لم يكن أحد يتصور في يوم من الأيام أن تقوم أمريكا باختراع قانون يسمح لها بتهديد السلم العالمي وينشر الفوضى، ويلغي حصانة الدول، ويفتح باب جهنم على أمريكا وغيرها.. حاولت أمريكا منذ سنوات أن تجد لها عذرًا لإلصاق تهم الحادية عشر من سبتمبر بالمملكة العربية السعودية زورًا وبهتانًا، فلم تستطع وأخفت كثيرًا من الحقائق لفترات طويلة، ثم اعترفت أخيرًا بعدم ضلوع المملكة في تلك الأحداث، وسكتت على ما أُثير حول ضلوع إيران وإسرائيل في تلك الأحداث، ثم عادت مره أخرى لحركات الابتزاز الحمقاء من جديد وذلك بإصدار وتبني قانون (JASTA- جاستا) الذي كان من أساسه تمثيلية هزلية بين الكونغرس والرئيس أوباما فقد استخدم أوباما حق النقض لقرارات أكثر من 12 مرة فلماذا تم رفض الاعتراض على مثل هذا القرار السخيف الذي أعد خصيصًا لابتزاز المملكة العربية السعودية حينما لم يجدوا بابًا آخر ينفذون منه إليها بوجه صحيح، أو مشكلة دولية معروفة متناسين العلاقات السعودية الأمريكية التي يمتد عمرها لأكثر من سبعين عاماً لتأتي أمريكا أخيرا وتتهم المملكة بدعوى تمويلها للإرهاب وهي التي عانت الأمرين في محاربة الإرهاب في كل مكان، ورغم صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق التي برأت المملكة رسميًا من تلك الأحداث بحسب إعلان رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في 15 يوليو 2006م فلماذا هذا الجنوح والخروج الاستفزازي؟! إنه يعني أن أمريكا تريد تسيير العالم والسيطرة عليه وفقًا لمصالحها الذاتية أولاً وأخيرًا.. رغم أن قانون وميثاق الأممالمتحدة يمنع هذا التوجه الأمريكي، ويؤكد على استقلال الدول، وسيادتها، ويمنع التدخل في شؤونها الداخلية، إلا أن هناك معطيات هيأت الأسباب لكل الأطماع الأمريكية في المنطقة. منها الانقسام والتشرذم الذي يحل بالأمة العربية في أسوأ مراحل تاريخها. ثانيا: سعي أمريكا منذ (سبتمبر 2001م) لتنفيذ خطة (الفوضى الخلاقة) المعدة بإحكام خصيصًا لدول في الشرق الأوسط، باعتبارها كما تدعي أنظمة حاضنة للإرهاب ومنتهكة لحقوق الإنسان. ثالثًا: دخول إيران التي هيأت لها أمريكا كافة الظروف المساندة لأن تكون ركيزة الأمن الإقليمي باعتبارها (الحليف الجديد) في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي والساعية معها لتنفيذ أهداف خبيثة، مخطط لها منذ سنوات رغم مزاعم العداء والتوتر الظاهرين بينهما، والذي يؤكد عدم صحة الكثير من الأحداث والشواهد، التي نراهاأم أعيننا خصوصًا بعد التوقيع على الاتفاق النووي في (يوليو 2015م) ورفع الحظر عن الأموال الإيرانية، وتدفق الاستثمارات الأمريكية والغربية الخ.. وترتيبات تجري لفتح علاقات (إيرانية أمريكية غربية) وإستراتيجية جديدة وترتيبات أمنية هدفها مد النفوذ الإيراني وإحكام سيطرته على الخليج العربي، والعراق، وسوريا، واليمن. أما قانون ( JASTA - جاستا) فمن رؤية خاصة أُعد هذا القانون خصيصًا لضرب العلاقات السعودية الأمريكية في طريقه إلى ضرب الدول العربية الكبيرة أيضًا مثل مصر في مخطط بدأت تتضح أهدافه لكل ذي لب.. وهو قانون يجب أن يتنبه العرب كل العرب لهذا الابتزاز، ويعودوا صفًا واحدًا بعيدًا عن التشرذم ومن ثم مطالبة أمريكا بكل ما ارتكبت من جرائم قتل في العراق، وسوريا، وليبيا، وأفغانستان، وكل البلاد التي نكبتها السياسة الأمريكية، حتى يكون هذا القانون وبالًا عليها لأن أمريكا بهذا القانون تريد من العالم أن يدفع لها المليارات نظير قيادتها للعالم مستخدمة في ذلك أساليب ابتزاز جديدة وابتزاز الدول تحت طائلة قوانين داخلية تقوم بتشريعها، وتطبيقها على دول العالم لكن ذلك لن يكون لأن ذلك استخفاف بالقانون الدولي وإهانة لحصانة الدول وانتهاك لسيادتها، ويجعل مرجع تحاكمها إلى القضاء الأمريكي ومثولها أمامه بدعوى أفراد وليس دول لها كامل الاحترام، بحسب ما نص عليه القانون الدولي، ومبادئ الأممالمتحدة، وكما ذكرت أنفًا إذا أقر هذا القانون الأعور فإن الدول كلها ستطالب أمريكا بتعويضات أولها العراق والتي قتلت أمريكا فيه وحده (750) ألف مدني وعسكري وقبل ذلك مدنيين في أفغانستان بطائرات بلا طيار، وما بعد ذلك في باكستان، والصومال واليمن وغيرها الكثير فهل ستقوم بدفع التعويضات لما انتهكته من مجازر؟ إذًا لابد من محاسبتها على كل ما اقترفته ضد البشرية ولابد أن تقف كل دول العالم ضد هذا العبث وهذا الابتزاز وهذه الغطرسة الأمريكية فهذا قانون ضد القانون والعدالة والسيادة، ولا يمكن أن يفعل إلا إذا أصبحت تحكمنا قوانين الغاب في العالم كله، ولابد للمنظمات العالمية ممثلة في الأممالمتحدة، إضافة إلى جامعة الدول العربية أن تتصدى لهذا الابتزاز لاسيما وأن القانون الدولي سيصبح حبرًا على ورق إذا فُعل هذا القانون. وهو يعتبر قانون حرب مالية وابتزاز موجه لعدد من الدول، لاسيما الخليجية منها ومصر وسيترتب عليه آثاراً كبيرة على المستوى العالمي وليسالمملكة أو دول الخليج فقط، فعلى العالم أجمع أن يتنبه لسياسة الخبث والابتزاز الأمريكية الجديدة حتى لا تتواصل هذه الغطرسة ضد سيادة وإرادة الشعوب وتطيح بكافة القوانين الدولية عودة إلى قانون الغاب الذي تريده أمريكا..