أذهلني هذا الخبر لذا دعوني أورده لكم اولا, ففي تقرير بثته وكالة انباء رويترز في التاسع والعشرين من شهر رمضان المبارك الماضي اشارت الوكالة الى قرار للحكومة الصينية يحظر استخدام نظام النوافذ 2000 في جميع الدوائر الحكومية الصينية في رهان على دعم صناعة البرامج محليا طبقا لصحيفة يانغ تشينغ المسائية الرسمية وسيوفر هذا القرار مليارات الدولارات للحكومة الصينية, واشار مصدر مسؤول الى انه لن تستثنى اي دائرة او مرفق حكومي لاستخدام نوافذ مايكروسوفت على أجهزتها والبديل الذي قدمته الحكومة حاليا هو نظام لينوكس ذو الراية الحمراء Red Flag-Linux وهي نسخة طورها الباحثون الصينيون من نظام لينوكس المعروف, واضافت الصحيفة بأن فطام الصين من الاعتماد على برامج مايكروسوفت سيماثل في اهميته ما أنجزته الصين بتوصلها الى القنبلة النووية واطلاق أول صواريخها بعيدة المدى واول اقمارها الصناعية واكد مصدر مسؤول ذلك بقوله: ان الحفاظ على استقلاليتنا والاعتماد على نظام التشغيل الخاص بنا يوازي القنبلتين والقمر الصناعي في ميزاننا القومي ونظام نوافذ مايكروسوفت لا يزال الى حد بعيد النظام الاكثر انتشارا وسيطرة على الاجهزة الشخصية في الصين, وفي الحين الذي يشتد فيه ادوار القرصنة التي وصلت الى معدل 90% في الصين كما تشير التقديرات فإن الحكومة الصينية تؤكد ان مكاتبها تستخدم نسخا مرخصة ومسجلة رسميا وينتظر ان يطرح نظام مايكروسوفت الجديد في اسواق الصين خلال النصف الاول من هذا العام الميلادي يذكر بأن نظام نوافذ 2000 قد صمم ليصبح بديلا لنوافذ ان تي Windows NT التي ينتشر استخدامها في قطاع الاعمال. إن الصين وهي تتخذ قرارا كهذا تستجيب لنداء العقل والمنطق فهي تخوض معركة حضارية مع الغرب وامريكا بالذات وهي في صراع ايديولوجي طال امده وتمثل في عراك شيوعيتها مع رأسماليتهم، ويأتي هذا القرار ليشكل حلقة ضمن تلك السلسلة لكنها من اهم واخطر الحلقات ومن شأن هذا القرار ان يشعل اهتمام الاوساط التقنية الصينية بالفكاك من عبودية مايكروسوفت والخلوص منها الى غيرها من صناع البرامج المحليين بل وستظهر امثلة شبيهة بذلك في دول العالم الاخرى ولو قال قائل: انهم يخرجون بذلك من هوة الى واد سحيق فلا اظنه محقا. فنظام لينوكس نظام متحرر وغير محتكر، وقد منح صانعوه حقوق التحوير والتطوير مع الاشارة ببساطة الى اصل هذه التقنية وحسب لذلك تنتشر على الشبكة نسخ مختلفة من نظام لينوكس وكل منها تم تطويره في مكان ما من العالم ليخدم مطوريه بشكل افضل اذن فنظام لينوكس تقنية ماثلة للعالم ليطورها كل طرف كما يشاء ويستخدمها بالكيفية التي يختار بعيدا عن احتكار مايكروسوفت التي صنعت اعداءها بنفسها. ورغم النسبة العالية من القرصنة في سوق برامج الاجهزة الشخصية فإن الامل قائم في ان تنجح الصين بجهازها الحكومي المهول في احداث تغيير في اتجاهات النشء والجيل الجديد من مستخدمي الحاسب الآلي لننظر مثلا الى جهة حكومية مثل وزارة التربية، فإن تغيير انظمة التشغيل في اجهزة المدارس الى نظام لينوكس يعني الكثير: انه يعني ان الجيل القادم من مستخدمي الحاسب الآلي سيكون مرتبطا بنظام لينوكس اكثر من مايكروسوفت وسينشأ هذا الجيل وامام عينيه نظام لينوكس وحين نتصور كم طفل صيني سيخضع لهذا النظام التعليمي سندرك مدى الخسارة التي تعرضت لها مايكروسوفت. وان القرار الصيني يبدو في ظاهره قليل التأثير لانه لا يشمل سوق البرامج الصينية لكني ارى ان هذا القرار يأخذ ذلك الامر في الحسبان لان منع برامج مايكروسوفت في الدوائر الحكومية سيصل تأثيره الى سوق البرامج ولو بعد حين. وللمراسلة على البريد التالي: Khalid * 4u. net