قال الله تعالى: (سنشد عضدك بأخيك) قيل لرجل: مات اباك قال: ملكت أمري، قالوا: مات أخاك، قال: تلك قاصمة ظهري. الأخ رفيق الطفوله صديق العمر، حافظ السر، أنيس الوحدة، هو ظلنا وأمننا وقوتنا، فالمرء ضعيف بنفسه قوي بإخوانه. دائماَ ما نردد: يا جبل ما يهزك ريح، ولكن بعض الرياح عاتية شديدة قاسية تعصف بالقلب وتفتت حنايا الروح وتدمي الفؤاد، أمام هذه الرياح يهتز الجبل وتتساقط احجاره التي صمدت سنوات وسنوات. هكذا هو أخي في كل مراحل حياته صابراً حامداً تزيده الأزمات والمحن أيماناَ وقوة. أخي الحنون الطيب القلب العطوف الكريم الرحيم النبيل، أخي ومن كأخي؟ شيمته الصبر عصي الدمع لم أر الدموع في عينيه إلا عند وفاة أبي وأمي رحمهم الله، وكان أغزر هذه الدموع وأشدها حرارة وألماً عند وفاة أخي - رحمه الله - غاب الاشراق في عينيه وارتسمت في تلك العيون الحانية حزن ولوعة انعكست حتى على قسمات وجهه.. وفي نبرات صوته. انظر إليه أتأمل تقاسيم وجهه ونظراته الذابلة أستمع لحديثه المختصر جداً وادعو في قلبي يا رب اشرح صدره وامسح حزنه وأقر عينه. لا اعلم هل أرثي أخي المتوفى، أم أتألم على أخي وحزنه وحاله. أخي لم يفقد أخاه فقط بل فقد رفيق عمره وصديقه وعضيده وقطعة من قلبه، لم تفرقهما الحياة عاشا سوياً طوال عمرهما لا حواجز بينهما، ولا حدود، قريبين قرب مكان وقرب قلوب وشعور واحساس قبل قرب المكان، أخي فقد ظهراً يستند إليه وعقلاً يستنير برأيه، وصدراً يلوذ إليه ويحتويه، وقلباً يحنو عليه ويسليه ويستمع إليه. قد كان خالصتي من كل ذي نسبٍ فقد أصيب فما للعيش أوطارُ حزنا وبكينا جميعاً على فقد أخي واحتسبنا إلى الله مصابنا فيه، وسألناه سبحانه أن يجعل ما أصابه تكفيراً لسيئاته ورفعاً لدرجاته وأن ينزله بمرضه منزلة الصديقين والشهداء ووالديّ، ولكن حزن أخي رغم صمته كان مختلفاً، كان واضحاً على تقاسيم وجهه وعينيه وحياته، كان حزنه غصة في حلوقنا ووجعاً في قلوبنا. الآن فقط اصبح أخي يتيماً.. غريباً فاقد الوطن، طيراً بلا جناحِ. أخي الغالي: يعلم الله أنني ادعو الله كل يوم أن يتغمد أخانا بواسع مغفرته ورحمته، ولكنني ايضاً ادعوه واتضرع إليه أن يسكب على قلبك أخي الغالي ماء بارداً يطفئ الجمرة التي تشتعل به، وأن يغسل كل ما في قلبك النابض بالخير من كل وجع وحزن وهم وضيق وكدر، وأن يديم لنا نبض هذا القلب الذي نسعد لسعده ونحزن لحزنه وننعم بمحبته ونستظل به. اللهم أغفر وأرحم لأخينا واجبر قلوبنا وقلب أخي الغالي، وأنزل عليه السكينة والطمأنينة واجمعنا به وبوالدينا في الفردوس الأعلى برحمتك يا ارحم الراحمين. أخاك أخاك إن من لا أخ له كساع إلى الهيجاء بغير سلاح (ربي اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت ارحم الراحمين)