رحم الله المؤرِّخ قينان الزهراني رحمة واسعة، الرجل الذي كرَّس وقته وجهده لخدمة تاريخ منطقته، وكان مع كل ما قدَّم مبتعداً عن الأضواء ولكن أعماله جعلت منه نموذجاً يُحتذى، وكانت كضوء الشمس ماثلة للعيان ومرجعاً لكل باحث عن منطقة الباحة، ولا تخفى على المهتمين بهذا الشأن. تشرَّف بخدمة الوطن في السلك العسكري منذ ريعان شبابه ولسنوات عديدة، وانكب على تاريخ منطقته وكرَّس وقته وجهده للكتابة مواجهاً كل الصعاب بثبات وتحمَّل حتى أتت الثمار يانعة من خلال إصداراته الشهيرة عن تاريخ منطقته، والتي ستبقى مرجعاً مهماً للأجيال القادمة، أما السمة الأبرز لأبي عبد الرحمن فهي أخلاقه العالية وتواضعه الجم، وعدم الغرور، يجلس في أي مجلس فيكون أقل المتحدثين حتى يطلب منه فإذا تحدث أبهر الجميع بموسوعيته التاريخية وثقافته العالية، ويزيدنا إكباراً وإعجاباً بهذا الرجل إذا عرفنا أن مصدر هذه الثقافة ليست الشهادات العليا، بل رجل بنى نفسه بنفسه عبر عقود من الزمن عن طريق البحث والرصد والاطلاع، كما أنه -رحمه الله- كان بعيداً عن الصدام حتى مع من اختلف معه، فلا تجد له خصوماً، بل الجميع يقدّر ويشيد بأبي عبد الرحمن وبعلمه وعطائه. وبرحيله نكون قد فقدنا أحد أبرز من أرّخوا وكتبوا عن منطقة الباحة، وعزاؤنا أن هنالك من الجيل الصاعد من سيكمل المسيرة في خدمة هذا الجزء من وطننا الغالي. رحمه الله رحمة واسعة وجعل الجنة مثواه، والعزاء لأسرته وذويه ولكل محبيه على امتداد الوطن. ** **