاية خاصة من سمو الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز حيث أولاها كبير اهتمامه وأعطاها القوة والنهوض في أهم عناصرها سواء من قوة الشعراء أو من جمالية رائعة في الصفوف أو ما يسمون بالشيالة.. ولعل ليالي المغترة 1405 - 1407ه خير شاهد على جمالية روائع المحاورات التي تندر ان تتكرر. حيث دارت هذه المحاورات بين عمالقة الشعر في مجال الرد أمثال رائد الشعر الشعبي وأستاذ شعر المحاورة أحمد الناصر الشايع متعه الله بالصحة والعافية وشاعر الوطن خلف بن هذال العتيبي والشاعر القدير صياف بن عواد الحربي شفاه الله ومستور العصيمي ومطلق الثبيتي رحمه الله وجارالله السواط والمعنى البقمي وفيصل بن منصور الرياحي البقمي ومحمد بن جرشان ورشيد الزلامي ومحمد الأحمد الناصر الشايع وغيرهم من الشعراء.. ليالي لا تنسى في سجل المحاورة الحافل مع مجموعة من أفراد الشيالة الصفوف الذين زادوا من جمالية الشعراء من حيث جمالية الأداء والتناسق. وبعد حالة جمود استمرت طويلاً عاد الأمير فيصل بن خالد ليعيد توهجها ويؤصل مجدها عام 1421ه في منتصف ذلك العام وأواخره وبمجموعة جميلة تجمع جيل المحاورة الرائع المعروف الشايع وخلف ومستور والرياحي والزلامي والشعراء المرموقين الصاعدين في سماء المحاورة أمثال العازمي والهاجري والقرقاح وغيرهم. جميل من الأمير فيصل بن خالد ذلك الدعم والعطاء المتواصل للنهوض بالمحاورة، انه توثيق وتأريخ يسجله هذا الأمير المتواضع لشعر المحاورة وتقدير لشعراء الرد وشموخها الذي لا يكون إلا في ضيافة فيصل بن خالد. ولنعيش في ذلك العصر الزاهر لشعر المحاورة أسجل لكم هنا جانباً من لقاءات عمالقة الشعر في حلبات المغترة أعوام 1406 1407ه. محاورة جمعت أحمد الناصر الشايع مع خلف العتيبي: - أحمد يا سلامي سلام له وجاه وجاه ردة قلتها والناس توحيها يا خلف كل بيت جودوا مبناه والسوالف تشجعها معانيها خلف: مرحبا وابتداك الليل واخذ أتلاه والليالي تجددها وتحييها يا أحمد الناصر الساري على مسراه وأبحث النار وأقبسها وأطفيها أحمد: كل طرقي مع الطرقة يحسب خطاه وانتبه لاول الطرقة وتاليها صاحبي صاحبي يلام على رضاه ودي أضحك عيونه ثم أبكيها خلف: كل طرقي يسير وتطلعه يمناه والرعية تعيد لحظ راعيها كان ترقى المناير حط لك مرقاه لا توهق على الدنيا وتخطيها ومن محاورات المغترة الجميلة عام 1406ه التي جرت بين الثبيتي رحمه الله والحربي شفاه الله: مطلق: هلا يامرحبا عند من هو يكرم الضيف وانا شاعر وارحب وأهلي بالنيابة يدر المخ في الراس وتزين السواليف ليا صياف جاني وساترته ثيابه صياف: لعل ابك البقا وانت رجال المواقيف ثبيتي يجيب الخبر بأول شبابه بعد فرقت بين المخاليف المواليف أظن العلم عرض له الذيب وسرى به مطلق: أنا عارفك ملقوف من عرض الملاقيف ولا عاد لك ميقاف في فزعة شبابه صياف: علشانك تصرفت وأكثرت التصاريف واثر حظ الثبيتي مثل عود الربابه هبوب الريح تومي بكم روس المشاريف وانا مربي ولا همني كثر الحرابه مطلق: ليا كثرت فروجك وكثرت الغطاريف يبا يقرصك دابٍ يدز السم نابه تلك هي قلائل من كثير من روائع المحاورات المؤرخة حفظاً وتسجيلاً صوتياً ومرئياً ومقروءاً لليالي المغترة ومحاورات سدير التي أقيمت في إحدى الرياض الربيعية قرب مدينة تمير (عروس الربيع في سدير) وغيرها من ليالي المحاورة المأنوسة في ضيافة الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز رائد المحاورة وأحد أبرز رموز رياضة الفروسية في السعودية والله الموفق.