النقد عبارة عن عملية علمية تتصل بالمنطق بشكل وثيق، تحاول أن تفكك الفن عموماً ولها في ذلك أسبابها الخاصة والتي قد لا تكون جميعها نبيلة ولا منطقية، لكنها تبقى عملية لها ضروراتها في تشريح كينونة الفن ونقله في اتجاهين مختلفين. اتجاهٌ يذكر كل شيء في الفن بأنه له أصل ومنطلق، واتجاه آخر يأخذ بيد الفن إلى عالم أبعد وسقف أعلى نحو اكتشاف جديد. هذا الكلام يقوله الناقد بكل ثقة وتأكد، لكن الفنان لا يستسلم أصلاً لوجود النقد ولا يؤمن به مهما أظهر خلاف ذلك من الانصات وإظهار الاحترام والادّعاء بأنه يرحب بالنقد البناء وما إلى ذلك من «الثرثرة المضادة». بالمناسبة، مصطلح الثرثرة المضادة من اختراعي في هذه اللحظة ذلك أنه أحسن تعبير قد يعبر عن رد فعل الفنان تجاه النقد الذي يعده ثرثرة، ولن يأتي اليوم الذي يعترف للناقد بفضل أو يدين له بدين. أما أنا فبالطبع أميل إلى رأي الفنان وأقف معه وأسلك سلوكه، وأعتقد أني حين أقدم فناً ما فهو في سبيل الفن وبطريقتي الخاصة التي لا أسمح لأحد أن يقترب منها بالنقد والتشريح والتمحيص، أؤمن كثيرًا أن غرور الفنان جزء من شخصيته وضرورة لإبداعه. أخيراً، كلمة «الفنان» المستخدمة هنا تشمل كل أنواع الفنون الأدائية والتعبيرية والكتابية، وسأكتب لك فكرتي عن المثقف والفنان قريباً.