«................... فلما حضر الحكيم رويان قال له الملك: أتعلم لماذا أحضرتك؟ فقال الحكيم: لا يعلم الغيب إلا الله، فقال له الملك: أحضرتك لكي أقتلك وأعدم روحك. فتعجب الحكيم رويان من تلك المقالة غاية التعجب، وقال: أيها الملك لماذا تقتلني؟ وأي ذنب بدأ مني؟ فقال له الملك: قد قيل لي أنك جاسوس جئت لتقتلني، وها أنا أقتلك قبل أن تقتلني ثم إن الملك صاح على السياف وقال له: اضرب رقبة هذا الغدار وأرحنا من شره. فقال الحكيم ابقني يبقيك الله ولا تقتلني يقتلك الله. ثم إنه كرر عليه القول مثل ماقلت لك أيها العفريت وأنت لا تدعني بل تريد قتلي.» (ألف ليلة وليلة، الدار المصرية واللبنانية ،2018، ص 40) . قال الحكيم للملك:» أيها الملك إن كان لابد من قتلي فأمهلني حتى أنزل إلى داري فأخلص نفسي وأوصي أهلي وجيراني أن يدفنوني وأهب كتب الطب، وعندي كتاب خاص الخاص أهبه لك هدية تدخره في خزانتك، فقال الملك للحكيم: وماهذا الكتاب، قال فيه شيء لا يحصى، وأقل ما فيه من الأسرار أنك إذا قطعت رأسي وفتحته وعددت ثلاث ورقات ثم تقرأ ثلاثة أسطر من الصحيفة التي على يسارك، فإن الرأس تكلمك وتجاوبك على جميع ما سألتها عنه. ................................... وقال الحكيم: أيها الملك خذ هذا الكتاب، ولاتعمل به حتى تقطع رأسي، فإذا قطعتها فاجعلها في ذلك الطبق وأمر بكبسها على ذلك الذرور فإذا فعلت ذلك فإن دمها ينقطع، ثم افتح الكتاب.. ففتحه الملك ووجده ملصوقا، فحط إصبعه في فمه وبله بريقه وفتح أول ورقة والثانية والثالثة والورق مايفتح إلا بجهد، ففتح الملك ست ورقات ونظر فيها فلم يجد فيها كتاب، فقال الملك: أيها الحكيم، مافيه شيء مكتوب. فقال الحكيم قلب زيادة على ذلك، فقلب فيه زيادة لم يكن إلا قليلا من الزمان حتى سرى فيه السم لوقته وساعته، فإن الكتاب كان مسموما، فعند ذلك تزحزح الملك وصاح وقال قد سرى السم. (ألف ليلة وليلة، الدار المصرية واللبنانية ،2018 ص41- 42) نموذج التشويق في حكايات الجن والعفاريت وتواصل شهرزاد الحكيمة سردها عن قصص نسب الإنس والجن ففي (حكاية الليلة 795) تقول شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أنه قال لها سيف الملوك يادولت خاتون إنك إنسية وهي جنية فمن أين تكون هذه أختك ؟ فقالت له إنها أختي من الرضاع، وسبب ذلك أن أمي نزلت تتفرج في البستان فجاءها الطلق فولدتني في البستان وكانت أم بديعة الجمال في البستان وهي وأعوانه فجاءها الطلق فنزلت في طرف البستان وولدت بديعة الجمال وأرسلت بعض جواريها إلى أمي تطلب منها طعاما وحوائج الولادة، فبعثت إليها أمي ماطلبته وعزمت عليها فقامت وأخذت بديعة الجمال وأتت إلى أمي فأرضعت أمي بديعة الجمال ثم أقامت أمها وهي معها عندنا في البستان مدة شهرين وبعد ذلك سافرت إلى بلادها وأعطت أمي حاجة وقالت إذا احتجت إلي أجيئك في وسط البستان، وكانت تأتي بديعة الجمال مع أمها في كل عام ويقيمان عندنا مدة من الزمان ثم يرجعان إلى بلادهما، فلو كنت أنا عند أمي ياسيف الملوك ورأيتك عندنا في بلادنا ونحن مجتمع شملنا مثل العادة كنت أتحيل عليها بحيلة حتى أوصلك إلى مرادك، وأدرك شهرزاد الصباح فمسكت عن الكلام المباح (ألف ليلة وليلة، دار العودة، 1988، ص 1222) وفي حكاية 796 قالت شهرزاد: «بلغني أن دولت خاتون قالت للعفريت حاتم: أنا مابقي لي أحد غيرك إلا الله وأنا مادمت بالحياة لم أزل معانقة لروحك وإن كنت أنا ما أحفظ لروحك وأضعها في وسط عيني فكيف تكون حياتي بعدك، وإذا عرفت روحك حفظتها مثل عيني، فعند ذلك قال لي: حين ولدت أخبرني المنجمون أن هلاكي يكون على يد واحد من أولاد الملوك الإنس، فأخذت روحي ووضعتها في حوصلة عصفور وحبست العصفور في حق ووضعت الحق في علبة ووضعت العلبة في سبع علب من جانب هذا البحر المحيط لأن هذا الجانب بعيد عن بلاد الإنس، ومايقدر أحد من الإنس يصل إليه ... » (ألف ليلة وليلة، دار العودة، ص 1223) وفي حكاية الليلة 797 قالت شهرزاد: «بلغني أيها الملك السعيد أن دولت خاتون لما خبرت سيف الملوك بروح الجني الذي خطفها وبينت له ماقاله الجني إلى أن قال لها وهذا سر بيننا، قالت فقلت له ومن أحدثه به وأنا ما يأتي إلي أحد غيرك حتى أقول له، ثم قلت له والله إنك جعلت روحك في حصن حصين عظيم لا يصل إليه أحد، فكيف يصل إلى ذلك أحد من الإنس حتى لو فرض المحال وقدر الله مثل ماقال المنجمون فكيف يكون أحد من الإنس يصل إلى هذا؟ فقال ربما أحد منهم في إصبعه خاتم سليمان عليها السلام ويأتي إلى هنا ويضع يده بهذا الخاتم على وجه الماء ثم يقول بحق الأسماء أن تطلع روح فلان، فيطلع التابوت فيكسره والصناديق كذلك والعلب ويخرج العصفور من الحق ويخنقه فأموت أنا.» (المصدر نفسه، ص 1224) وفي حكاية الليلة 798 قالت شهرزاد: «بلغني أيها الملك السعيد أن سيف الملوك قال: هو أنا أبي الملك وهذا خاتم سليمان بن داوود عليهما السلام في إصبعي، فقومي بنا إلى شاطئ هذا البحر حتى نبصر على كلامه هذا كذب أم صدق؟ فعند ذلك قام الاثنان ومشيا إلى أن وصلا إلى البحر ووقفت دولت خاتون على جانب البحر ودخل سيف الملوك في الماء إلى وسطه وقال بحق مافي هذا الخاتم من الأسماء والطلاسم وبحق سليمان عليه السلام أن تخرج روح فلان ابن الملك الأزرق الجني؟ فعند ذلك هاج البحر وطلع التابوت فأخذه سيف الملوك وضربه على الحجر فكسره وكسر الصناديق والعلب وأخرج العصفور من العلبة وتوجها إلى القصر وطلعا فوق التخت، وإذا بغبرة هائلة وشيء عظيم طائر وهو يقول أبقني يا ابن الملك ولا تقتلني واجعلني عتيقك وأنا أبلغك مقصودك فقالت له دولت خاتون لقد جاء الجني فاقتل العصفور لئلا يدخل هذا الملعون القصر ويأخذه منك ويقتلك ويقتلني بعدك، فعند ذلك خنق العصفور فمات فوقع الجني على الأرض كوم رماد فقالت دولت خاتون قد خلصنا من يد هذا الملعون فكيف نعمل، وأدرك شهرزاد الصباح فمسكت عن الكلام المباح.» (ألف ليلة وليلة، دار العودة، 1988، ص 1224). ** ** - ناصر محمد العديلي