تابعت متأخراً لقاء الأستاذ عبده خال مع الإعلامي القدير الأستاذ عبدالله المديفر، بحكم متابعتي للتلفزيون شبه المعدومة لم أعلم عن اللقاء ولكن شدني مقطع فيديو وصلني يحمل نقدا قاسيا للقاء - للأستاذ عبده تحديدا - وهو في تصوري نقد يندرج تحت رؤية الصراع بين تيارين فكريين يعرفها الجميع، لذلك قررت أن أتابع اللقاء كاملاً لأستشف رؤيتي الخاصة بخصوص اللقاء وضيفه الكريم. في كثير من مجريات هذا اللقاء ردد الأستاذ عبده عبارة «فلان لم يقرأ» ورفض بشكل أو بآخر أفكار النقاد في إنتاجه الفني وهذا في رأيي ينبئ بشكل واضح عن شخصية الفنان المغرورة بالفن الذي تصنعه والذي ترى أنه يجب ألا يخضع إلا لمقاييس الذائقة البحتة، فلا يمكن توجيه التهم المتلاحقة لإبداع شخص أفنى عمره فيما يبدع ثم يقبل التهم واحدة تلو الأخرى، هذا فضلاً عن إرث كبير من الصراعات التي خاضها عبده خال ضد من حاربوه دون أن يقرأ أحد منهم له كتابا، فظهرت حساسيته المفرطة تجاه النقد من وعي سابق بأن من ينتقده إنما يستهدف شخصه وليس إبداعه، وهذا إن كان صحيحاً فهو أيضا مسؤوليته هو وليس مسؤولية الآخرين. شدني جدا ظهور الروائي العميق من داخل عبده خال حينما طالب المجتمع والنقاد بمحاكمة شخصيات الروايات بدلاً من محاكمة الكاتب، وهذا من أعمق ما قد تراه من الروائي، بأن يمنح شخصياته استقلالية تامة وواقعية كاملة تجعلها تتحمل مسؤولية ما تقوله وتفعله في ثنايا الرواية. عبده خال بذكاء أفسح المجال أمام شخصياته للخروج من العالم التخييلي إلى مواجهة الواقع. ** **