مررنا في الأسبوع الماضي بتجربة حزن كبيرة، فكان لابد من وقفة حب وتضامن مع أميرنا الكريم سلمان بن عبدالعزيز وأبنائه الكرام، والعودة للكتابة بعد هذا الفاصل الفاجع يحتاج الى جهد كبير ولكننا نحمد الله على نعمة الايمان التي تسندنا عند المصائب. لا أعرف من أين أبدأ العودة للكتابة مرة أخرى خصوصا انني سوف أتوقف بعد أيام قليلة لآخذ قسطاً من الراحة بعد مجالدة العمل عاما كاملا. آخر مقال كتبته قبل التوقف كان عن لجوء وزير الصحة للعلاج بالخارج، نصحت فيه الاخوة في وزارة الصحة بإصدار بيان يفسر الأسباب والدواعي التي فرضت على وزير الصحة ان يترك العلاج بداخل بلاده ويلجأ للمستشفيات الأجنبية بحثا عن العافية، لا أعرف هل سيأخذ الاخوة في وزارة الصحة بنصيحتي أم لا، ورغم أني أرى أن من مصلحة وزارة الصحة إصدار مثل هذا البيان لأني على ثقة ان هناك تفسيرا منطقيا لما حدث، لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يلجأ وزير صحة في أي بلد من البلدان الى العلاج في الخارج إذا لم تتوفر شروط قاهرة تفرض عليه مثل هذا التصرف. ما كنت سأعود الى هذا الموضوع مرة أخرى، خصوصا انه لم يمر على مقالي أكثر من أسبوع وربما كانت وزارة الصحة بصدد اعداد هذا البيان التفسيري، فبيان مثل هذا لابد أن يكون دقيقا وحساسا ولابد من كتابته بتأن كبير لأن من واجبه ان يعيد ثقة المواطنين في مؤسساتهم الصحية، لكن الظروف تغيرت قليلا عندما مررت نهاية الأسبوع الماضي من جانب مجمع الرياض الطبي «مستشفى الشميسي» وعادت بي الذكريات لأكثر من ربع قرن من الزمان عندما نقلنا والدي رحمه الله الى هذا المستشفى بعد تعرضه لأزمة قلبية، كان يمكن بعد قدرة الله ان يتم انقاذ والدي بسهولة لو ان ذلك الزمان توفر على جهاز قسطرة، فهذا الجهاز أصبح من مستلزمات الطب الحديث ولابد ان يتوفر في أي مستشفى كبير، ومستشفى الشميسي هو أكبر وأعرق مستشفى في المملكة العربية السعودية، وهو الملجأ الوحيد لمعظم فقراء الرياض وضواحيها، وهو أيضا أكبر مستقبل للطوارئ في مدينة الرياض. صحيح ان مبانيه أدركها الهرم وموقعه أصبح عالة عليه كما ان نسبة تزايد أعداد المحتاجين لخدماته تفوق سرعة تطوره واستجابته، ولكن هذا لن يوقف الفقراء من اللجوء اليه لسبب بسيط وهو أنهم فقراء ولا يملكون ما يدفعونه للمستشفيات الأهلية، ولأنهم فقراء أيضاً فلن يحصلوا على ورقة تحولهم الى المستشفيات الحكومية الفاخرة، وبالتالي يكون من واجب وزارة الصحة ان تؤمن لهذا المستشفى كل الأجهزة والمعدات التي تكفل حق الفقير في الحد الأدنى من العلاج الحديث، ولكن هذا لم يحدث، فلو ان والدي أدخل هذه الأيام مستشفى الشميسي لتلقي نفس العلاج الذي تلقاه قبل ربع قرن من الزمان، مجرد أن ينام هادئا وساكنا على السرير حتى تمر الأزمة أو تغادر الروح، لا يمكن ان أتصور في أي لحظة من اللحظات ان مستشفى الشميسي يخلو من جهاز قسطرة، كنت أتصور دائما ان مستشفى الشميسي «مخابر وليس مظاهر»، أي ان شكله الخارجي لا يعبر عن حقيقة مستواه الطبي، فهو كما نرى نحن عيال الرياض يمثل الرمز الحقيقي لعراقة الخدمات الطبية في مدينتنا، على أي حال هناك من يؤكد خلو مستشفى الشميسي من جهاز قسطرة، أنا شخصيا لا أصدق مثل هذا الكلام أو بعبارة أدق لا أريد أن أصدق مثل هذا الكلام، لا يمكن ان أسمح لخيالي ان يقرن بين المظهر الهرم لهذا المستشفى وبين حقيقة ما يدور فيه، لذا أرجو من وزارة الصحة اصدار بيان توضيحي حول حقيقة خلو مستشفى الشميسي من جهاز قسطرة، ولكن بعد اصدار البيان التفسيري لعلاج معالي الوزير في الخارج، أو من الممكن دمج البيانين في بيان واحد، لأنه إذا ثبت ان مستشفى الشميسي يخلو من جهاز قسطرة فمن حق أي مريض قادر ان يبحث عن العلاج خارج المملكة، والباقي من واجبه ان يموت، كما مات والدي قبل ربع قرن، هادئا وساكنا على السرير. فاكس: 4702164