ارتفعت حدة التلاسن بين موسكووواشنطن في مسألة محاولة كل من أمريكاوروسيا حصر الانتصار على داعش، فالأمريكيون غاضبون من إعلان الرئيس الروسي بوتين الانتصار على داعش وانتهاء العمليات العسكرية في سوريا، والبدء في سحب جزء من القوات الروسية التي قاتلت إلى جانب نظام بشار الأسد. أما روسيا فقد انتقدت غريمتها أمريكا واتهمتها بمحاولة سرقة الانتصار في سوريا، الروس اعتبروا ادعاء الأمريكيين تحقيقهم للنصر في سوريا أن «الهزيمة يتيمة لكن النصر له آباء كثيرون». ونحن نقول بعيداً عن مهاترات الروس والأمريكيين، إن المنتصرين في سورياوالعراق ثلاثة: أولهم الإيرانيون ورثة خميني، والروس الذين انتهزوا ضعف وتردد أوباما، وثالثهم الأمريكيون الذين حفظوا ماء وجه واشنطن عبر مساعدتهم للأكراد للاحتفاظ بقواعد لهم في سوريا، والقوات العراقية عبر غطائهم الجوي ليبقوا على وجودهم ونفوذهم في العراق، إلى جانب من يدعون أنهم أعداؤهم وهم الإيرانيون وأذرعتهم الإرهابية. هؤلاء هم المنتصرون في سوريا، ونسب الانتصار بحسب ترتيبهم الذي أردناه، أولهم النظام الإيراني الذي حقق جزءاً كبيراً من مخطط التمدد الصفوي عبر تثبيت نفوذه إن لم نقل احتلاله لسورياوالعراق وحتى لبنان، إذ استفاد من «العدو» الموحد داعش الذي صنعوه عبر عميليهم في دمشق وبغداد، إذ إن التنظيم الإرهابي الذي وحد الإيرانيين والأمريكيين والروس ومعهم كل من شارك في التحالف الدولي ضد الإرهاب، ظهر أول ما ظهر في عهد بشار الأسد ونوري المالكي، وتم إطلاق سراح قادة تنظيم داعش الإرهابي بعد ما تربوا وتدربوا ولُقنوا بمهامهم في سجن صيدنايا السوري وسجن العقرب العراقي، وتكفل بشار الأسد ونوري المالكي بإرسال قادة داعش ومهدا لهم إعلان التنظيم الإرهابي تحت رعاية وسمع القوات الأمريكية في العراق وحلفاء بشار الأسد الروس في سوريا. تنظيم داعش الإرهابي الذي تمكن من الاستيلاء على ثلث مساحة العراق، وأكثر من نصف مساحة سورية كان «الطُعم» الذي جلب كل الإرهابيين والمتطرفين إلى سوريا من أوروبا وشمال إفريقيا وحتى القوقاز والشيشان، إضافة إلى إرهابيي سورياوالعراق ودول الخليج العربي، وشكلوا هدفاً ومبرراً لغزو واحتلال الأراضي السورية والعراقية من قبل عناصر الحرس الثوري الإيراني، والمليشيات الطائفية من لبنان وباكستان والهند والعراق، والقوات الروسية التي ثبتت لها قاعدتين في سوريا، والقوات الأمريكية التي أقامت لها قواعد عسكرية في سورياوالعراق. هذه الدول الثلاث التي أوجدت «داعش» سواء بالتدريب والإعداد في معتقلات سورياوالعراق التي كانت تخضع وتُدار من قبل الإيرانيين والروس والأمريكيين، أو حتى التغاضي والدعم الخفي، حققت الهدف الذي من أجله أنشىء ذلك التنظيم السرطاني الإرهابي، فبإلاضافة إلى جمع الإرهابيين في مكان واحد ومن ثم القضاء عليهم وتوظيف ما تبقى منهم لإرهاب دول أخرى مثلما يوظف بقايا داعش في العمليات الإرهابية في ليبيا وسيناء، وبعد أن حققوا هذا الهدف الإستراتيجي الذي جمع بين التخلص من «صديد الإرهاب» في بلدانهم حصلوا على بنك كبير تضمن معلومات عن الإرهابيين في بلدانهم والبلدان الأخرى، كثير منهم أصبحوا أدوات توظفهم تلك الدول سواء برغبتهم أو علمهم أو دون علمهم من خلال خداعهم، وبعد كل هذا الكسب الإستراتيجي غنم موظفو الإرهاب مكاسب إستراتيجية لا تقدر بثمن: قواعد عسكرية، ونفوذ دائم، وتمدد طائفي. النظام الإيراني والولايات المتحدةالأمريكيةوروسيا جميعهم كسبوا، وتقاسموا الغنائم في سورياوالعراق، وأصبح لهم تأثير في المنطقة العربية، كل هذا من خلال بعبع داعش الذي صنعوه ويتخاصمون بالادعاء على القضاء عليه، وهو في الحقيقة لم يتم القضاء عليه لأنه ببساطة جاهز لتوظيفه خدمة لمخططاتهم، وهؤلاء هم آباء الانتصار، أما من دفع الثمن والذي ابتلي بالهزيمة فهم السوريون والعراقيون وكل العرب الذين عليهم دفع الثمن لمن صنعوا الإرهاب ويتعاركون الآن على غنائمه.