أحياناً تُطرح أفكار وتُخترع قرارات تتنافى مع عقل الانسان السوي، فضلا عن كونها تعبث باللوائح والأنظمة، اتحاد كرة القدم لم يحاول ترتيب نفسه وإصلاح اخطائه وتحسين صورته في نهاية فترته بل زاد عليها بما هو ادهى وأسوأ حين تبنى فكرة سخيفة تتمثل بتمديد دورته التي ستنتهي بعد أربعة أشهر إلى عام 2018م، لماذا؟ لمواصلة اشرافه على المنتخب حتى مونديال روسيا..! أعرف أن في مجلس إدارة الاتحاد أعضاء عقلاء لهم مكانتهم وخبرتهم، لذلك كنت أتمنى منهم التصدي لمثل هذه الترهات التي لا تليق بهم ولا تحترم رغبة وآمال وطموحات من وثق بهم وصوت لهم، إضافة الى ان فكرة التمديد تنسف قيمة ديمقراطية الانتخابات وحق المشاركة وتحولها الى تفرد واستبداد في عدم إفساح المجال لغيرهم او حتى لهم في حالة ترشحهم وفوزهم بانتخابات الدورة القادمة، كما أن موضوع الاشراف على المنتخب الأول في التصفيات القادمة المؤهلة لكأس العالم لا يستدعي كل هذه الزوبعة ولا يجيز للاتحاد التلاعب بالانظمة، وبالتالي لا يبرر له التمديد لعامين كاملين.. تحت عنوان (حلم الفرصة الأخيرة) كتبت في ابريل الماضي عن ضرورة ان يستثمر مجلس اتحاد الكرة الشهور المتبقية له ويتخذ قرارات ينقذ بها نفسه وسمعته ويختتم مهامه بمنجز رسم خارطة طريق اعداد الأخضر لحلم الوصول لمونديال 2018م، لكنه بقراره هذا خذلني وخذل مؤيديه وفي الوقت نفسه أتاح الفرصة لمنتقديه لاثبات عجزه وفشله.. التحكيم لغة المفلسين! تنتهي المواسم الكروية وتتوقف المنافسات ولا ينتهي الحديث عن التحكيم، تحسم البطولات وتحتفل الفرق الفائزة وتقيد في سجلاتها وتزين الكؤوس والدروع دواليبها ومازال هنالك من يتهم البطل ويرمي خسارته على التحكيم، يخبص المدرب وتتخبط الادارة ويتخاذل اللاعبون ومع هذا جميعهم ابرياء والمذنب والمتسبب في الاخفاق هو الحكم.. نعم للحكم السعودي وغيره من سائر دول العالم اخطاؤه وله ميوله وتعاطفه ، لكنه لن يكون العامل الرئيس والدائم لتفوق فريق وفشل اخر على مدى سنوات، وفي تقديري ان من يضعه شماعة لاخفاقاته سيكون اسير اوهامه وسيظل يدمر ويعرقل نفسه اكثر من ان يقلل من شأن منافسه ويشكك في بطولاته، ليس لان تبريراته ليست صحيحة ولا منطقية فحسب بل لانها لن تغير شيئا في سجل وقائمة البطولات، وقد رأينا فرقا عديدة تدهورت بسبب استسلامها لفكرة المظلومية دون تقديم دليل يثبت صحة ادعاءاتها، الأخطر من هذا ان اللاعب لم يعد يقاتل ويتحمس لتحقيق الفوز طالما ان اللوم كله سيوجه في النهاية وبعد الخسارة للحكم وحده دون سواه. بالنسبة لي لا تعنيني الاندية حينما تستخدم اسلوب جلد الحكام، فهذا شأنها وهي أدرى بمصالحها وبما ينفعها أو يضرها، ما يهمني ويؤسفني ان يتحول الاعلام عبر اصوات مرجفة مزعجة الى أداة لبث الاكاذيب ونشر نظرية المؤامرة، في وقت من المفترض ان يكون فيه أي الاعلام وسيلة توجيه وتثقيف وارتقاء بفكر وعقلية المتلقي الرياضي، اضافة الى ان البعض من الاعلاميين تحول الى امعة يتحدث ويتهم ويهاجم لمجرد الضجيج وتسجيل بطولات هلامية امام جماهير متعصبة تسمع وترى وتتكلم وتفكر بعواطفها لا بعقولها، لدرجة ان هناك من روج ان التحكيم المحلي هو لفائدة فريق الهلال، فجاءت ارقام المباريات والبطولات التي قادها حكام اجانب لتنصف الهلال وتكشف هؤلاء على حقيقتهم ومستوى تفكيرهم .. دائما اقول ان الفريق القوي لا يهزمه التحكيم، مثلما ان الفريق الضعيف لن يحمله التحكيم الى المنصات، الفتح الفريق المغمور تفوق على كبار المال والصيت والشهرة والتاريخ والجماهير وحقق بطولة الدوري بفضل قوته لا نفوذه، النصر الغائب قرابة عشرين عاما عاد للبطولات بعد ان انفق الملايين واستقطب النجوم، وبمجرد ان فقد بريقه وقوته واستقراره هبط الى المركز الثامن، الهلال اخفق في احراز الدوري خمسة مواسم متتالية لانه ببساطة لا يملك المواصفات التي تؤهله ليكون بطلا للدوري، مثله الاتحاد والشباب، في حين حضر الاهلي هذه المرة وتمكن بعد فراق 34 عاما من تحقيق حلم بطولة الدوري بعد ان قدم المهر النفيس لانجازه، نجوم في الملعب وفي دكة الاحتياط ، مدرب ماهر، انفاق مالي ضخم، استقرار اداري وفني وشرفي. لن تتطور انديتنا وكرتنا في ظل ترديد وترويج اسطوانة التحكيم المملة والمعرقلة للجوانب الاخرى الفنية والمالية والادارية الأهم والاكثر تأثيرا على مستوى وحاضر ومستقبل الكرة السعودية اندية ومنتخبات.