أيام قليلة تفصل المملكة العربية السعودية لاحتضان قمة قادة مجموعة العشرين، والتي ستكون ولأول مرة افتراضيًا على غير ما اعتاده العالم في تنظيم هذا الحدث, السعودية وبقيادتها الرشيدة استطاعت أن تتحدى جائحة كورونا بل وتجعل منها تحديًا كونيًا للنجاح خصوصًا أنها تتوفر على كل الجوانب اللوجستية المؤهلة للألق في مثل هذه المحافل السعودية التي استلمت مشعل رئاسة المجموعة غرة ديسمبر 2019 وانطلقت رسميًا في الإعداد لقمة نوفمبر 2020 وقدمت مشروعًا يلائم بين حجم وقوة المجموعة من ناحية وطبيعة الظرف العالمي الذي يعاني من جائحة كورونا وما يرسخه بروتوكول السلامة الصحية من تباعد من ناحية أخرى. وهنا يأتي حجم الرهان، إذ كيف يمكن أن تحافظ على إشعاع وثقل القمة وفي الوقت نفسه تحترم البروتوكول الصحي العالمي، وتلك حكمة العقل السعودي الحديث، المثابرة والتخطيط هي عناوين المملكة في التعامل مع هذه المحطات التي هي في الواقع ليست غريبة عنها، ويكفي أن نستذكر دافوس الصحراء والقمة العالمية للذكاء الاصطناعي وغيرهما المهيئة بنجاحها لنجاح هذا المحفل العالمي والذي يشارك فيه قادة الدول العشرين، كما أن الخبرات السعودية لها تجاربها المنيرة في المجال، لعل آخرها إنجاح القمة المنعقدة افتراضيًا في 26 مارس 2020 تفاعلاً مع أزمة كورونا. السعودية التي استطاعت من خلال رؤيتها المجتمعية 2030 أن تصبح البلد الأكثر تحديثًا والمقدمة لأكثر إجراءات تحديثية في مجالات المرأة والشباب خلال السنوات الأخيرة عالمياً والتي استطاعت أن تكون سندًا للبشرية خلال أزمة كورونا وكذلك للاقتصاد العالمي واستقراره من خلال تدخلاتها الفعالة لفك شفرة أسواق البترول قصد استقراره وتجنيبه عواقب جائحة كورونا، وللتذكير فإن مجموعة العشرين التي تكونت سنة 1999 على هامش قمة مجموعة الثمانية وتحديدًا على إثر اجتماعات وزراء المالية على إثر نقاشات حول المسألة التنموية ولتركيزها سنة 2008 تم الاتفاق على أن تتكون من دول مجموعة الثمانية: وهي الولاياتالمتحدة واليابان وألمانيا وروسيا وإيطاليا وإيطاليا والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا مع 11 دولة صارت تمثل ثقلاً اقتصادياً عالمياً، وهي السعودية والصين وأستراليا وكوريا الجنوبية والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل والمكسيك والأرجنتين وإندونيسيا، إضافة إلى كيانات دولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسة بريتون وودز ضيوفًا دائمينلمجموعة، إضافة إلى تمثيل الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية. ومعلوم أنه خلال رئاسة السعودية لهذه المجموعة شهدت حضورًا أقوى على مستوى الإسهام الدولي وخاصة خلال جائحة كورونا، حيث كان الاجتماع التاريخي الافتراضي للمجموعة في 26 مارس 2020 علامة فارقة في تاريخ المجموعة من خلال حزمة إجراءات لمجابهة كورونا، منها مساعدات مالية مهمة للمنظمة العالمية للصحة ومساعدة الدول الأشد فقرًا على التصدي لآثار الجائحة، وعلى سبيل الذكر إقرار مساعدات بقيمة 21 مليار دولار لجهود البحث والتطوير للقاحات كورونا من خلال دعم جهود وزارة الصحة العالمية مع التعهد بسد فجوة مالية لمكافحة الوباء تقدر ب8 مليارات دولار، علمًا أن السعودية البلد المترئسة للمجموعة خلال هذه الدورة قدمت 500 مليون دولار لدعم جهود مكافحة كورونا منها 150 مليون دولار لدعم تحالف التأهب الوبائي، و150 مليون دولار للتحالف العالمي لمكافحة كورونا، و200 مليون دولار للمنظمات والبرامج الإقليمية ذات الشأن المتصل بمقاومة كورونا. هذا وتعدُّ السعودية التي نجحت في رئاسة المجموعة حتى قبل أوان تقييم أدائها بنهاية المدة من خلال نجاحاتها الميدانية وحسن إدارتها لشأن المجموعة في ظرف يصعب أن تركز فيه دولة على إنجاح حضورها في كيان دولي بهذه الضخامة والكونية وخطر جائحة كورونا يدق باب الجميع. السعودية التي تستقبل القمة عدد 15 في تاريخ المجموعة والأولى في تاريخها والثانية في منطقة الشرق الأوسط تستعد لانعقاد القمة التي ستكون تحت عنوان اغتنام فرص القرن 21 للجميع، ومحاورها تمكين الإنسان أولاً والحفاظ على الكوكب ثانيًا وتشكيل آفاق جديدة ثالثًا. هذا وقد قدمت كبرامج إعدادية أكثر من 100 اجتماع منها الوزارية وما يشمل مسؤولين رسميين وممثلي مجموعات التواصل. وعلى ذكر مجموعات التواصل والتي هي لجان تفكير فرعية تؤسس نظريًا وتعمق فكريًا الحدث قصد بناء بدائل اقتصادية وتنموية واجتماعية للبشرية. T20 ومجموعة الفكر B20 ومجموعة الأعمال Y20وهي مجموعة الشباب L20 ومجموعة العمال C20, ومجموعة المجتمع المدني W 20 ومجموعة المرأة S20 ومجموعة العلوم U20 ومجموعة المجتمع الحضري، فعاليات هذه المجموعات شهدت نجاحات كبيرة تحسب للجان والقياة الحكيمة التي كانت متابعة لكل فقرة منها ومتوجة لكل مجموعة بكلمة سامية من خادم الحرمين الشريفين على ممثل المملكة المكلف في كل اختصاص مما أعطى للحدث إشعاعًا أنسى العالم كل المحطات السابقة للقمة والتي آخرها طوكيو اليابانية، وصعب المهمة أمام باري الإيطالية مدينة الرياض التي إحدى أكبر عواصم العالم العربي من حيث المساحة وعدد السكان ومن أجمل مدن العالم من حيث أوجه النمو الحضاري تقف على أهبة الاستعداد لاستقبال هذه القمة إفتراضيا موزعة صدى القمة على كل أرجاء المعمورة.