لم يكن مؤتمر سابك 2020 الذي افتتحه الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية ثريًّا في مخرجاته الفكرية، ومحاوره المهمة التي ركزت على الابتكار، والاستدامة، والرقمنة، وإعادة التدوير فحسب، بل في التصريحات اللافتة لسمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، التي أصبحت محورًا لوسائل الإعلام. الأمير سعود بن نايف أكد دعم القيادة لتمكين القطاع الصناعي، ودعم تنافسيته، ونجاح «سابك» في بناء قاعدة متينة للصناعات الأساسية والتحويلية، وأن تكون الشركة الرائدة عالميًّا في مجال البتروكيماويات. نجحت سابك في استثمار الغاز المهدر، وتحويله إلى منتجات أساسية، وخلق قطاع صناعي متكامل، يشكِّل اليوم القطاع الصناعي الثاني بعد النفط. أزعم أن التوسع في صناعة البتروكيماويات، ودخول شركات عالمية، لم يكن ليحدث لولا نجاح سابك التراكمي. وكما كانت الشركة نقطة التحول في تحقيق الاستثمار الأمثل للغاز المصاحب بدل حرقه، أصبحت اليوم محورًا للابتكارات المهمة التي يمكن من خلالها تحقيق هدف استدامة الطلب على البترول، والتوسع في قطاع المواد البلورمارية المبتكرة، واقتصاد الكربون الدائري، وتحويل النفط إلى مواد بتروكيماوية، وأن يتم إعلان توجُّه المملكة لتصدير الغاز من خلال مؤتمرها الحالي. كان لافتًا إعلان سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في كلمته توجُّه المملكة لتصدير الغاز مستقبلاً. لِمَ لا وقطاع البتروكيماويات كان في أمسّ الحاجة لزيادة حجم الغاز المخصص للصناعة، إضافة إلى حاجة قطاع الكهرباء الماسة للغاز وفق استراتيجية التحول الاستراتيجية. الانتقال السريع من مرحلة تلبية الطلب المحلي للتصدير أمرٌ يبعث على التفاؤل، وربما ارتبط باكتشافات مهمة، وتحوُّل استراتيجي في قطاع الغاز. من المتوقع أن يُحدث إعلان نية المملكة تصدير الغاز تغييرًا في خطط بعض الدول الاستثمارية، ومنعها من التوسع في قطاع الغاز المسال خشية المنافسة التي ستكون المملكة الفاعل الرئيس فيها. «برنامج استدامة الطلب على البترول» الذي أشار له سمو وزير الطاقة من البرامج الاستراتيجية التي تركز على رفع الكفاءة الاقتصادية والبيئية والابتكار والاستدامة وحماية البيئة، وهي محاور اهتم بها مؤتمر سابك الحالي؛ وهو ما يؤكد التوافق في الرؤية الاستراتيجية الوطنية. بلاط البوليمر، والخرسانة البوليمرية، والبلاستيك المقوى بالألياف الزجاجية، من المنتجات المعززة للطلب، والقادرة على فتح سوق محلية، تعتمد الصناعات الأساسية كلقيم لصناعات تحويلية رائدة، تحقق الاستدامة، وترفع من حصة المملكة عالميًّا. مشروع الكربون الدائري من أهم المشاريع التي تراهن عليها المملكة، وتعتمد عليها لمواجهة التحيز العالمي ضد النفط، والتشريعات البيئية المهددة لمستقبله، وجعل المملكة متوائمة مع التوجهات العالمية ذات العلاقة بالبيئة والتغيُّر المناخي، والتنمية المستدامة. يُعتبر التغيُّر المناخي من أهم ملفات مجموعة العشرين الجدلية، ومن الذكاء تقديم المملكة البرنامج كمبادرة خلال فترة رئاستها الحالية لمجموعة العشرين. عودًا على بدء، نجح منظمو مؤتمر سابك 2020 في نجاحه، وإظهاره بشكل احترافي، وإثراء الجانب المعرفي والفني من خلال المحاور الأربعة التي أجزم بأنها قاعدة برنامج الاستدامة الوطني، التي تشكِّل بداية مرحلة جديدة، يكون فيها الابتكار والذكاء الصناعي سيدَيْ الموقف.