هذه هي الحياة وسنة الله في خلقه ماضية، فيمرك يوم سعيد وآخر حزين ما أحقر هذه الحياة وما أتفهها فهي لا تساوي عند الله جناح بعوضة.. في اليوم الأول من السنة الميلادية 2019 افتقدنا الخالة لطيفة بنت سليمان الهاجري (أم طارق بن عبدالعزيز المهيزع) بعد أن مرت في السنوات الأخيرة بأيام عصيبة افتقدت فيها حبيبتيها (عينيها) وعانت من بعض الأمراض والأوجاع ودخلت على أثرها المستشفى لأيام ليست بالقليلة وخرجت وعادت إلا أن قضاء الله وقدره قد وقع بقبض روحها الطاهرة يوم الثلاثاء 24-4-1440ه. هذه الخالة رحمها الله امتازت عن غيرها بصفات ومواقف لا تنسى فمنذ طفولتي وأنا لا ابتعد عن منزلها خاصة أيام تلك الإجازات التي نقضيها في محافظة حريملاء، فقد كانت سعادتي لا توصف عندما تأذن والدتي حفظها الله بأن أذهب إلى منزلها والاستمتاع بالوقت مع أبنائها (وفقهم الله)، حيث ترحب بي أشد الترحيب وتكرمني كرمًا حاتميًا مستبعدة تلك النظرة كوني ما زلت في سن الطفولة تقديرًا منها رحمها الله وكرمًا وترغيبًا في البقاء لديها لمدة أطول، فقد كانت توصي أبناءها علي في الأكل وتمكيني من اللعب، وكان شغلها الشاغل أن أبقى سعيدًا فرحًا وقد تحقق ذلك بفضل الله ثم ما بذلته من عطف وحنان ومحبة وحرص، وجدت فيها حب الأطفال واحترام الكبار وإكرام الضيف والجار. عندما تسأل الصغار عنها يقولون نعرفها هي التي تعطينا الحلوى وبعض النقود كانت رحمها الله تحب أن ترى فرحة الأطفال على محياهم، كانت امرأة صبورة محتسبة تكرم من يأتيها وتحرص أشد الحرص على رعاية زوجها (رحمه الله) وأبنائها ومن يستضيفون، تسأل عن جيرانها تعود المريض وتدعو للمسافر والقريب، من صفاتها رحمها الله أنها تظهر ما تبطنه لا يمكن أن تقول لك إلا ما أسرته تحب أن ترى من حولها سعيدًا عندما تسمع بخلاف بين اثنين تحب أن تكون سببًا في الإصلاح بينهما توجه النساء دائمًا لمراعاة أزواجهن تقدر الصغير والكبير قلبها أبيض كالثلج لا أتذكر في طفولتي أنها نهرتني أو قالت كلمة غير مناسبة لأحد مع وجود بعض الأخطاء التي تصدر من الأطفال بطبيعتهم، كانت كالأم لكل واحد منا عندما تأتيها اليوم وقد تركتها بالأمس كأنها لم ترك منذ زمن بعيد ترحب وتسعد، ما أروعك أيتها اللطيفة الحبيبة، ما أعظمك أيتها الغالية الحنونة، ما أندرك أيتها الصابرة المحتسبة، رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته وألهمنا وأولادك وذويك الصبر والسلوان ولا نقول إلا «إنا لله وإنا إليه راجعون»، وأختم بهذه الكلمات المبعثرة: ** **