إن ما تُعاني منه بعض دول المنطقة من حولنا من انهيارات في معدلات الثقة باقتصادها، هو نتيجة فسادها السياسي المسيطر على قرارتها الاقتصادية القائمة على مصالح شخصية طغت على مصالح بلدانهم وشعوبهم، والذي يُعد أحد الأسباب الرئيسيّة التي قادت تلك الدول إلى عجزها في سداد ديونها وارتفاع معدلات التضخم بها وانخفاض التصنيف الائتماني لبنوكها ومؤسساتها المصرفية. يُعد السبب الرئيس بأن تراءت إلى مخيلتي مدرسة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين، القائمة على رؤية جعلت أحد أهم أهدافها الإستراتيجية، شن حرب على الفساد من أعلى الهرم التنظيمي للدولة، مع العمل بشكل موازٍ لتعزيز النزاهة من خلال إعادة هيكلة معظم الأجهزة الحكومية وتوسيع مدى الخدمات الإلكترونية والتطبيقات الذكية بهدف القضاء على الإجراءات البيروقراطية، وأيضًا اعتماد مبدأ الشفافية واعتماد لغة الأرقام كأحد مقاييس الأداء. تلك الإجراءات التي رسمتها مدرسة الحزم والعزم ونجحت في مواكبتها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، حققت مكاسب اقتصادية خلال العام 2018 لا يمكن تجاهلها، تمثلت في تقنين الهدر المالي بشكل ملحوظ في الأجهزة الحكومية من خلال محاصرة الكثير من التصرفات السلبية والتي كانت تعد من البنود الدائمة في أي موازنة تقديرية يتم إقرارها نتيجة تفعيل دور المحاسبة الفورية لأي تجاوزات يتم رصدها. وأخيرًا كمتخصص في مجال المراجعة لابد أن أتوقف عند كل ما تحقق من نتائج إيجابية اليوم، لكي أقول بصوت عالٍ إن المملكة نجحت في تحجيم أهواء وتحيزات الفاسدين الشخصية مما نتج عنه منافع جمة وبالغة الأهمية على استدامة التنمية الاقتصادية وخلق الفرص الاستثمارية التي أصبحت محل أنظار العالم والتي لم تكن متاحة من قبل. ** **