لا يكاد يفارقني مشهد النهاية التاريخي من الفلم العالمي»تايتنك» الذي أنتج في نهاية التسعينات الميلادية، يصوّر المشهد الختامي نهاية السفينة العظيمة التي لا تغرق حسب وصف من صنعها وأعجب بها «تيتانك» تغرق في المحيط والناس تصرخ وتتساقط والأطفال يتباكون وقوارب الإنقاذ لن تكفي بالتأكيد للجميع، ما ابهرني أن الفرقة الموسيقية القائمة لاحتفالات السفينة استمرت بالعزف بكل إصرار وانتظار حتى اللحظات الأخيرة ، ربما أنهم يحاولون أن يخففوا من فاجعة الموت غرقاً ولبثّ شيء من الجمال والفن ولو أن العالم الصغير على وشك الزوال. إن فوز ديلان بنوبل أشبه بالعازفين في فلم التيتانك وقت غرقها في زمن يعجّ بالحرب والإرهاب والمفخخات، رأت جمعية نوبل أن تضيء قليلاً من الموسيقى والتعابير على العالم بينما العالم يتقاتل، ويفخّخ ، ويحترق ،وينزف. إن الحياة أعمق وأقوى واشمل من نص أدبي برواية أو قصيدة شعرية في أمسية أدبية، توسّع نوبل مجالاتها بأن كل من يساهم بزرع السلام والحب والأمل يستحق أن ينال نوبل، وبينما لا نزال نتجادل في كلماتنا الأدبية وتصوراتنا الضيّقة للجائزة، صرحت السويد بفوز «بوب ديلان» أول مؤلف كلمات موسيقي وشاعر وفنان تشكيلي بفوزه بنوبل للأدب كسابقة نوعية بالتنوع الفني والأدبي. وقالت لجنة نوبل إن المغني العالمي حصل على الجائزة «لأنه خلق تعابير شعرية جديدة ضمن تقاليد الغناء الأمريكية». عجّ العالمان العربي والغربي أيضا بالاستنكارات لفوز «ديلان» بنوبل ، بوصفهم أن نوعية ما يقدمه من أدب لا يرقى لفوزه بنوبل، إذن ما هو أبرز ما قدمه «بوب ديلان»؟! تم استخدام بعض أغانية كنشيد لحركة الحقوق المدنية للأفارقة الأميركيين والحركة المناهضة لحرب فيتنام. وقد نشر ديلان ستة كتب من الرسومات واللوحات، وعرضت أعماله في المعارض الفنية الكبرى وفي مايو 2012، تلقى ديلان وسام الحرية الرئاسي من الرئيس الأميركي باراك أوباما. وتعود معظم أغانيه الشهيرة إلى ستينيات القرن الماضي، حين تحول، عبر أغانيه، إلى «مؤرخ غير رسمي» لمتاعب الولاياتالمتحدة.