لست أدري إن كان يوجد نقاد يقفون على حقيقة ما يكتب من شعر أم لا ولكن كل ما أدريه أننا لسنا بحاجة للمستشعرين الذين تكتظ بهم ساحات الشعر بقدر ما نحن بحاجة الى ناقد يقيّم كل ما يصدر من شعر على صفحات الجرائد والمجلات فالصور الزاهية التي عهدناها منذ القدم عن هذا الموروث اهتزت بسبب غياب الرقيب الذي وإن وجد فهو لا يكلف نفسه عناء التتبع لكل ما يكتب. ويشترك في الخطأ الجريدة أو المجلة التي لم تقم بتحفيز هذا الناقد ماديا أو معنويا لنقد كل ما يكتب على صفحاتها، والنقد أيضا ليس بالأمر الذي يغري كل طالب للنقد أن ينقد كل عمل يستهويه بل الناقد الحق أيا كانت قدرته على التعبير وحصيلته من الاستيعاب حول المادة التي يتناولها بالنقد لا يمكن ان يأتي بقول أو عمل يستحق البقاء إذا لم يدرس جوانب مصدر تلك المادة قصة كانت أو قصيدة ومصدرها في جميع الحالات هو انسان عاش في ظروف وبيئة معينة وتأثر بعوامل متعددة وعايش فئات من الناس متباينة في مشاعرها وتصرفاتها وكان لكل هذه وتلك أثرها فيما كتب أو رسم أو ألِّف. وعلى الناقد ان أراد لعمله البقاء ولنقده أن يكون جديرا بالتقدير والتوقير ان يدرس سيرة حياة الكاتب أو الشاعر دراسة متمعنة قبل أن يقدم على نقد عمله.