حالة القلق الدولي في العراق، والذي قد يفضي إلى تقسيمه، ترجمها وزير الخارجية السعودي الأستاذ عادل الجبير عندما وصف: «دخول الحشد الشعبي الموصل، بأنه سيُحدِث كوارث إنسانية «، باعتبار أن غياب المعطى القانوني كأساس لتشكيل قوات الحشد، هو ما يؤكد صحة اعتباره ميليشيا خارجة عن القانون، وتمارس أعمالاً إرهابية في العراق، مثلها مثل تنظيم الدولة الإسلامية، التي تتخذ من الدين، والمذهبية مطية؛ للوصول إلى أهداف سياسية تنال من وحدة الدول، وتخلق قوى موازية للمؤسسات الرسمية داخل الوطن الواحد؛ لزعزعة استقراره. بدأت الفكرة عبر تضخيم عضلات تلك الميليشيات، والاستقواء بها على المؤسسات الشرعية للدولة. وكما تشير التقارير الاستخباراتية، فبعد قرار تحويل ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران في العراق لحرس ثوري، تشرف عليه طهران بشكل مباشر؛ لترسيخه كقوة عسكرية، وسياسية معترف بها؛ لتكون ذراعاً إيرانية في المنطقة العربية؛ من أجل تسهيل الأهداف التوسعية لنظام ولاية الفقيه الإرهابية الطائفية؛ فاختارت قائد الحرس الثوري الإيراني السابق محسن دوست وأحد مؤسسيه لإنشاء الحرس الثوري العراقي؛ ليضفي على الحشد الشعبي العراقي دورا إقليميا فيه تهديد لدول الجوار، فضلا عن إعطائه شرعية سياسية حينما يحمل صفة الدولة، ومن ثم يضمن عدم حله مستقبلاً. نحن أمام جرائم إبادة جماعية مكتملة الأركان وفق القانون الجنائي الدولي، تستهدف المكون السني في العراق؛ فالاتهامات الموجهة ضد الحشد الشيعي الموالي لإيران، بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد العراقيين السنة، ليس نسجاً من الخيال، فقد حملت الاتهامات التي وجهتها منظمة «هيومن رايتس ووتش» لميليشيات الحشد الشعبي في تقريرها الأخير، والذي حمل عنوان: «دمار بعد المعركة: انتهاكات الميليشيات العراقية بعد استعادة تكريت»، ولا تسل بعد ذلك عن المقابر الجماعية، وعن عمليات التصفية الميدانية، والقتل، واختطاف مئات المواطنين، وما نتج عن ذلك من إحراق، وسرقة مئات المنازل، والمحال التجارية. إن العمل على تصنيف فصائل الحشد الشعبي المؤلفة من مليشيات شيعية ضمن لوائح الإرهاب من قبل مجلس الأمن الدولي، أصبح حقا مشروعا؛ فتعطيل الجهود الدولية في إعادة تصحيح مسار النظام السياسي العراقي، الذي انحرف كثيرا عن مساره الصحيح، سيقضي تماماً على مشروع الحرس الوطني، الذي يعتبر مدخلاً لتصحيح المسار. ورغم أن هذه الجرائم تكررت، وتم توثيقها من جانب منظمات حقوقية دولية معروفة، فإن المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن، والدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، ما زالت تتردد في تصنيف هذه الجرائم كونها إرهابية، واعتبار الضالعين فيها إرهابيين. كأن الهدف من وراء صناعة تلك الميليشيات الإرهابية، إحداث تغيير ديموغرافي في تلك المنطقة؛ فجرائمهم، وما تميّزت به من طائفية أصبحت تفوق ما يفعله تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة، عندما خرجت الميليشيات الإرهابية بوجهها الطائفي القبيح؛ من أجل العمل على تقسيم الشعوب، والأفراد، والدفع بمكونات المجتمع إلى مواجهة قد تتسبب باندلاع حروب طائفية جديدة، تجلب معها دماراً أكبر مما تشهده المنطقة حالياً؛ الأمر الذي يستدعي كبح جماح تلك الميليشيات الإرهابية الخارجة على الثوابت الوطنية لحساب دول تموّلها، وتسلحها لاستهداف الأمن القومي العربي.