إبراهيم شحبي عنوان عريض وجميل للمثقف الصادق مع نفسه ومع الآخرين، كلما اقتربتَ من عوالمه الشخصية والإبداعية تجد نصلًا ألمعيًّا يتجدد لمعانه مع مرور الزمن. هو مثقف طليعي، تمكَّن من محاورة أسئلة الواقع بوعي منذ وقت مبكر. حين نتحدث عن إبراهيم شحبي فإننا لن نتحدث عن شخص، بل نتحدث عن قيمة، وعن رمزية ثقافية في قراءة الواقع، عن رجل إنجاز يشتغل بصمت، ولا يبحث عن إثارة، لا فيما يقفه من مواقف، ولا فيما يكتبه من إبداع. نتحدث عن عرفانيٍّ متوازنٍ، يكتب عوالمه بحب، ويسبر أغوار الواقع والمفاهيم والقيم بروح متصوف، لا يبرح التحديق في سماء التأمل، يسند ظهره وعقله وروحه إلى حائط الوقت، يقرأ ذاته المنهكة، ويكتنه معنى (الوردة) حتى وإن كانت وردة قاتلة، يقف على (حواف تكتنز حمرة) بحثًا عن (هوية) يخشى عليها من (نزف الذاكرة) أو (ضياع وراء الأنفاق) التي لا تنتهي، يرتحل في (قوافل الهجس)، ويحذر من أي (سقوط) أو تغافل يومًا ما عن (سارق للجماجم) والعقول؛ حتى لا نفقد البوصلة، أو ينشغل المجتمع ب(حدائق النفط) عن بساتين الروح، و(أحواض الريحان). ينتصر للمرأة، ويخاف من (أنثى تشطر القبيلة)، أو وعي زائف يصادر موقعها من خارطة الفعل الثقافي وتنمية المجتمع. حين نقرأ إبراهيم شحبي أو نعيد هنا (تأويله) بوصفه معنى، موقفًا، خطابًا، فإننا نقرأ تفاصيل شخصية (ألمعية)، وهي تنجب الأسئلة، وتصوغ شروط القراءة المتزنة لذات أنهكها الركض في براري الوجع الممتد في أقاصي الروح، وتضاريس الواقع، وتقدم درسًا في الإنجاز الذي يصنع مشكاة الأفق، ويعيد للروح أسرارها، وللمثقف توازنه المنشود. سلام على إبراهيم. ** **