أؤمن أن كُتُب التدوين ومصادر الأرشفة لم تحفظ أسماء كل الأعمال السينمائية العربية الحقيقية، وربما مَحَى التاريخ بعضها وأصبحت مفقودة، لذا قررت البحث في المراجع الأجنبية لعلني أجد بعض عناوين الأفلام العربية التي تستحق العودة إليها والتعرف عليها، وخلال البحث استوقفني نص صادم قبل أكثر من ستين سنة ويحكي بدقة متناهية حال السينما العربية اليوم. في عام 1958 ، نُشرت ورقة بحثية تهتم بتاريخ المسرح والسينما العربية في مجلة Film Quarterly لناقد سينمائي اسمه Ernest Callenbach الذي كتبَ في الخاتمة يقول: «في هذا المجلد الضخم والذي يعتمد على التجربة المباشرة نتعلم أن تاريخ السينما في البلدان العربية مُختصَر ورَديء. الدراما في الثقافة العربية كفن مشتقَّة جذورها من الدراما الأوروبية التي ظهرت بعد العصور المظلمة، مع وُجُود مسرح خيال الظل كشكل رئيسي من الأشكال المحلية الأصلية. أما الفيلم العربي ونقصد بذلك الفيلم المصري بشكل كبير فهو عبارة عن قصة حزينة بطابع سطحي واستهلاكي، مدموج داخل فوضى تقنية وعجز وضعف الكفاءة الفنية، باقتباسات شاملة تتكرر متماثلة حتى تصل إلى حد السرقة. يوجد بالعالم العربي نجوم شاشة ومشاهير؛ بينما يَقْبَعُ المخرجون وكُتَّاب السيناريو في الخفاء والظُلمة حيث يستحقون. وبالمقابل، ظهرَ المخرج (الهندي) ساتياجيت راي في بيئة مشابهة، فلا أشُك أن يحين الوقت للسينما العربية أيضاً لتظهر لنا أفلاماً حقيقية». شخصياً اتصور أنَّ بعض الأفلام استطاعت أن تتجاوز بامتياز المصاعب البيئية والتحديات التقنية ومنها أفلام مخرجين استثنائيين مثل عمر آميرالاي، وتوفيق صالح، وناصر الخمير، ومارون بغدادي، وشادي عبدالسلام، واليوم إيليا سليمان. إلا أن حال السينما العربية بشكل عام لا يزال ينطبق عليه الوصوف المورود بالأعلى. فمسيرة السينما العربية مختصرة ورديئة، وقصص الأفلام سطحية واستهلاكية، ورغم التطور الهائل في التقنيات الرقمية إلا أن اللغة البصرية للأفلام ما زالت عاجزة عن تقديم سينما حقيقية. الحل الوحيد هو بتحفيز الإدراك الجماعي للاختلاف الكبير بين السينما الاستهلاكية (سينما الهزل) والسينما الحقيقية. لأن الأفلام الحقيقية تهتم للبعد الاجتماعي وتمتلك قيم جمالية وأخلاقية ومعرفية فهي مرآة للتاريخ وللثقافة. ** **