أعتقد أن المدن السعودية بدأت تدخل مرحلة «تشغيلية» أكثر تطوراً على مستوى إدارة وظائفها وأنشطتها الحياتية المختلفة، وهذا يتوجب أن تتجاوز الكثير من الأساليب «التقليدية» في ممارساتها الإدارية والمجتمعية خاصة في أوقات المناسبات الموسمية التي باتت «حدثاً مُنتظراً» لسكان هذه المدن، وهذا عادة ما يتطلب «ثقافة» عمل جديدة تتواكب مع ما وصل إليه أفراد المجتمع «المستهدفون» من «معرفة» اكتسبوها من انفتاحهم على شعوب العالم والتعرف على تجاربهم وثقافاتهم. العيد، «حدث استثنائي» له اعتباراته، ورسالته، وأهدافه، وقيمه الإنسانية، والتي يأتي في مقدمتها نشر ثقافة «الفرح» وتعزيز مبادئ «المدن المبتسمة» وما يرتبط بها من «رقي» مصاحب في مستوى التعايش بين الناس. هي مناسبة لائقة للتعبير عن «الاعتذار»، وإظهار «حسن «النوايا»، وتغليب «العلاقة مع الآخر»، واستعادة «الفرص المفقودة»، لا مجال لتعكير صفو هذا الحدث «الإيماني» للنفس البشرية، «مهما كانت المبررات». مؤخراً، من الواضح أن الأجهزة الحكومية المعنية لديها رغبة جادة في تطوير «مفهوم» و«ثقافة» الاحتفال بالعيد، وهناك توجه مُعزَّز لتقديم العيد على «منصة متطورة» وبأسلوب «احترافي» يُمكّن من «استثماره اجتماعياً» وبما ينعكس على «جودة الحياة» داخل المدن، وهذا ما يبدو من خلال إعلان العديد من المدن السعودية عن «تحول نوعي « و»نقلة كبيرة» في هوية الاحتفال بالعيد وما يصاحبها من تطبيقات «غير مسبوقة»، وهذا أمر في غاية الإيجابية. إلا أنه وعلى الرغم من هذه «الجهود الاستثنائية» هناك من لا زال يمتلك قناعات «مزمنة» ويُصرّ على البقاء في «الأمس»، والتشبث بحقبته «التقليدية» التي لم تصنع عبر الزمن سوى «مدن مكتئبة»، و«أماكن» يسيطر عليها «البؤس»، من خلال تنظيم «أحداث رتيبة جداً» في مجملها لا تخرج عن حفل خطابي «بائس» لا داعي له في الأصل، عادة ما يظهر في صورة «مُستَهلَكة»، و«رتيبة»، و»مُتكلفة» جداً لنفس الأشخاص، ولذات الوجوه، في نسخة عفا عليها الزمن من فترة «السبعينات»، وفعاليات مرادفة «مكررة» و«نمطية»، ماهي إلا «تَّعْبِيرٌ» عن حالة من ثقافة «الجمود»، و«الإفلاس الإبداعي». الأمر ذاته ينطبق على ثلة من البشر «المكتئبين» ممن «تخندقوا» كرفض اجتماعي و«تقوقعوا» في أفكار «منغلقة»، وعاشوا في «أوهام» صنعوها بأنفسهم، وسوّقوا «خرافات» لطالما أجهضت ولردح من الزمن كل محاولات المدن لإظهار «طبيعة» العيد، بكل حسن النوايا التي كان من شأنها «نشر الحياة»، والخروج من هذه «الانفراد» الروحي. صناعة «الفوبيا» أمام كل خطوة حياة «جريئة» قد تُعيد المُدن إلى طبيعتها، سوف يجعل منها مجتمعات عمرانية «مملة» و«كئيبة»، وسيصبح سكانها أكثر «عزلة»، فثمة «سوداويون» يريدون أن يحولوا المُدن إلى أماكن «أحادية» وينزعون منها كل مظاهر الفرح. تجاهلوهم وخذونا إلى مدن «مبتسمة» تعج بالحياة، وكل عام وأنتم بخير.