اختصت العرب على مر التاريخ بأربع: العمائم تيجانها، والدروع حيطانها، والسيوف سيجانها، والشعر ديوانها. وثبت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يلبس العمامة، وقد عمم بعض أصحابه، كعلي بن أبي طالب وعبدالرحمن بن عوف -رضي الله عنهما-، وكان لا يولي والياً إلاَّ عممه ويُرخي طرفها الأيمن نحو الأذن، وروي جابر -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة عام الفتح وعليه عمامة سوداء، وكان للرسول -صلى الله عليه وسلم- عمامة يسميها (السَّحاب)، وقد أهداها لعلي بن طالب، وكان أبو بكر وعمر يعتمان ويجيزان المسح على العمامة، وكان عثمان أجمل الناس إذا اعتم. واشتهرت في الجاهلية عمائم أصبحت مضرب المثل في الهيبة والجمال كعمامة أبي أحيحة سعيد بن العاص بن أمية المعروف بذي العمامة، والتي أصبحت مثلاً عند العرب حيث يقولون أجمل من ذي العمامة، واشتهرت أيضاً عمامة عمر بن أبي ربيعة بن شيبان من شعراء العرب وفرسانها المشهورين، وأطلق على عمامته (عمامة المزدلق) و(المفردة)، ومن أشهرهم ممن أدرك الإسلام الزبرقان بن بدر (وقيل له الزبرقان لأنه لبس عمامة مزبرقة مصفرة بالزعفران)، ومن المعممين أيضاً امرؤ القيس الشاعر من بادية نجد، ومن أشهر من لبسها في العصر الحديث السلطان قابوس بن سعيد (سلطان عمان رحمه الله)، والفريق عمر البشير (رئيس جمهورية السودان السابق)، وحكام إيران، وسلاطين تركيا وكانوا يزينونها بثلاث ريشات من طائر البلشون، وكهنة الهند ، ورجال طائفة السيخ في الهند وغيرهم. ولطول عهد الناس بالعمامة استنكروها وراحوا يبحثون في كونها سنة أم عادة. يقول الشيخ أبوعبدالرحمن الظاهري: «ولا أشك إلى هذه اللحظة في أنها سنة وفي أنها معلم لزي العرب في كل الحقب..»، وهو يراها من السنن المهجورة لأنها علاوة على ما تقدم «إرث عربي من الجاهلية وعادة ما عرف سلف الأمة وخيارها بغيرها منذ أفضل الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم..». فهل سنشاهد في الأجيال القادمة من يعيد العمامة (التاج المخلوع) إلى الرؤوس العربية؟ ولو على سبيل الموضة؟ ** ** - منيف الضوي