تؤكد الدراسات النفسية الحديثة على أهمية تخصيص الآباء وقتا كافيا لايجاد نوع من الرابطة أو الاتصال بينهم وبين أبنائهم وذلك لبناء شخصية سليمة ونافعة للطفل، فيجب على الآباء توفير جو عائلي دافئ خال من التوتر حتى ينمو الطفل بشكل طبيعي جداً بعيداً عن العقد النفسية والمشكلات الأسرية التي تؤثر سلباً على اقبال الطفل على الحياة، فيتحدث الطفل بحرية وتلقائية بدون خوف من الزجر المستمر وخصوصا ان بعض الآباء يعمد الى قمع ملكة الكلام لدى أطفالهم بدعوى ان استخدام هذه الملكة خروج على قواعد التربية السليمة.. ومن هنا يعتقد البعض خطأ ان الطفل الذي يلتزم الصمت هو الطفل المهذب النموذجي، وقد ثبت ان تعنيف الطفل باستمرار على كلامه وحديثه يجعله يكتم أسراره ويرفض البوح بها لوالديه. وعن الأسس التي تبنى عليها شخصية الطفل توضح الدكتورة عواطف أحمد «أخصائية طب الأسرة والمجتمع»: انه ينبغي على الأسرة ان تكون متفهمة لنفسية الطفل وان تتعامل معه بأساليب تربوية فعالة حيث لا ينبغي على الآباء محاولة انتزاع الحديث من أبنائهم أو اشعارهم بعدم أهمية كلامهم، مما يضعف ثقة الطفل بنفسه المستمدة من حديثه الذي كبته والداه ويعتبر تشجيع الأب لطفله ورعايته وحنانه أمراً مهماً جدا لتشكيل الثقة بالنفس واعداد شخصية الطفل اعداداً مناسباً وذلك لأن للأب دوراً كبيراً في تنشئة شخصية الطفل.. لا يقل أهمية عن دور الأم ولذا يجب أن يدرك الآباء هذه الأهمية وخصوصاً بعد خروج المرأة للعمل وترك البيت لفترات طويلة، كما ان رعاية الأب لطفله تفيده شخصيا حيث تجعل منه شخصية ناضجة مسؤولة فضلا عن كونها سوية نفسيا. وتشير الى ان مرحلة الطفولة هي المرحلة التي تبدأ فيها عمليات التكوين الحقيقية للشخصية وان نظام الأسرة من حنان الأمومة وعطف الأبوة فيها يقوم بتلك المهمة في المقام الأول وان فترة الحضانة فترة مهمة جدا وحساسة وتؤثر في بناء وتكوين شخصية الطفل لذلك لا تستطيع دور الحضانة أن تكون البديل الحقيقي عن الأم بصفة خاصة وعن النظام الفطري المعروف ب«الأسرة» بصفة عامة والطفل في عامه الثالث يبدأ في ممارسة الاستقلالية الذاتية ويشهد تطورات وقدرات سيكولوجية واضحة منها التعبير عن أفكاره فيملأ الدنيا حوله كلاما وثرثرة فلا يتوقف عن الأسئلة عن كل شيء حوله.. وفي هذه الحالة يجب على الأسرة ان تنصت وتستمع اليه وتجيب على أسئلته حتى يشعر بأهميتها وتتكون شخصيته على أساس من القدرة على التخاطب ومواجهة الناس. أما الأستاذة هيلة الغامدي «معلمة علم النفس ومرشدة طلابية» ترى ان الطفل الذي ينشأ في أسرة تحرص أشد الحرص على أن يكون كل شيء يقوله ويفعله الطفل صحيحا ودقيقا وتحوطه بكل الوسائل التي تجعله أكثر الأطفال أنفة ولفتا للأنظار فيتعسر عليه توحده لذاته وشعوره بشخصيته وينتابه احساس بعدم الاستقرار كما تشير الأستاذة هيلة الى ان شخصية الطفل تتأثر كثيرا بالأب لذلك يجب ان يكون الأب متواجداً دائما في المنزل وان يهتم بأبنائه لحمايتهم من الانحراف وأن أي انحراف للطفل سببه البيت أولا ولاسيما الأب، فعندما لا يجد الطفل القدوة التي يقتدي بها يظل حائرا مهموما يعيش حالة من التخبط الوجداني والفراغ النفسي ويشعر الطفل بأن الأب بالنسبة له مجرد شخص يدر عليه المال وبهذا تبدأ شخصية الطفل بالاهتزاز وتصبح شخصية سلبية تشعر بالنقص دائما. الأستاذة نورة محمد «وكيلة الابتدائية الخامسة بالقاعدة الجوية».. تؤكد ان لشخصية الأطفال وطريقة بنائها أثراً في كراهية الطفل للدراسة فعقدة كراهية المدرسة لدى الطفل سببها احساس الطفل بالقلق الزائد والتوتر عند اقدامه على تجربة جديدة وحياة مختلفة فإذا كانت شخصيته مبنية على أساس سليم فهو يستطيع مواجهة المجتمع والتفاعل معه بكل ثقة.. كذلك قد تتولد بعض العقد لدى الأطفال نتيجة شعور الطفل بافتقاد الأمان والجو الأسري ومن هنا ننصح بضرورة ان يخيم على البيت أجواء الحب والوئام ليعود الود المفقود بين الطفل ومدرسته وتكون شخصيته سليمة لا يوجد بها أي تردد أو اختلال. الأستاذة فتحية ناصر «مشرفة اجتماعيات» تشير الى ان مقارنة الطفل بغيره من أقرانه يؤثر على بناء شخصيته وان عدم مراعاة مشاعر الطفل والعمل دائما على ذكر مساوئه وعيوبه، ومعايرته بنقاط ضعفه وما يعانيه من نقص سواء في البيت أو في المدرسة يولد لديه الاحساس بالنقص والقلق والخوف بل الحقد والكراهية وعدم الاحساس بالأمان والأمن الداخلي الأمر الذي يؤدي الى تشكيل طفل خائف مهزوز دائما ذا شخصية سلبية وعدواني دائما وهذا كله يأتي من عدم ادراك الكبار كيف يتعاملون مع مشاعر الطفل الرقيقة في مقتبل حياته. وأخيرا أكدت الدكتورة عواطف على أهمية ما يقوم به الوالدان تجاه أطفالهما لبناء شخصياتهم بناء سليماً وعلى أسس وقواعد جيدة منها: اشباع حاجات الطفل العاطفية مثل الحب والاحساس بالأمن، تشجيع الطفل وحفزه لينمو ويتطور فكريا واجتماعيا وروحيا، مساعدة الطفل في عملية تطبيعه اجتماعيا والاختلاط بخامات بشرية جديدة، تهذيب الطفل وتعويده على تجنب الأنماط السلوكية التي لا يقبلها المجتمع، الاحتفاظ بالعلاقات المتبادلة في الأسرة وتدعيمها على أساس ثابت يوفي مطالب جميع أفراد الأسرة.. إذاً فالواجب على كل أسرة أن تربي أبناءها تربية سليمة وبطرق مناسبة.. حتى تُبنى لهم شخصيات قوية وقادرة على العطاء بإذن الله تعالى.