سؤال: ما مدى كثرة انتشار سقوط الطائرات؟ حتى لو لم تعرف النسبة، يمكنك أن تصل إلى تخمين قريب منها: شبه معدوم. كل يوم تقلع قرابة 100 ألف طائرة عالميًا وتصل سالمة. لكن لو سقطت إحداها وظهر هذا في الأخبار فستقفز توقعاتك قفزة عنيفة! والسبب كما يقول المفكر دانيل كانمان أداة ذهنية يستخدمها مخك، اسمها أداة التوفر، أي مدى توفر الحادثة في ذهنك وقربها من استرجاعك، وهي لها فوائد لكن لها أضرار. عندما نريد تقدير عدد شيء ما (مثلاً ظاهرة سقوط الطائرات أو انتشار السرقات أو الجرائم) فإننا نبالغ في التقدير إذا كان استرجاع المعلومة سريعًا وهي متوافرة بسهولة في ذاكرتك. مثلاً، لو قلت لك: قدّر لي نسبة المشكلات التي يتسبب فيها الناس من الجنسية الفلانية. ربما لم تسمع بهذه الدولة من قبل، لكن لو تشاحنتَ مع أحدهم قبل السؤال بأسبوع فستعطي تقديرًا عاليًا ولو لم يستند للواقع. أمثلة أخرى تخدعك فيها أداة التوفر: - حدث كبير مثل سقوط طائرة يكتسح الأخبار ومن ثم تسترجعه بسهولة ومن ثم تظن الطيران خطيرًا. - إذا رأيت سيارة محترقة على جانب الطريق فسيبدو العالم أكثر خطورة لأن استرجاعها سريع. - التجارب الشخصية أقوى وأبقى في الذاكرة مما حصل للآخرين من الإحصائيات والكلمات. خطأ قضائي ضدك يهز ثقتك في العدالة أكثر من حادثة مشابهة تقرأ عنها. من الممكن مقاومة هذا الخطأ التفكيري وذلك بأن تسأل أسئلة مثل: هل تقديري لانتشار السرقات قائم على بضع حالات في الحي الذي أعيش فيه؟ أو هل اعتقادي أن الطيران خطير يعتمد فقط على حادثة أو اثنتان قرأت عنهما في الأخبار في الأشهر الماضية؟ الوعي بهذا الخطأ يصوّب تفكيرك، ويحسن حتى علاقاتك مع الآخرين، بما في ذلك الزواج. مثلاً عندما تتذكر إسهامك في البيت أو هدية قدمتها لزوجتك تسترجع المعلومة بسرعة ومن ثم تبالغ في تقدير المرات التي فعلت فيها ذلك، وهذا قد يصبح نقطة خلاف، بينما لو تذكرتَ أن أداة التوفر تخدعك وتجعلك تبالغ في تقديرك فستكون أكثر وعيًا وتقييماتك أكثر واقعية وهكذا لا يزيد الخلاف.