أن تضحك وحدك، وسط أمواج من الدموع تتلاطم حولك، فأنت تحاول مواجهة الحزن الحقيقيّ بفرحةٍ مصطنعة.. والاصطناع من الصناعة، والصناعة استطاعت أن تقهر الطبيعة الحقيقية كلّ الوقت، منذ أول آلة صنعها الإنسان (السكّين) حتى اليوم. من قال إن أول آلة صنعها الإنسان هي السكّين؟ قال هذا إنسانٌ يتأمل، فلا دليل على أي توثيق لأيّ شيء صنعه الإنسان قبل أن يصنع آلة التوثيق (القلم) ودون القلم نطق اللسان بكلمات تشكل لغة؛ غير أن السكّين لا لغة لها سوى القطع فهي أول الآلات قطعاً! * * * أن ترتاح لوحدك، تحت مظلاتٍ تعلو غاباتٍ عرّاها تعبُ طيورٍ مهاجرةٍ من حولك، فأنت تحاول استمالة الريح إلى غير اتجاهها نحوك.. نحو جرحك، لتستلذ بضمادٍ عابر يشعرك بأنك مثل غيرك في عبور، وأنك مثل غيرك في الطريق المتعرّجة من بين القبور، وأنك مثل غيرك تتأمل نفسك.. في ظلامٍ يشبهكَ كنتَ، أو كنتَ أنتَ النور.! * * * ولماذا أنتْ؟ الكلَّ عرفتُ، ولم أعرفكَ تماماً.. يا هذا الواقفُ كالصنمِ على المرآةِ تطلُّ عليَّ بتأنيبٍ لضميرٍ لستُ أراهُ سواكَ إذا حرَّكتَ يديكَ لترفعني كالذنبِ المغفورِ إليكَ، وتأمرني تكفيراً أو هو تعزيرٌ أن أغمضَ عينيكَ وأمضي أتخبّطُ فيكَ، لماذا أنتْ؟ ولماذا تنكرني الأشياءُ إذا سافرتُ، لماذا تحضرني لو تهتُ، لماذا أحببتُ دماري، ولماذا أظلمتُ نهاري، من أجل ضيائكَ أنتَ؟ لماذا، ولماذا كلّمتكَ في خرسٍ أسكتني عن كلّ نداءٍ إلاّكَ، لماذا..؟ ولماذا أنتْ.!