تعودنا لما يقرب من 40 عامًا أي منذ قيام الثورة الإيرانية (الجمهورية الإسلامية الإيرانية) على سماع كثير من المصطلحات الثورية التي أصبحت لاحقًا شعارات ملها الشعب الإيراني، ولم يعد يؤمن بها حتى قادة الثورة أنفسهم وكثيرًا ما حاولوا التخلص منها بل طفقوا في التذرع بأسانيد عن أموات تدعم التنازل عنها. كانت هذه الشعارات تسمع في وسائل الإعلام الإيرانية وترى في شوارع المدن الكبرى كشعار المستضعفين والمستكبرين، وشعار لا شرقية ولا غربية وغيره من الشعارات؛ لكن ما أن استقرت الأمور في الجمهورية ووصل أهل هذه الشعارات إلى سدة الحكم حتى تناسوا شعاراتهم فقد أصبح القادة المستضعفون هم المستكبرون، وأدخلت إيران نفسها في لعبة الدول العظمى فأصبحت تتقاذفها القوى الشرقية والغربية. لم ينته الإبداع الإيراني في ابتكار الشعارات الرنانة والمصطلحات الثورية ومن يقرأ الصحف والمواقع الإيرانية يصاب بالذهول من توجهات جديدة تسعى لتوجيه دلالة مصطلح «العدو» على المملكة العربية السعودية التي تحتوي قبلة المسلمين والكعبة المشرفة وبها مسجد نبيه صلى الله عليه وسلم ويحوي ثراها جسده الطاهر فهذا تطور خطير وظاهرة غريبة غير مسبوقة لبلد يدين بالدين الإسلامي، ويبدو أنها تخلت عن عداوة أمريكا التي كانت تسميها الشيطان الأكبر وتنازلت عن تهديداتها بمحو إسرائيل وتحرير القدس الذي لن يتم في نظر الاستراتيجية الإيرانية إلا عبر احتلالها أكثر من بلد عربي فبدأت ببغداد ثم تمدد فعبر المدن السورية دمشق والحسكة والزبداني وحلب وغيرها ثم عاد ليمر عبر الموصل العراقية ثم تحول أخيرًا فأصبح يمر عبر صنعاء ويبدو أن طريق التحرير والعدوان هذا لن يتوقف. في الواقع أنه يجب على إيران ضبط بوصلتها بعد هذا التوجه الخطير نحو قبلة المسلمين جميعًا دون استثناء ومن ضمنهم بالطبع مسلمي إيران، لأن المشكلة لا تنحصر في البوصلة الإيرانية وانحرافها، بل في تبعات هذا التوجه، فقد كان سببًا في ضياع بوصلة تابعيها في الدول العربية ومصداق ذلك ما حدث من المؤدلجين الأشقياء في اليمن التابعين لها طائفيًا حينما اتبعوا البوصلة الإيرانية فأطلقوا صواريخهم على البلد الحرام. هذه الشعارات سرعان ما ستتلاشى ولن يبقى لها ولا لمردديها أثر، وستكون نهايتها على يد أبناء بلاد الحرمين، ولتذكير هؤلاء المنحرفين عن جادة الحق فأهل هذه البلاد هم من فتح العالم حربًا وسلمًا وإن كانوا غالبًا ما يجنحون للسلم ليس ضعفًا بل اتباعًا للدستور القرآني، ولم يذكر التاريخ أبدًا أن استعمرت دارهم، وهم معروفون بذكائهم الفطري وفراستهم وهو ما أثبتته القراءة الصحيحة والمبكرة للمشهد الحالي ولذا كانت (عاصفة الحزم) أولى خطوات الرد على من ضل طريقه وغدر بأهله وجاره، وأعتقد أن مسمى هذه المعركة بالفارسية (طوفان قاطع) يعطي أيضًا دلالة معنوية وافية لأهدافها ونتائجها إن شاء الله.