سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العلاقات الإماراتية السعودية «فوق إستراتيجية» تستند إلى موروث تاريخي ورؤية صاغها الآباء المؤسسون في البلدين الشيخ شخبوط آل نهيان سفير الإمارات في المملكة ل«الجزيرة»:
قال سعادة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى المملكة الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان إن العلاقات الإماراتية السعودية علاقات تاريخية، متجذرة بين قيادتي البلدين والشعبين، وهي علاقات صاغتها الرؤية المشتركة والإرادة السياسية التي كانت وما زالت تعتبر أن علاقات البلدين فوق إستراتيجية. وأضاف سعادته في مقابلة خاصة مع «الجزيرة» أن هذه العلاقات تشهد دومًا تقدمًا نوعيًا على مختلف المستويات، وليس أدل على ذلك من عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي، الذي جاء نتيجة اتفاقية تأسيسه الموقعة بين المملكة والإمارات في 17 مايو 2016، بقصر السلام في جدة، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. إضافة إلى عقد خلوتين للمسؤولين عن قطاعات مختلفة في أبوظبي والرياض، وأدت إلى توقيع اتفاقيات تعاون شملت مختلف المجالات. وأشار سعادة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة إلى ما تبذله قيادتا البلدين من جهود كبيرة من أجل مستقبل الشعبين، مؤكدًا أن توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تدعم تعزيز هذه العلاقات، وتلتقي في توجيهاتها مع توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، من حيث التأكيد دومًا على أن هذه العلاقة التي رعاها أيضًا الآباء المؤسسون في الدولتين، علاقة فوق إستراتيجية، وتاريخية أيضًا. الحوار مع سعادة السفير تناول العلاقات السعودية الإماراتية، وما يتعلق باجتماع مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، وأهداف هذا المجلس، وأبرز نتائجه، وآفاق هذه العلاقة بين البلدين والشعبين. وكان حوارًا مهمًا، حفل بالمعلومات والتطلعات، فوق ما فيه من خبرة للدبلوماسية الإماراتية التي تترك دومًا بصمة كبيرة في هذا العالم، وفي مؤسساته الدولية والإقليمية والعربية. وفيما يلي نص الحوار: * ماذا تقولون سعادة السفير بعد انطلاقة أعمال مجلس التنسيق الأول، بين المملكة العربية السعودية والإمارات؟ - لابد أن أتوجه أولاً بالتهنئة إلى القيادتين الحكيمتين في الإمارات والمملكة العربية السعودية على هذا الإنجاز العظيم، أي انطلاقة مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الأول، وما رافقه من توقيع لاتفاقيات ومذكرات، وهو إنجاز لم يتحقق لولا الإرادة المشتركة عند القيادتين من أجل تطوير هذه العلاقات، مع إيمانهما المطلق بقدرات البلدين والشعبين. هذا النهج المبارك، تأسس على موروث تاريخي بين البلدين، ونحن الآن بفضل رؤية القيادتين أمام مرحلة جديدة تتناسب مع مكانة الإمارات والمملكة، وهي مكانة عالمية وإقليمية، تجعل البلدين دومًا في المراتب الأولى، وفي صدارة الشعوب والأمم، ولابد أن أشير إلى أن البلدين يتطابقان بشكل كامل على مستوى السياسات، وفي المؤسسات العربية والإقليمية والدولية، وتقف كل دولة إلى جانب شقيقتها بما تعنيه الكلمة، وليس أدل على ذلك من تلبية الإمارات لنداء المملكة عبر الشراكة في التحالف العربي لعودة الشرعية في اليمن من أجل حماية كل المنطقة، ولا ننسى هنا، شهداء الإمارات وتضحيتهم بالدم، نيابة عن كل المنطقة، حين يقدمون المثل الأعلى في الشجاعة والتضحية والإقدام والحرفية العسكرية أيضًا. * كيف ترون سعادة السفير واقع ومستقبل العلاقات السعودية الإماراتية؟ - أود أن أشير إلى أن لدولة الإمارات علاقات راسخة ومتينة مع المملكة، مدعومة بالروابط الدينية والتاريخية والاجتماعية والثقافية بين البلدين، بالإضافة إلى عضويتهما في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهذه العلاقة تاريخية، بمعنى أنها تأسست على إرث عظيم بين البلدين والقيادتين والشعبين، والكل يدرك هنا، أن الرؤية واحدة بين البلدين إزاء مختلف القضايا، ويمكن أن نقول إنها علاقة تكاملية، تصب في مصلحة الشعبين، هكذا كانت، وستبقى، ونحن أمام مرحلة جديدة سوف يلمس الشعبان نتائجها. ولابد أن نشير هنا إلى أن التوافق في الرؤى يعد كبيرًا جدًا وكاملاً، بما تعنيه الكلمة، إزاء أبرز الملفات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مثلما أن للدولتين ذات الرؤية إزاء قضايا المنطقة والعالم، وهذا أمر نلمسه في كل موقع في العالم، والكيفية التي يتوجب أن تتم فيها مواجهة الأزمات أو الأخطار، وتكريس الاستقرار خصوصًا أمام تلك الأخطار الإقليمية، أو التي تنتجها جماعات التطرف والإرهاب. بكل وضوح فإن ما بين البلدين أكبر من التوصيف اللغوي، وهي علاقة أكبر من أن توصف بالثنائية وحسب، علاقة فريدة استثنائية، وهي واقع نعيشه وعشناه سابقًا على مدى العقود الفائتة، ونتطلع اليوم إلى ما هو أكبر خصوصًا بعد انطلاقة أعمال مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، وما نتج عنه من اتفاقيات. * مجلس التنسيق السعودي الإماراتي إنجاز مهم كما أشرتم سعادة السفير، ما أبرز غايات هذا المجلس وأهدافه؟ - يعتبر مجلس التنسيق السعودي الإماراتي تتويجًا للعلاقات المتميزة بين البلدين بهدف إطلاق وتفعيل المبادرات والشراكات في الأمور والموضوعات ذات الاهتمام المشترك في جميع المجالات، وغاية المجلس خلق نموذج استثنائي في التكامل والتعاون بين البلدين عبر تنفيذ مشاريع إستراتيجية مشتركة من أجل سعادة ورضا شعبي البلدين، وهو إضافة لمكانة المنطقة سياسيًا في هذا العالم، مثلما هو تعزيز لمكانة وقوة مجلس التعاون الخليجي، ويستمد قيمه وطموحاته من العمل الخليجي المشترك والعمل العربي المشترك. هذا المجلس يهدف إلى إبراز مكانة الدولتين في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية والتكامل السياسي والأمني العسكري، من خلال وضع رؤية مشتركة تعمل على تعميق واستدامة العلاقات بين البلدين بما يتفق مع أهداف مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما أشرت سابقًا، وتعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة بين البلدين وإيجاد الحلول المبتكرة للاستغلال الأمثل للموارد الحالية، وبناء منظومة تعليمية فعّالة ومتكاملة قائمة على نقاط القوة التي تتميز بها كل من الدولتين لإعداد أجيال مواطنة ذات كفاءة عالية، وتعزيز التعاون والتكامل بين البلدين في المجال السياسي والأمني والعسكري بما يعزز أمن ومكانة الدولتين السيادية الإقليمية والدولية، وضمان التنفيذ الفعال لفرص التعاون والشراكة بين البلدين، عبر آليات واضحة ومحددة وضمن خطط مدروسة من حيث تأثيرها وفاعليتها. ويأتي هذا المجلس نتاج رؤية القيادتين لبلديهما وشعبيهما، رؤية تستند إلى التاريخ والحاضر، وتتطلع إلى المستقبل وآفاقه من أجل مصلحة الشعبين في خضم عالم حافل بالتحديات، وفي ظل إمكانات كبيرة جدًا للبلدين على المستوى السياسي والاقتصادي والبشري، بما يجعل هذه الرؤية التي تستشرف المستقبل دليلاً على بصيرة القيادتين وحنكتهما أيضًا. * تم عقد اجتماع مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الأول في جدة، خلال شهر رمضان الفائت، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كيف ترون نتائج هذه الاجتماعات على مستوى علاقات البلدين؟ - هذا الحضور لقيادتي البلدين هو بمنزلة مباركة لأعمال المجلس، ودليل على التطابق الكامل في الرؤية بين البلدين، وهي رؤية سديدة، هدفها أن تكون الدولتان والشعبان في مقدمة دول وشعوب العالم. ولقد شهد هذا الاجتماع المبارك الإعلان عن الهيكل التنظيمي للمجلس الذي تم تشكيله بهدف تكثيف تعاون البلدين في المجالات ذات الاهتمام المشترك، ومتابعة تنفيذ المشاريع والبرامج المختلفة، وصولاً إلى تحقيق رؤية المجلس في إبراز مكانة الدولتين في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية والتكامل السياسي والأمني العسكري، وتحقيق رفاه مجتمع البلدين. ولقد تم الإعلان في هذا الاجتماع عن رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصاديًا وتنمويًا وعسكريًا، عبر أربعة وأربعين مشروعًا إستراتيجيًا مشتركًا، من أصل مئة وخمسة وسبعين مبادرة ومشروعًا، وذلك من خلال إستراتيجية العزم التي عمل عليها أكثر من ثلاثمئة وخمسين مسؤولاً من البلدين ومئة وتسع وثلاثين جهة مختلفة على مدى عام كامل، ومن خلال ثلاثة محاور رئيسة، هي المحور الاقتصادي، والمحور البشري والمعرفي، والمحور السياسي والأمني والعسكري، وهي تشكل بمجملها إستراتيجية العزم. لقد وضع قادة البلدين مدة ستين شهرًا لتنفيذ المشاريع الإستراتيجية التي تهدف إلى بناء نموذج تكاملي استثنائي بين البلدين يدعم مسيرة التعاون الخليجي المشترك، ويسهم في الوقت نفسه في حماية المكتسبات وحماية المصالح وخلق فرص جديدة أمام الشعبين الشقيقين، كما شهد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق توقيع عشرين مذكرة تفاهم لتعزيز التكامل السعودي الإماراتي في مختلف المجالات. * قيادة الإمارات تعتبر العلاقة بين الإمارات والمملكة علاقة فريدة واستثنائية، وهذا أمر ملموس في كل سياسات الإمارات، ماذا تقولون سعادتكم عن هذا الجانب؟ بودي هنا أن أجيب على سؤالك باستذكار ما قاله سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عن هذه الاجتماعات، «البلدان تجمعهما علاقات إستراتيجية تستند إلى أسس راسخة من الأخوة والرؤى والمواقف والتوجهات المتكاملة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأخيه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ولدينا فرصة تاريخية لخلق نموذج تكامل عربي استثنائي، وبتكاملنا وتعاضدنا وتوحدنا نحمي مكتسباتنا، ونقوي اقتصاداتنا، ونبني مستقبلاً أفضل لشعوبنا، نحن نشكل أكبر اقتصادين عربيين، والقوتين الأحدث تسليحًا، ونسيجًا اجتماعيًا واحدًا، وشعبين يشكل الشباب أغلبيتهما يطمحان إلى قفزات تنموية كبيرة في البلدين. اقتصاد الإمارات والسعودية يمثلان ناتجًا محليًا إجماليًا يبلغ تريليون دولار، وصادراتهما المشتركة الرابعة عالميًا بقيمة 750 مليار دولار، إضافة إلى 150 مليارًا سنويًا إجمالي مشاريع البنية التحتية، ما يولد فرصًا هائلة واستثنائية للتعاون». إن المملكة ذات مكانة كبيرة في هذا العالم، وهي دومًا في مقدمة دول العالم المؤثرة على القرار، بكل هذا الاقتدار للقيادة السعودية، والمبادرة على كل المستويات، على مستوى العالمين العربي والإسلامي، والعالم أجمع، وستبقى - بإذن الله - في مقدمة دول العالم، وأكثرها تأثيرًا في كل المجالات. * تطرقتم سعادة السفير إلى أبرز المحاور التي يركز عليها مجلس التنسيق السعودي-الإماراتي، وهي المحور الاقتصادي، والمحور البشري والمعرفي، والمحور السياسي والأمني والعسكري، وهي كما أشرتم تشكل إستراتيجية العزم، هل لكم أن تتفضلوا بالحديث عن هذه الإستراتيجية، وما تمثله لعلاقات البلدين؟ - إستراتيجية العزم، إستراتيجية خماسية تمتد من عام 2018 إلى 2023، وتهدف إلى خلق نموذج استثنائي للتكامل والتعاون بين البلدين عبر تنفيذ مشاريع إستراتيجية مشتركة من أجل سعادة ورخاء شعبي البلدين، حيث تعتبر خارطة طريق للتكامل والتعاون، وكما أشرت أخي الكريم في سؤالك فهي تشمل ثلاثة محاور، وتم التركيز على هذه المحاور دون غيرها في أعقاب نقاشات كبار المسؤولين والخبراء في خلوة العزم، والتي تعكس أولويات القيادة في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، وحرصهما على تحقيق واستدامة الاستقرار والرخاء لشعبيهما، خصوصًا أن هذه المحاور تمس حياة المواطنين اليومية، وقد قام فريق عمل مشترك بالعمل على دراسة وتحليل احتياجات المجتمع في كلا البلدين وصياغة محاور تتضمن الكثير من المبادرات والمشاريع الوطنية التي تخدم المواطن في مختلف أوجه الحياة. * أشرتم سعادتكم إلى المحور الاقتصادي كأحد محاور إستراتيجية العزم، ما أبرز مجالات تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين؟ - المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تمتلكان مقدرات اقتصادية مهمة، ولدى البلدين القدرة على تحويل كل التحديات إلى فرص عمل وآفاق واعدة جدًا للنجاح برؤية القيادتين، ولهذا يهدف المحور الاقتصادي في إستراتيجية العزم إلى تعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة بين البلدين وإيجاد الحلول المبتكرة للاستغلال الأمثل للموارد الحالية، ويركز على المجالات الحيوية مثل الخدمات والأسواق المالية، واللوجستيات، والبنية التحتية، والإنتاج والصناعة، وأمن الإمدادات، والاتحاد الجمركي والسوق المشتركة، والبيئة والزراعة والمياه، والطاقة المتجددة، والسياحة، وريادة الأعمال، والشراكات الخارجية، والتطوير الحكومي والخدمات الحكومية، والإسكان، والشباب، والنفط والغاز والبتروكيماويات. * ماذا بشأن المحور الثاني من إستراتيجية العزم، أي المحور المعرفي والبشري خصوصًا أن البنية البشرية وتطويرها يعد أهم عنصر في أي دولة؟ - قيادتا البلدين وولاة أمرنا، يؤمنون بالاستثمار في العنصر البشري وهو أهم استثمار، ودائمًا كان الراحل الكبير الشيخ زايد طيب الله ثراه، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، يركزون على أهمية تطوير الإنسان والعنصر البشري، حيث إن عنصر الشباب في الدولة هو استثمارنا، ولا تبنى الشعوب إلا بالتعليم والتثقيف والتأهيل وتعزيز القدرة على البحث من أجل الوصول إلى المراتب الأولى عالميًا، ومن هنا يهدف المحور المعرفي والبشري إلى بناء منظومة تعليمية فعّالة ومتكاملة قائمة على نقاط القوة التي تتميز بها كل من الدولتين لإعداد أجيال مواطنة ذات كفاءة عالية، ويركز على مجالات التعليم العالي والتعاون البحثي، والتعليم العام، والتعليم الفني. إن التركيز على العنصر البشري، وتأهيله وتطويره وجعله قادرًا على استشراف المستقبل من العناصر المهمة جدًا في بناء الدول وجعل شعوبها في صدارة شعوب العالم خصوصًا ونحن نرى السباق بين الأمم في هذا العصر. * المحور الثالث أي المحور السياسي والأمني والعسكري محور مهم جدًا خصوصًا في ظل هذا العالم وظروفه، ما أبرز غايات هذا المحور؟ - هذا محور مهم جدًا، ومن ناحية التحديات، نرى مثلاً ما تفعله السياسات الإيرانية في المنطقة من حيث تهديدها في المنطقة وتدخلها غير المشروع، وهذا أمر يجمع الكل عليه خصوصًا مع ما نراه في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، ويجب مواجهة غيرها من أخطار محتملة مثل الإرهاب، وأي تحديات مقبلة من حيث إيمان الدولتين والقيادتين بثلاثة مبادئ أسياسية، وهي الاعتدال والوسطية والتعايش، وهي مبادئ لا يمكن التفريط بها، ولابد من حمايتها بكل السبل. التعاون في المحور السياسي والأمني والعسكري يأتي ضمن إستراتيجية العزم ويهدف لتعزيز التعاون والتكامل بين البلدين في المجال السياسي والأمني والعسكري بما يعزز أمن ومكانة الدولتين السيادية الإقليمية والدولية، ويركز على التعاون والتكامل العسكري والسياسي والأمني. ومن غير شك أن الدولتين تمثلان نموذجًا حيًا للأمن والاستقرار في المنطقة، وهذه السمات أي الأمن والاستقرار تصون المنجزات، وتحمي مكتسبات الشعبين، مثلما ترتد إيجابيًا على دول الخليج العربي والعالم العربي. إن الإمارات والمملكة داعمان قويان ورئيسيان لمحاربة التطرف والإرهاب، ولم تدخر الدولتان جهدًا في سبيل تعزيز التعاون في هذا المضمار، ودعم سياستها وتشجيع الحوار بين الحضارات واحترام التنوع والانفتاح على الآخر، مثلما أن الدولتين تقفان ذات الموقف إزاء مختلف أزمات المنطقة، وليس أدل على ذلك من الشراكة في التحالف العربي من أجل عودة الشرعية في اليمن. * تم توقيع مذكرات تفاهم خلال اجتماعات مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الأول، وشملت عشرات المجالات، كيف ترون تأثيرها على العلاقات الثنائية بين البلدين؟ - لقد تم توقيع عشرين مذكرة شملت مجالات مختلفة، وهذا دليل على عزم القيادتين وإصرارهما على التقدم بالشعبين، وهذه المذكرات ستؤدي إلى تفعيل العلاقات بشكل كبير جدًا خصوصًا حين نطل على تفاصيل هذه المذكرات التي من بينها الشراكات الخارجية، تعزيز المكانة الإقليمية والعالمية، التعاون والتكامل الأمني، والصناعات والمشتريات العسكرية، والتعاون والتكامل السياسي، والنفط والغاز والبتروكيماويات، والطاقة المتجددة، والشراكات الخارجية والإنتاج والصناعة، والثقافة والتراث الوطني، التعليم العام والفني والعالي والتعاون البحثي، والشباب وريادة الأعمال، والتطوير الحكومي والخدمات الحكومية، والاتحاد الجمركي والسوق المشتركة، والبنية التحتية، والأسواق المالية، مجالات النفط والغاز، دعم ريادة الأعمال، مجال التطوير الحكومي والخدمات الحكومية، وهناك مذكرات أخرى تشمل كل ما يخص العلاقات الثنائية. * أريد أن أسألكم بكل صراحة، هل هناك تعارض بين غايات هذا المجلس ونظام مجلس التعاون الخليجي؟ - مجلس التنسيق السعودي الإمارتي شراكة إستراتيجية، ووظائف هذا المجلس لن تخلَّ بالالتزامات والتعاون القائم بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بل تزيد مجال التعاون الخليجي قوة وصلابة، ويعتبر إنشاء مجلس التنسيق خطوة جديدة لن تتعارض مع التزامات البلدين تجاه مجلس التعاون، وهدفه مكمل وداعم للعلاقات الإستراتيجية بين البلدين، بل لربما لابد أن يقال إن هذه التجربة التي تحولت إلى واقع ملموس لابد أن تقتدي بها الدول العربية، إذ إنها إضافة إلى المؤسسات القائمة، مثل مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، وبقية المؤسسات الإقليمية والدولية، لابد أن تسعى الدول على مستوى ثنائي لتعزيز علاقاتها، والاستفادة من التطابقات على المستوى الاجتماعي والسياسي، وتوفر الموارد، ووجود تطلعات إلى المستقبل. كما أنني أشير إلى نموذج مجلس التنسيق السعودي الكويتي، الذي جاء بعد مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، وهو أيضًا يصب في مصلحة تقوية مجلس التعاون الخليجي. * كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات السعودية الإماراتية، وأنتم سفير للشقيقة الإمارات بما تعنيه من مكانة وازنة في المنطقة والعالم؟ - يشرفني أولاً أن أعمل مع قيادتين رشيدتين حكيمتين تدركان أهمية دولتيهما وشعبيهما، ويريان المستقبل بطريقة مختلفة، قيادتان تؤمنان بشعبيهما وأنهما الاستثمار الأعظم والأهم. ولابد أن أقول إن مشاعري هنا عظيمة، فأنا بين أهلي وفي بلدي، بما تعنيه هذه الكلمات، على كل المستويات، وأنا أعتبر بحق أن العلاقة بين الإمارات والمملكة ليست علاقة ثنائية وحسب، بل علاقة المرء بنفسه. وعلى هذا أنا متفائل بشدة، وستبقى الإمارات والمملكة قادرتين على أن تكونا نموذجًا مختلفًا في هذا الزمن، ونحن أمام علاقة سبق أن وصفتها بكونها فوق إستراتيجية، وستبقى كذلك بإذن الله. * هل من كلمة أخيرة سعادة السفير؟ - لابد أن أوجه الشكر أولاً لصحيفة الجزيرة على إتاحة الفرصة لهذه المقابلة ولإدارة الصحيفة وكل العاملين فيها، إضافة إلى تقديري الشديد لما تبذله وسائل الإعلام السعودية في المملكة وخارجها. وأشيد هنا بمهنية هذه الوسائل، وحرفية الذين يعملون بها، ومستوى المصداقية التي تتمتع بها خصوصًا في ظل حاجة الإنسان العربي إلى الإعلام الصادق في وجه حملات التضليل والتشكيك، ومحاولات إثارة الفوضى وتصنيع الأزمات، وهنا أحيي الإعلاميين السعوديين الذين أعتبرهم شركاء مع الإعلاميين الإماراتيين في هذه المهمة المقدسة.