لدي تفاؤل كبير بأننا قد بدأنا حقًّا في علاج ظاهرة التستر التي أرهقت اقتصادنا الوطني من خلال التحويلات الكبيرة التي يقوم بها عدد كبير من الوافدين، وبأرقام كبيرة، تؤكد أن مصدر دخلهم ليس الراتب فقط، بل يمارسون الأعمال التجارية بطرق غير نظامية لحسابهم الخاص، وبتسهيل ودعم من مواطنين (يتسترون عليهم). ولعل البداية لعلاج مشكلة التستر انطلقت قبل أعوام مع حملات التصحيح لأوضاع العمالة الوافدة التي أكدت وجود عمالة وافدة كبيرة، تمارس مهنة التستر، بدعم كبير من بعض أبناء الوطن. كما أن للجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التجارة والصناعة، من خلال كشفها بشكل مستمر عن مخالفات تجارية وغش تجاري يمارسه وافدون، هي كذلك أحد طرق علاج تلك الظاهرة. الجميع رحّب بإطلاق البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، الذي يهدف إلى معالجة التستر في القطاعات كافة، وتطوير الأنظمة والتشريعات المتعلقة به، وتحفيز التجارة الإلكترونية، واستخدام الحلول التقنية، كما يهدف إلى تنظيم التعاملات المالية للحد من خروج الأموال، وتعزيز النمو في القطاع الخاص، وتوليد وظائف جاذبة للسعوديين، وتشجيعهم على الاستثمار، وإيجاد حلول لمشكلة تملك الأجانب بشكل غير نظامي في القطاع الخاص. ويعد البرنامج إحدى مبادرات منظومة التجارة والاستثمار لبرنامج التحول الوطني 2020، ويهدف للقضاء على التستر التجاري من خلال تطوير الأنظمة والتشريعات، وتكثيف الرقابة، وتعزيز التوعية، وتوحيد الجهود. وفي تصريح سابق لمعالي وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي قال إن محاربة التستر التجاري توجُّه دولة، والجهات العشر المشاركة في البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري تعمل بوتيرة متسارعة، وإن هناك تقارير دورية ترفع لمتابعة مستوى تقدُّم الأعمال، وتشترك فيها كل من: وزارة التجارة والاستثمار، وزارة الداخلية، وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وزارة الشؤون البلدية والقروية، الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، الهيئة العامة للزكاة والدخل، مؤسسة النقد العربي السعودي والهيئة العامة للاستثمار. وطني يحتاج الآن بشكل جدي من بعض أبنائه إلى وعي وحس عالٍ بخطر التستر، وأن يدركوا أن مساعدتهم المتسترين تخالف الدين، وتضر بالوطن وأبناء الوطن؛ فالمتستَّر عليه لا يهمه نوع العمل الذي يقوم به طالما أنه يحقق دخلاً ومكاسب مادية كبيرة دون الاهتمام بمصلحة المواطن أو الوطن. فالقضاء على التستر يتطلب تضافر جهود كبيرة من قِبل المواطنين وأصحاب العمل والجهات الحكومية ذات العلاقة؛ فالمواطن الذي يتستر على آخرين هو الحل الأول؛ فمتى توقف عن ذلك فسوف تنتهي المشكلة تمامًا. كما بدأت فأنا متفائل بأنه بتعاون الجميع سوف نلحظ الفرق -إن شاء الله- بعد أشهر أو لنقل سنة من الآن، وسوف تنظف بلادي من عمالة وافدة، قدمت بغرض جني الثمار من مواطنين متخاذلين.