بعدما أثبت نجاحه في ادارة كومبيوترات المؤسسات الحكومية والشركات مثل الجيش الاميركي ووزارة الخارجية الاميركية ومجموعة من وكالات الأنباء، يضع نظام تشغيل الكومبيوتر "لينوكس" Linux عينيه على مكان استراتيجي وخطير: كومبيوتر المكتب، بما فيه الشخصي والمحمول وما إلى ذلك. وتأتي أهمية هذه الخطوة من شدة المنافسة وضراوتها وتشعبها. والمعلوم ان نظام التشغيل Operating System هو الاساس الذي يدير العمل في الحاسوب. والنموذج الاشهر لنظام التشغيل هو "ويندوز" Windows الذي تصنعه الشركة العملاقة "مايكروسوفت". ومنذ سنوات طويلة، يدير "ويندوز" ما يزيد على خمسة وتسعين في المئة من الكومبيوترات الشخصية والمكتبية في العالم. وبات وجوده شبه بديهي، وتصنع يومياً آلاف البرامج والتطبيقات والأدوات المعلوماتية في العالم، لتعمل بالتواؤم مع "ويندوز". انه يشبه الهواء الذي تتنفسه الحواسيب الشخصية والمكتبية في كل مكان على الأرض. مهمة مستحيلة ولكن.... في السنوات الماضية، اثبت "لينوكس" انه منافس قوي في الخوادم، وهي نوع من الحواسيب مهمته ادارة الشبكات الرقمية. والمعلوم انه نظام مفتوح المصدر، اي ان الشيفرة التي يكتب بها معروفة. وبرهن "لينوكس" انه اكثر مناعة حيال هجمات فيروسات الكومبيوتر وتقدم باطراد وببطء في معظم الأسواق العالمية، بما في ذلك الشرق الأوسط. وفي الآونة الأخيرة، مثلاً، قررت البحرين والبرازيل، المتباعدتان في أشياء عدة بما فيها الجغرافيا، اعتماده في ادارة حكومتيها الالكترونيتين. وأخيراً قررت شركتا "ريد هات"، المنتج الرئيس لنظام "لينوكس"، و"آي بي أم"، وائتلاف من شركات تتبنى النظم الالكترونية المفتوحة، البدء في انتاج صيغة منه تلائم احتياجات المستخدم العادي للكومبيوتر. وفي مؤتمر حمل عنوان "لينوكس... الى سطح المكتب" واختتم اعماله اخيراً في بوسطن، عرضت شركتا "ريد هات" و"آي بي أم" تفاصيل خططهما عن "لينوكس" المكتبي. والمعلوم ان "آي بي أم" تبدي حماسة لافتة تجاه "لينوكس" ولا يتردد مسؤولوها في وصفه بالخيار الاستراتيجي. وتبنت الشركة عينها مبادرة كبرى لادخاله الى الشرق الأوسط. وأشارت الاطراف الثلاثة المشار اليها انفاً الى بعض سوابق نجاحات "لينوكس" في الكومبيوتر الشخصي. ومن الأمثلة ان مدينة ميونيخ اشترت 14 الف كومبيوتر مكتب تعمل بنظام "لينوكس". ويعمل كل من الأطراف الثلاثة في اتجاه مختلف، وتتفق على تنسيق جهودها لكي تصب في اطار واحد. وعلى سبيل المثال، يجد "كونسورتيوم لينوكس" ضرورة العمل على جعله أكثر ثباتاً من بقية نظم التشغيل، اثناء أداء الأعمال العادية لمستخدم الكومبيوتر. والمعلوم ان مبتكره لينوس تورفالدس يعمل في صفوف هذا الائتلاف. وفي سياق مشابه، ترى "ريدهات" ان ماينقص "لينوكس" هو السهولة في استعمال تطبيقات المكتب الملحقة به، مثل معالج الكلمات. ولعل اهم ما تركز عليه هو توفير ادوات بسيطة تمكنه من العمل مع التطبيقات الشهيرة ل"ويندوز"، مثل معالج الكلمات ومُشَغِّل الميديا وبرنامج المحاسبة الالكترونية "اكسيل" وغيرها، لأن الجمهور الفها على مدار السنوات الفائتة. وبمعنى آخر، فإن "ريدهات" لا تريد ان تربك المستخدم الذي يعرف جيداً تطبيقات "مايكروسوفت"، ولا تريد دفعه إلى تعلم تطبيقات جديدة. وعلى العكس تماماً فإنها تسعى للإفادة من الانتشار المذهل لتطبيقات "مايكروسوفت". وتتبناها. وتجعلها جزءاً من عمل نظام "لينوكس" المكتب نفسه! وذهب سام دوكنيفيتش، وهو من مديري "آي بي أم"، الى ما هو ابعد من ذلك. فاثناء مؤتمر بوسطن، أعلن ان بعض ما تفعله "مايكروسوفت" نفسها ربما يدفع الناس إلى تبني "لينوكس" المكتب. وضرب مثلاً مبادرة "دوت نت" التي تتبناها "مايكروسوفت" بقوة. ورأى ان هذه المبادرة الاستراتيجية من "مايكروسوفت" تتطلب من المستخدم اعادة التدرب على تطبيقات جديدة، واساليب جديدة في العمل. وفي هذه الحال، ربما بدا من الأسهل بالنسبة الى الكثيرين ان يستخدموا ما يعرفونه فعلياً بالانتقال إلى "لينوكس" لأنه هو الذي سيتبنى تلك التطبيقات! في البداية، لم يكن سوى "ويندوز" تقريباً. الآن تضم القائمة "ويندوز" و"لينوكس" و"صن ديسك سيستيم"، إضافة الى نظام التشغيل الآسيوي الذي تزمع الصين واليابان وكوريا التشارك في صنعه، و... البقية تأتي!