كجرعة منشطة جاء قرار الرئيس الأمريكي ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي ونقل سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية إليها، للجماعات والمليشيات الإرهاب والفكر المتطرف الذي كانت المنطقة العربية والإسلامية على وشك التخلص منه بعد القضاء على تنظيم داعش الإرهابي، وبدء مواجهة المليشيات الطائفية، فجاء إعلان ترامب ليعيد النشاط للتطرف الفكري والإرهاب الميداني بمدهم بمنشط المبرر لإشعال الإرهاب والإبقاء على التطرف في مواجهة الأخطاء المرتكبة من قادة دول كانت مختارة كهدف وهمي لاستمرار الإرهاب ومبرر وظف جسراً لتنفيذ أجندات ومخططات لفرض واقع جديد ومتغيرات تمت على حساب الحقوق العربية. ترامب الذي ظهر بوجه عبوس يحمل طابع التحدي والإصرار وكأنه يخاطب أكثر من مليار ونصف مليار مسلم بلغة الجسد التي يجيد قراءتها الكثيرون تشير ملامح وجهه «بأني عدوك الأول، وليس الإسرائيليين». حتى توقيعه للوثيقة وطريقة عرضها لعدسة الكاميرا التلفزيونية تعمد الضغط بالقلم عند التوقيع الذي أظهر كم كان صاحبه معقداً، لكثرة العقد الذي حمله توقيعه الطويل. كل تلك الأفعال والمظاهر و»الشو» الذي يجيده السياسيون الأمريكيون كان السلاح و»الحقنة المنشطة» التي كان الإرهابيون والمتطرفون أكثر الناس سعادة بها. ترامب أعاد الحياة للإرهاب مجدداً، ومنحه تأشيرة قدوم حتى إلى الأراضي الأمريكية، فكل الذي يريده الإرهابي هو مناخ فكري يبرر له أعماله الإجرامية، وليس مهماً الهدف، فأنصار الإرهابيين من حملة الفكر المتطرف لن يعجزهم تحويل بوصلة الجماعات والمليشيات الإرهابية نحو الجهات والدول التي تسعى دائماً لاستهدافها، فكل من له علاقة بأمريكا له نصيبه من الإرهاب، دون الاهتمام بالنيل من المسبب الرئيس، سواء للعجز بالوصول إليه لقوة الإجراءات الأمنية، أو مشاركة في صفقة ستظهرها الأيام القادمة. الرسائل التي حملها «حفل» توقيع قرار ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس، وإن كانت في معظمها موجهاً للداخل الأمريكي من تيار صهيوني أمريكي، إلى جماعة الإنجيليين المسيحيين الأمريكيين وحتى إلى المتطرفين البيض الذين يصطفون حول حملة معاداة المسلمين في أمريكا، وأن ترامب أراد توظيف كل هذه الأطياف والتيارات وتحويلهم إلى «ترس» يصد عنه موجات التحقيق والتشكيك في كفاءته وتقديم مصلحته الشخصية على المصلحة الأمريكية، وأن يوظف الآلة الإعلامية وحتى السياسية المرتبطة باللوبي الصهيوني لمنع أي محاولة لتحميله ما قام به فريقه الانتخابي وكبار مستشاريه باتصالات بالروس، والتغطية على كذبه بعدم علمه بتلك الاتصالات. كل هذا يعرفه ويعلمه المحللون والصحفيون والسياسيون الأمريكيون إلا أن الأمريكيين، إلا نفر قليل منهم، لا يستطيعون أن يقتربوا من «البقرة المقدسة» إسرائيل، فكل من يريد تعليق أخطائه وتجاوز أي مخالفات وخرق للقوانين عليه أن يوظف أصدقاء إسرائيل واللوبي الصهيوني لحمايته، وترامب وجد أن نقل سفارة بلاده إلى القدس ثمن لا يمكن لكل المساندين ل»البقرة المقدسة» أن يتجاهلوه حتى وإن أشعل الإرهاب من جديد.