الخلق في دنياه نيشان وهدف الأقدار سراءها وضراءها بلا استثناء ونادراً، بل من المستحيل أن يكون هناك من لم يعتصر قلبه وتذرف عيونه بالدمع حزناً ولوعة وأسى لهول مصابه في فقد قريب عزيز له في سوداء القلب قدر ومنزلة أو غال له في نفس محبة وإجلال أو صديق صدوق وفي نادر في زمن صار الوفاء عملة نادرة بعدما عصفت بالمبادئ والقيم عواصف الماديات ورياح المصالح، وتقاطع المنافع ولعل منازل الناس عند بعضهم تظهر جليلة برحيل أحدهم في سفر طويل لا عودة بعده إلا في أرض المحشر حيث لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ففي اليوم الثالث والعشرين من شهر صفر عام اثنين وأربعين بعد الأربع مئة بعد الألف طويت صفحة عمر الفقيد الغالي صاحب الخلق الدمث والصلاح وحب الخير للغير شقيق زوجتي الاستاذ عبدالمجيد بن محمد آل سبيت رحمه الله رحمة واسعة بعد صراع مع فيروس كورونا المستجد عن عمر يقارب 43 ربيعاً وبذلك طويت صفحة سيرة رجل زرع المحبة في قلوب ذويه ومعارفه وأصدقائه الذين وجدوا فيه سجايا الرجولة والنخوة والأنفة والمداومة على الصلاة وفعل الخير وصلة أرحامهم الذين أصابتهم الصدمة والحزن العميق لفقده ولسان حالهم يردد قول الشاعر الذي أصاب كبد الحقيقة ولامس شغاف القلب حينما قال: لن يفقدك زوجك وبناتك وذووك فحسب سيفقدك المحتاجون من كنت تحنو عليهم وتقدم المساعدة لهم راجياً بذلك وجه الله وثواب الآخرة يقول الشاعر: سيفقدك مصحفك وإمام وجماعة مسجد الحي ونرجو أن يشهد لك طريق المسجد ذهاباً وإياباً هنيئاً لك تلك الشهادة وتلك المنزلة فقد جاء في الحديث الشريف (إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالخير) فهما طال النوى وتباعدت الأمكنة ستظل مكانتك ومحبتك في الأذهان والمهجن ما دامت أرواحنا في الأجساد تسري وعروقنا تنبض بالحياة لله درك طبت يا أبا ديمة حياً وميتاً، يقول الشاعر: مهما جاد اليراع وتدفق الذهن بالمعاني التي تصور ما لك من منزلة عند كل من عرفك ستظل قاصرة عن الوفاء بحقك لكننا لا نجد غير الدعاء والدموع مفزعاً لرب الأرض والسماء بأن يعوضك ملذات الحياة الفانية بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين والعزاء لزوجه وكريماته ووالدته وأشقائه وشقيقاته وكافة أسرة آل سبيت الكرام في مصابهم الجلل والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وما نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. ** **