توارث العرب العديد من الأساطير التي تتحدث عن علاقة الشعراء مع الجن، وفضل الجن على الكثير من الشعراء في منحهم الإلهام اللازم ليكونوا شعراء يشار إليهم بالبنان. فمن أيام وادي عبقر وشاعرها الجان الشهير لافظ بن لاحظ إلى قصة قبر حرب وحتى العصر الحديث والجن يتفضل على الشعراء بأجمل أبيات الشعر كما يعتقد كثيرون. تجد -أيضاً- صوراً مخففة من الأساطير التي يتم تداولها بخصوص المبدعين بأن لهم طقوساً خاصة وحالات نفسية مهيبة وهالات غريبة تحيط بأولئك المتلاعبين باللغة شعرها ونثرها. يستمتع بهذه الدعاية -وبشكل مؤسف- كثير من الفنانين والمبدعين رغم أنها غير موجودة ومكذوبة على كثير من الشخصيات التاريخية من المبدعين، ويتصنع طقوسها آخرون؛ ظنًّا منهم أن هذه الحالات غير الطبيعية هي السبيل إلى ظهور الإبداع أو هي سره المخبأ. إن وجدت شاعراً أو كاتباً يمارس شيئاً من هذه الطقوس كي يشعرك أنه مختلف عنك، فلا يراودك الشك لحظة في أنه إما مريض نفسي أو ممثل بارع. الإبداع لا يشترط أبداً أن تكون مجنوناً أو غريب الأطوار، إنما الكثير من العمل الذي يبني الموهبة ويبعثها إلى أفق الإبداع. لن آخذ الحكمة أبداً من أفواه المجانين لكني سأترك المجال مفتوحاً أمام الجن لكي يردوا على هذا الرأي الذي أتبناه، فلهم أيضاً حق الرد. «حين تنتابني لحظات من الحس السليم، أفسد كل شيء» أنطونيو بورشيا» ** **