انتشار الشيلات في الخليج والوطن العربي لم يكن أمراً سلبياً أو غير مقبول رغم أن هناك من يرى أن هذه الشيلات و(الشلات) نتاج آخر من نتاج الفنون المستهجنة والحديثة التي ليس لها أي أسس مقامية كمقامات الموسيقى والفنون الشرقية؛ فهي غالباً ما تعتمد على قوة الصوت لا جماله أو عذوبته و(عضويته) التي تختلف اختلافاً كلياً مع الإيقاع المضطرب والمنضرب على قفاه أحياناً. وصل الأمر بهذا الفن أن تلحن حتى الأرقام والأحرف اللاتينية. لا يوجد للملحن أو المؤدي وقت على الطبخة أو الخبطة الفنية لتظهر أو (تصهر) بشكل ملائم للمستمع؛ إذ تمر هذه الكلمات كالبرق مدوياً، ويخطف الأسماع دون بداية أو نهاية محكمة. فهذه جريمة بحق الشعر رغم أن غالبها ليس فيها حكاية من الشعر. وما يزيد الاستغراب جدية الأداء والاهتمام والدعم اللامحدود، لا للكلمات أو المفردات التي تلتوي كالتواء (الحيّة) في حنجرة الفنان، وأحياناً تتحشرج الكلمات وتتدحرج سريعاً لتخرج، بل كما يزعم المهتمون وروادها الدعم المادي والمعنوي الذي غالباً ما تعلن هذه المقدمة التعريفية في بداية كل الشيلة. * * * هذه الفنون حسبما أعتقد من المفترض أن تخصص أو تستخدم للشعر الساخر، ومدى سخريته المقبولة التي غالباً ما تلامس شيئاً من الواقع رغم بعض المبالغات، ولكنها تبقى مبالغات طريفة وظريفة في محض المأمول والمقبول بحجم الشعر الساخر. يقول شاعر ساخر: ويقول شاعر آخر بلسان الفنان وائل كفوري: ويقول شاعر آخر يتحدى الذائقة الفنية ومناخات الطقس وتقلباته: * * * قد يكون الفن رسالة سامية كما يزعم الفنانون ومحبو الفن. وإضافة إلى ذلك أن الشعر يحمل ملايين الرسائل في جميع أنواعه، والشيلات لا تحمل إلا ما حمل الإنسان من غثاء وارتجاج في الذائقة إن كان بالفعل هناك ذائقة. وتبقى مكانة الشعر الساخر لا بأس فيها رغم قلة الشعراء المبدعين الذين يجيدون التعامل مع هذه الطرافة وخفة الدم دون الإساءة أو التقليل من أي أحد أو اثنين أو أي يوم من أيام الأسبوع. ** **