لم نكن نعرف ونحن نطرح متابعة ملتقى جماعة حوار في جدة والتي تناولت الآراء النقدية حول رواية عيون على السماء للقاصة والروائية قماشة العليان ضمن قراءة الملتقى للرواية النسائية في المملكة أن يتصاعد الأمر إلى هذا الحد. فقد ظننا (وكالعادة) اننا نقدم للقارئ وقائع ثقافية بما يدور حولها من آراء يمكن ان تثري وتسهم في الحركة الابداعية والثقافة خاصة وأننا تابعنا نشاطات الملتقى وقراءته لروايات نسائية أخرى عديدة بعضها أخرجه الملتقى من نطاق الرواية كرواية (عذرا يا آدم) للكاتبة صفية عنبر وبعضها ناله من النقد ما ناله الى أن جاءت متابعة (اليوم) للملتقى حول رواية القاصة والروائية العليان والتي طرح فيها الروائي والناقد عبده خال رؤيته ومعه مجموعة من المتحاورين في الملتقى.. وقال كل رأيه وهو في النهاية رأي شخص يعبر عن قائله.. وكما يقول جراهام هو ان النقد ليس مرة واحدة وكفى.. فان ما طرح قد لا يعبر بالضرورة ولا يفيد في نفس الوقت العمل الابداعي عن تلقي واستنطاق اراء اخرى مناوئة أو مغايرة. لقد فوجئنا بأن الروائية العليان أقامت دعوى ضد عبده خال حول ما طرح من آراء وفي الحقيقة هذا الخبر وضع أمامنا قضية تعد سابقة تتسم بالخطورة حول لجوء الادباء الى القضاء لانصافهم من النقد بدلا من الحوار الفاعل ومقارعة النقد بالنقد وهذا ما دفعنا الى طرح القضية على مجموعة من الادباء لنستطلع آراءهم حول تفاعلات القضية لنحصل على هذه الآراء التي ما سمح لنا الوقت بالاضافة اليها. د. حسن النعمي يقول حول قضية قماشة وعبده خال: في زمن الحوار والدعوة للحوار يبدو غريبا مصادرة رأي الآخرين لمجرد الاختلاف معهم فكريا وادبيا. غير ان الدعوة المرفوعة ضد الروائي عبده خال تثبت نفي الآخر وحقه في الاختلاف ان رواية (عيون على السماء) للكاتبة قماشة العليان خضعت لقراءة نقدية في ملتقى جماعة حوار مثلها مثل روايات عديدة للكاتبات السعوديات ضمن محور خطاب السرد المحلي لرواية المرأة وتباينت الآراء حول هذه الروايات مثلما تباينت الآراء حول رواية عيون على السماء. ومن ابجديات الحوار هو قبول رأي الطرف الآخر على أنه رأي يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ في الوقت نفسه دون اللجوء الى التشكيك في رأي القارئ على انه ينطلق من موقف مسبق او نية سوء مبيته، كما انه ليس من حق الكاتب ان يمنع الناس من ان يقولوا رأيهم في العمل المطبوع المشاع بين الناس. وفي تصوري فان الكاتب لا سلطة له على عمله بعد ان يخرج الى الناس، فاذا كان الكاتب يخشى ردة فعل القراء السلبية حول عمله فلا يقدم على النشر ليحتفظ باعماله في حوزته وهذا حقه. وبالتالي سيسلم من النقد الذي قد لا يريحه ابدا، وعموما الكاتب الواثق من تجربته لا يخشى النقد بل يتعلم منه ويشكر الناس انهم قالوا رأيهم بصراحة دون مجاملة. انني ارى ان الصواب قد جانب قماشة العليان في خروجها عن المنطق الادبي في التعاطي مع الآراء النقدية حول عملها (عيون على السماء) وعليها اذا ارادت ان تعيد مصداقيتها في الوسط الادبي ان تنظر للقارئ باحترام اكبر، وان تعلم ان الاختلاف ظاهرة أدبية تحتاجها، وتحتاج أن نسمع تبريرها حول اختلافها مع قراءة الاستاذ عبده خال، ما ان تحمل الامور اكثر مما تحتمل. ولا اشك لحظة ان الصفحات الثقافية في اغلب الصحف المحلية سترحب بردها وحوارها واختلافها الموضوعي مع القراءة. وهذا هو منبر الاختلاف والنقاش الادبي لاقاعات المحاكم التي لها من المهام ما هو اجل واعظم من استياء كاتبه حول قراءة نقدية حول عمل من اعمالها. ويرى القاص علي فايع الالمعي ان العمل الادبي ايا كان يصبح ملكا للقارئ بعد ان يتحلل منه الكاتب لذا يبقى القارئ هو المسؤول امام جودة العمل او رداءته وله الحق ان يستحسن العمل او يستقبحه حسب ذائقته وهذا ينسجم مع تلك الانطباعات او الرؤى التي اعلنها المتحاورون بجماعة حوار ومع رواية (عيون على السماء) لقماشة العليان فهي تنطلق من ذائقة القارئ الفائقة في عمل لم يكن محفزا او مثيرا و حتى مضيفا في ذائقة التلقي وهذه الانطباعات اثر السابقين ودأب اللاحقين في التعاطف مع العمل الأدبي أو الوقوف في وجهه بالنقد والتحليل والتوجيه فلماذا تغضب؟ ليس عيبا ان تقول للعمل الردىء انه رديء بل العيب ان نعلي من شأنه ونجعله في مكان عال فنحن نؤسس لثقافة وطن وحوار نخبة. القاص حسين المكتبي يقول انا لا اتفق مع ما تقدمت به الكاتبة قماشة العليان ضد الروائي عبده خال وانا احد الحاضرين وما لمسته من القضية اننا في جماعة حوار نقرأ العمل دون سلطة الكاتب او القارئ الرواية كانت ضعيفة جدا علما ان القارئ الرئيسي للعمل استدل من الرواية على صحة ما ذهب اليه بان العمل ركيك ولا يحمل اي خطاب. فاذا خرج العمل الى المتلقي فهو أحق به وفق رؤيته الخاصة فقد نختلف مع عبده خال ومع غيره حول اي عمل يقرأه الجميع اذا طبع! انا اعتقد ان الرواية لم تزد في وعينا الاجتماعي او مخزوننا المعرفي وهو ما تساءلت عنه في الامسية، وما ينبغي على المبدع فعله اذا خرج عمله الى النور ان يستقبل جميع القراءات حتى ولو كانت سلبية، فكيف إذا نضع ايدينا على الجراح ونتقدم بالابداع الى أفق افضل؟ الناقد الدكتور ظافر الشهري الذي سبق له ان قرأ رواية (عيون على السماء) للكاتبة قماشة العليان في جمعية الثقافة والفنون بالدمام، نقديا يقول ما حدث قراءة نقدية متأنية لا اجد فيها ما يجعل الكاتبة تلجأ لمثل هذا الاسلوب، لان العمل الادبي ليس نصا شرعيا وحينما يكتبه الأديب يصبح ملكا للقراء ومن حق القراء والنقاد ان يقولوا كلمتهم فيه. واضاف الشهري ان ما قيل في القراءة والمناقشات حول هذه الرواية لا يخرج عن كونه قراءة نقدية تناولت عملا ادبيا بالنقد وليس الشخص وهذا قد يقع لاعمال كبار الروائيين مثل نجيب محفوظ وغيره. وتساءل لماذا هذا الانفعال من الكاتبة والشكوى؟! هل تريد العليان ان تفرض ما تكتبه على القراء والنقاد كونه قضايا مسلما بها وانه عمل جيد ورائع؟! واستطرد الشهري قائلا: وكون الناقد عبده خال تناول هذا العمل (عيون على السماء) بالنقد كأي عمل اخر فهذا لا يضر الكاتبة ولا يطعن في ثقافتها. واضاف: ربما كان عبده خال قاسيا في نقده فهذا اسلوبه واخيرا لا اجد فيما قيل في الامسية من خلال ما قرأت مما نشر في الصحافة ما يجعل الكاتبة تلجأ للشكوى التي قد تسيء لها ولأعمالها الروائية اكثر مما تخدمها. لان المحاكم مشغولة بما هو اهم من قراءة عبده خال لرواية (عيون على السماء)، وتساءل الشهري مرة أخرى عن لجوء الكاتبة لهذا الاسلوب العصبي قائلا: أليس الأجدى ان تأخذ ما قيل عن روايتها وتستفيد مما قيل في أعمالها القادمة سؤال اوجهه للكاتبة؟! وارجو ان لا تفهم قماشة العليان ما قيل عن الرواية أنه موجه لشخصها. وقال الروائي ابراهيم الناصر الحميدان ان قماشة العليان قد استعجلت بالحكم والتصرف وخاصة في لجوئها الى المحاكم وتجاهلها وسائل كثيرة يمكن ان تحل الاشكالية القائمة بين الزميلين. واشار الحميدان الى ان الساحة الثقافية لديها من الادراك والفهم ما تستطيع ان تفرق بين التهجم والنقد الموضوعي فاذا كان تهجما فعلى عبده خال الاعتذار واذا كان نقدا موضوعيا فيجب على الروائية قماشة العليان ان يكون لديها سعة صدر اكبر فهي ليست جديدة على العمل الأدبي والحدث الروائي والنقد التابع لهذا المنجز، واوضح الحميدان ان هذه الاشكالية تدعو الى ضرورة انشاء جمعية للادباء لحل خلافاتهم بينهم بعيدا عن اي جهات اخرى قد لا تعي كثيرا من عوالم الادب ولا تدرك كيفية التعامل معه معللا ذلك بان الأندية الأدبية والجمعيات القائمة لا تعد مرجعية للادباء وان القضاء ليس لهم قدرة على التواصل مع العمل اذا كان فكريا خارجا عن نطاق الشتم الشخصي او الفعل السلوكي. العبيد: اذا كان التجريح شخصيا فهو مرفوض قال عبدالرحمن العبيد رئيس النادي الادبي بالمنطقة الشرقية اذا كان هناك تجريح شخصي في أي قضية فهو مرفوض، اما اذا كان مجرد نقد ادبي فلا داعي للجوء الى المحكمة الا اذا كان هناك اتهام محدد ضمن حقوق الانسان.. أي اذا كان المر يتناقض مع حقوق الانسان.. ومن حق الكاتب ان يلجأ الى المحكمة اذا كان هناك خروج عن الآداب الشرعية، كأن يكون هناك تطاول على الانسان وسمعته، وهذا يحصل على جميع المستويات وفي الصحافة العالمية هناك محاكمات ومطالبات لمن يتعدى على الاخرين، ويحصل على التعويض المناسب لقاء ما اصابه من ضرر. أما اذا كان الأمر في إطار الأدب والنقد الادبي، فهو امر مقبول ومستساغ. ابراهيم الحميدان علي فايع الالمعي