كان لحضور أستاذنا الشيخ عبد اللّه بن إدريس في الحياة الأدبية والثقافية بالمملكة دور وموقف، جديران بالوفاء والثناء المناسبين لحجم حضوره ومستوى إخلاصه وعطائه لمجتمعه وأمته عبر مشواره الإداري والأدبي والثقافي والكتابي. وقد توقفتُ عند مقالة أستاذي ابن إدريس المنشورة في عدد الجزيرة الصادر يوم الثلاثاء برقم 10694 وتاريخ 24/10/1422ه التي كانت معبرة عن شكره على مشاعر المطالبين بتكريمه، ومن أولئك الأستاذ فهد الشريف الذي أيّد مطالبته الأستاذ حمد القاضي رئيس تحرير «المجلة العربية» والأستاذ محمد الحميّد رئيس نادي أبها الأدبي الذي عوّدنا على مبادراته الواعية بطلبه إقامة «حفل تكريمي» للأستاذ عبد اللّه بن إدريس في «نادي أبها الأدبي». وبرغم ترحيبي وجميع زملائي من أعضاء الخلية الأدبية والثقافية بتكريم أستاذنا الشيخ عبد اللّه بن إدريس إلاّ أنّني أرى أنه من الأولى افتتاح مبادرات تكريمه في الرياض وفي «نادي الرياض الأدبي» للمبررات والاعتبارات التالية: أولا: لريادته الصحافية عندما كان رئيسا لتحرير «جريدة الدعوة» بالرياض من عام 1385ه حتى عام 1392ه وخلال فترة رئاسته احتضن مجموعة من الأقلام الشابة التي برزت أصواتها ضمن نخبة الأصوات الأدبية في ما بعد. ثانيا: خدمته المتّصلة للعلوم والفنون والآداب منذ أن كان أمينا عاماً للمجلس الأعلى لرعاية العلوم والفنون والآداب ثم تولّيه لمنصب المدير العام للثقافة والنشر بجامعة الإمام محمد بن سعود حتى أحيل للتقاعد. ثالثا: تولّيه رئاسة النادي الأدبي بالرياض من عام 1401ه حتى عام 1422ه وفي أثناء رئاسته للنادي استقطب نماذج من الأدباء والمفكرين والعلماء والنقّاد والشعراء عبر برامج وأمسيات ومحاضرات وندوات متعددة ، تحتفظ بها سجلات النادي وتسجيلات الإذاعة وذاكرة التاريخ .. من أهمّها: أ إقامة محاضرات وندوات لنماذج من العلماء والمفكرين والأدباء .. منها على سبيل المثال: 1 محاضرة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي عام المملكة رحمه اللّّه. 2 محاضرة لمعالي الدكتور عبد اللّه التركي وزير الشؤون الإسلامية سابقا، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي حاليا. 3 محاضرة لمعالي الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام السابق. 4 محاضرة لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد اللّه بن حميد الرئيس العام لإدارة شؤون الحرم المكي والحرم المدني. 5 محاضرة الشيخ الأديب «أبو عبد الرحمن عقيل الظاهري» وهذه من أهم المحاضرات التي أقيمت في النادي الأدبي في السنوات الأخيرة من رئاسة الشيخ عبد اللّه بن إدريس. ب احتضان النادي بالتعاون مع الرئاسة العامة لرعاية الشباب مهرجان الشعر في دول الخليج العربي بحضور سمو الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز رحمه اللّه. ج استقطاب النادي لنخبة من الشعراء الشباب والكهول الذين اشتركوا في إحياء نماذج من الأمسيات الشعرية التي حفلت بالحوارات النقدية والأدبية. د إقامة النادي أمسية شعرية اشترك فيها نجمان من نجوم الشعر الفصيح والنبطي هما: الأمير الشاعر خالد الفيصل والشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي، وقد شهدت هذه الأمسية حضورا كثيفا لمحبّي الشعر وعشّاق الإبداع، وكان لها أصداؤها الرائعة. ه استثمار النادي فرص المهرجانات الثقافية مثل «جائزة الملك فيصل العالمية» و«مهرجان التراث والثقافة» بالجنادرية لاستقطاب نماذج من المفكرين والشعراء وإقامة ندوات وأمسيات ومحاضرات لهم بالنادي على هامش هذه المهرجانات. و تكريم النادي للشيخ العلامة حمد الجاسر رحمه اللّه. رابعا مبادرة الأستاذ عبد اللّه بن إدريس إلى التعريف بالأدب السعودي عندما أصدر كتابه «شعراء نجد المعاصرون» في زمن مبكّر عام 1380ه ترجم فيه لمجموعة من الشعراء في دراسة مختصرة لحياتهم وأعمالهم الشعرية، وبرغم أنه لم يواصل تراجمه لشعراء المملكة إلا أنه واصل عشقه للشعر والأدب بإصداره ديوان «في زورقي» وكتاب «كلام في أحلى الكلام» وكتاب «عزف أقلام» و«الشعر في الجزيرة العربية» وكتاب « الملك عبد العزيز في نظر الشعراء العرب». خامسا كان الأستاذ عبد اللّه بن عبد العزيز بن إدريس بمثابة مدرسة في الريادة الصحافية والثقافية استفاد منها نخبة من الشعراء والأدباء، وتتلمذ على يديه عدد منهم ولا أستثني شخصي المتواضع، ومن مدرسته الخاصة خرج ابناه الأستاذ إدريس بن عبد الله الدريس نائب رئيس مجلة اليمامة ونائب رئيس تحرير جريدة الوطن سابقاً، والأستاذ زياد الدريس رئيس تحرير «مجلة المعرفة» . وقبل ذلك كلّه فقد تلقى أستاذنا تعليمه على نخبة من العلماء الأجلاء منهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة رحمه اللّه وسماحة الشيخ عبد اللطيف بن ابراهيم آل الشيخ نائب رئيس المعاهد العلمية رحمه اللّه ودرس في المعهد العلمي وتخرج في كلية الشريعة بالرياض عام 1376ه وعاش وعمل ولا زال في مدينة الرياض، فكان جديرا بأن يتلقى الوفاء من أبناء هذه المدينة العزيزة وفي رحاب ناديهم الأدبي «النادي الأدبي بالرياض» الذي ودّعه مختاراً بعد أن خدمه قرابة ربع قرن من الزمان شهد فيه النادي نشاطاً فكرياً متنوعاً ، فهل نحظى بتكريم أستاذنا ابن إدريس في الرياض أولاً؟