سحابة حزن ثقيلة مررت بها ومر بها معي من أحبوا صوت الشيخ د. محمد أيوب عندما علمنا برحيله فجر يوم السبت الماضي ، من تعرف على صوته وأحب تلاوته أصبح حبيس هذه التلاوة وعطرها، لا أقول لكم كيف تأسر قراءة القران الكريم بمقام الحجاز، لكن سأقول أن محمد أيوب قد أستلهم التلاوة الحجازية بكل أرثها فأسكنها سامعيه. الذين أحبوا صوت وقراءة الشيخ أيوب هم من أرهفوا السمع وسموا في حسهم وسبحت جوارحهم في حب عميق لا نهاية له، كنت أستمع ترتيل محمد أيوب منذ زمن وفي قراءة حجازية تزيد من حنيني إلى مكةالمكرمة ومدينة رسول الله محمد بن عبدالله نبي هذه الأمة، كنت أرحل مع حجازية أيوب إلى جبال مكة السمر، وإلى حرات المدينة البازلتية اللابة المنصهرة، إلى مرتفعات الحجاز الجبلية وسلسلة السروات وجبال مدين في رحلة توحد مع النفس والروح تعيدني إلى أنفاس وروبي التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية العطرة. كيف استطاع محمد أيوب بصوته الشجي وعاطفته الرقراقة ونبراته الآسرة أن يتملك المشاعر، كيف أستطاع وهو يقرأ القرآن الكريم أن يحدث هذا البحر من العاطفة المتلاطمة تؤجج وتثير وتسكن في الأعماق، هكذا أراد الله أن يمكنه من التلاوة العذبة الرشيقة ويجعله يبدع في مخارج الحروف ويتقن التجويد ويحافظ على ( حلية ) الصوت وانسجامه، هذه لا تأتي إلا للموهوبين هبه من الله ممن أختارهم الله لتلاوة آياته الكريمة. غيمة حزن مثقلة بالحنين إلى هذا العالم الذي أحب التلاوة والمداومة على قراءة القران، ساعدنا صوته على تدبر الآيات وجعلنا نرحل معها في (عسس ) الليل في رحلة تفكر وتهجد، ومع أنفاس الصباح نشم رائحة الأرض وبكرية بطاح مكة حين كانت بواد غير ذي زرع واليوم عامرة بالمباني والسجد الركوع. رحم الله أيوب الناسك المتعبد القارئ المجود رحمة واسعة وأعلى مسكنه مع الصديقين في الفردوس الأعلى، وضاعف الأجر لمن ساهم في تسجيل القرآن كاملا بصوته بالقراءة الحجازية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.