هي الدنيا الفانية دار ممر لا دار مقر لا ينفع معها إلا طريق الصلاح والفلاح باختصار هذه قصة الدنيا كل من عليها سيفنى، والإنسان ينسى أنها زائلة وأن الآخرة هي الحياة الباقية والأبدية ولو أنه تدبّر وتفكّر بهذه الحقيقة لترك ما بها من تشاحن وتفاخر واللهث وراء ملذاتها وزخرفها، بل إنه يتذكر ذلك جيداً عندما يفقد قريب أو عزيز فتصغر الدنيا أمام عينيه، فسبحان الله الحي الذي لا يموت، قال تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) سورة الرحمن «27»، وقبل أيام توفي رجل الأعمال المعروف الشيخ مساعد بن إبراهيم بن مزيد -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- وكان يعاني من مرض لم يمهله طويلاً وقد خيمت أجواء الحزن والأسى على أهله وذويه وأصحابه فهو الابن الثاني للشيخ إبراهيم بن مزيد أحد رجالات الملك المؤسس -رحمهما الله- فقد اشتهر والده بالشهامة والكرم وديوانيته المفتوحة التي تستقبل ضيوفها في كل الأوقات ورائحة البخور والقهوة والهيل والمسمار واكتظاظها بالعديد من الشخصيات والوجهاء وباقي الضيوف المستمرة لسنوات طوال، ديوانية تسودها روح الأخوة والمحبة والتقدير والاحترام، وقد قيل إن (الكرماء هم سادات الدنيا) فالكريم محبوب لدى الناس ويُذكر بالخير ويُقدّر حيثما حل أو ارتحل وعند الانتقال في فترة الصيف آنذاك إلى المصيف الأول للمملكة «محافظة الطائف» تستقبل ديوانيته الكبيرة في حي الحويةبالطائف الضيوف طيلة فترة الصيف وأيضاً عند الانتقال إلى محافظة جدة حتى العودة إلى الرياض من كل عام وكان الشيخ مساعد -يرحمه الله- يرافق والده في الأسفار وفي الزيارات والمناسبات المختلفة ويساند إخوته في استقبالات الضيوف وإقامة موائد الطعام على مدار اليوم ويحرص على اجتماعه بإخوته وأبنائه ويتذكر كثيراً عدداً من المواقف التي قد سمعها وعايشها مع والده وما تحمله من قدوة حسنة وجود وكرم وكان يكره الكسل والخمول وقد أصيب منذ سنوات بمرض السكر فلم يجزع بل إنه كثير المرح المزاح وقد اُعتبر ذلك جزء كبير من العلاج، ومبيناً حرص والده الشديد على استمرار باب الضيافة أن يبقى مفتوحاً وأن لا يقفل حتى بعد مماته وقد تحقق، والفقيد -رحمه الله- رحل عن الدنيا بروحه وجسده وبقي منه السمعة الطيبة والأثر الطيب في نفوس أبنائه ومحبيه ومجتمعه. نقدم العزاء لإخوانه وأبنائه عادل وإخوته وأهلهم وذويهم وجميع أسرة المزيد. {ِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. ** **