انطلقت المملكة العربية السعودية عام 1436ه/ 2015م بنهضة ثقافية غير عادية، وحركة علمية متقدمة، وتجدد وثاب للحياة المعاصرة. ولهذه النهضة والحركة عوامل كثيرة، لعل أهم الأسباب لهما هو الاستقرار السياسي - والحمد لله - والاجتماعي والاقتصادي والتعليمي والمعرفي. وتأتي حركة التأليف والنشر في مقدمة شواهد النهضة والرقي، وصناعة الكتاب وإصداره وتوزيعه من نتاج هذه الحركة الكبيرة، الذي انعكس بدوره على شتى العلوم. والأدب العربي فرع رئيس من العلوم الإنسانية عامة، تركز الاهتمام به منذ عصورنا الإسلامية الأولى، وتجدد في العصور المتأخرة، حتى وصل إلينا، لنواصل في المملكة العربية السعودية هذا الطريق باقتدار وتفوق. وما طرح هذا البحث الببليوجرافي الببلومتري المتابع في عامه الثاني والعشرين إلا نتيجة طبيعية لتتبع الأدب العربي السعودي، وما ينتج عنه ومنه، وما ينتج عنه من حركة طباعة كبيرة، ونشر وانتشار في داخل الوطن وخارجه. تكشف هذه الببليوجرافيا والدراسة التحليلية لها عن واقع أدبي وثقافي بات من الضروري الأخذ بنتائجه لوضع الدراسات المستقبلية، وجدولة نشاطات دور النشر الأهلية والرسمية المهتمة بالأدب السعودي، لأن هذه الببليوجرافيا تقوم على المتابعة اليومية، والحصر الدقيق- ما استطعت - لكل ما يُنشر، وهي عملية سنوية تنبع عن عشق للعمل اليومي للبحث، تتخذ من الاطلاع المباشر على كل - تقريباً - ما تم طباعته ونشره من أدبنا أو عنه، ومن ثم وُزع على المكتبات التجارية داخلياً وخارجياً، ومواقع المكتبات الإلكترونية عبر الإنترنت. إن هذه الببليوجرافيا والدراسة الببلومترية المرافقة لها تُظهر لنا أن الإنتاج الأدبي ما زال وفيراً ومتصاعداً، ومتنوعاً، ومنافساً للعلوم الأخرى، وما زال الأدب مرآة صادقة للحياة العامة، ومعبراً عن الوطن وإنسانه وحياته اليومية بكل متغيراتها وعراكها، وتحولاتها السلبية والإيجابية. لهذا مرت حركة النشر خلال العام الماضي 1436ه/ 2015م معبرة عن كل هذا وذاك، والأرقام هي اللغة التي تثبت هذا التطور، والتحولات السريعة في حياتنا الثقافية والعلمية والاجتماعية أوصلت حجم الإصدارات إلى الأربعمائة وخمسة وخمسين كتاباً أدبياً. ويأتي هذا البحث السنوي ليؤكد نتائج هذا العطاء، وبطريقة استقصائية ومتابعة ببليوجرافية دقيقة. إن العطاء لا يتوقف أمام يوم بعينه، ولا يمكن أن يكون جامداً في نهاية العام من أجل رصده وضمه إلى قوائمي، لهذا حاولت أن أتتبع الإنتاج إلى آخر يوم في شهر ديسمبر2015م - تقريباً - لكي أُنصف الحركة والطباعة، إيماناً مني باستقصاء كل النوافذ الممكنة للوصول إلى المنتج الأدبي، رغم العثرات التي تتزايد وتتسع أمام كل باحث عن الكتاب.. وأهمها سوء التوزيع! وعدم اهتمام المكتبات التجارية فيه وبوجوده بين ما يتم عرضه من جديد. وسيجد القارئ والباحث أني أضفت عدداً كبيراً من العناوين التي تخص عام 1435ه / 2014م، ذلك أني لم أتوصل إليها إلا بعد نشر ببليوجرافيا العام الماضي، وهي تدخل ضمن الإنتاج العام الذي يهمني إيصال معلوماتها للقارئ والباحث الحريص على متابعة الحركة الثقافية. إن الأدب العربي في المملكة العربية السعودية يمر بنقلة نوعية غير مسبوقة، كتابة ونشراً وطباعة وتوزيعاً، وهذه الببليوجرافيا السنوية تكشف للباحث صدق ما توصلت إليه، وأؤكد القول مراراً من خلالها، أو في الندوات والأمسيات الثقافية. إن لغة الببليوجرافيا لا يتسرب إليها الشك مطلقاً، لأنها لغة رقمية واضحة من خلال وصف الكتاب، ومن خلال الواقع المنتج، والمحدد تاريخاً ومكاناً. ** ** ** التحليل الببلومتري تكونت هذه الببليوجرافيا من ثمانية عشر موضوعاً أدبياً، ووصل ما دخل فيها من كتب: 455 كتاباً، أما أماكن نشرها فقد جاءت على مجموعتين: الأولى: ما نشر داخل المملكة وبلغت (217 كتاباً). الثانية: ما نشر خارج المملكة وبلغت (142 كتاباً). الثالثة: النشر المشترك وهو ضمن الحساب المكمل للداخل والخارج (96 كتاباً). أما توزيع ما تكونت منه هذه الببليوجرافيا على أماكن نشرها والجهات المصدرة لها فقد جاءت على النحو التالي: ** ** ** المظاهر البارزة في حركة التأليف والنشر الأدبي لعام 1436ه/ 2015م برزت في هذا العام عدد من الظواهر والخصال الإيجابية في حركة التأليف والنشر الأدبي، وفي كل عام أرصده أخرج بصور ونقاط لابد من ذكره، وأبرز ما جاء في هذا العام، الوقفات التالية: 1 - ما زال الدكتور/ علي الدرورة من أبرز المؤلفين السعوديين، وأنشطهم وأكثرهم نشراً وإصداراً، بعد أن أصدر في عام واحد (23 كتاباً) متنوعاً، بين الشعر والقصة القصيرة والدراسات الأدبية والتراثية، وهو بهذا يمثل ظاهرة فريدة في حركة التأليف والنشر الأدبي والثقافي. 2 - ما زال النقد متفاعلاً مع الحركة الإبداعية بصورة مبهجة، ووصل عدد الكتب النقدية في هذا العام إلى سبعة وستين كتاباً، وكان في العام الماضي قد وصل إلى ثلاثة وستين كتاباً، متنوعة في فنون الأدب السعودي. 3 - تجاوز الذين أصدروا أكثر من كتاب واحد في هذا العام اثنين وثلاثين كاتباً وكاتبة، وهي دلالة على اهتمام المؤلف السعودي، وحرصه على نشر ما لديه من إبداع وبحث ومشروع تأليفي، وكان أبرزهم الدكتور/ حسين المناصرة الذي أصدر خمسة كتب في النقد ما بين تأليفه ومشاركته، ثم الشاعر عبدالرحمن العشماوي الذي أصدر أربعة دواوين شعرية، ثم الشاعر أحمد اللهيب الذي أصدر ثلاثة كتب ما بين الشعر والدراسة، ثم الدكتورة هند المطيري التي أصدرت ثلاثة كتب متنوعة، ثم الشاعر جاسم الصحيح الذي أصدر ثلاثة مجلدات تحمل شعره. 4 - برزت هذا العام ظاهرة نقدية تستحق الوقوف وهي إصدار كتب تدرس المبدعين في الشعر والنثر، وكان أبرز هؤلاء الشاعر والناثر/ غازي القصيبي الذي صدر عنه ثمانية كتب، ثم الشاعر محمد الثبيتي الذي صدرت عنه أربعة كتب، ثم الشاعر سعد البواردي الذي صدر عنه كتابان، وهناك غير هؤلاء كثير ممن صدر عنه كتاب واحد. 5 - الاهتمام بالمسرح نصاً ودراسة وتوثيقاً، وصدور ثمانية كتب تجمع نصوصاً مسرحية لعدد كبير من كتّاب المسرح، ودراسات عنه هي علامة اهتمام، ورعاية وحرص لوجود هذا الفن الغائب كثيراً عن ساحتنا الأدبية. 6 - تجاوز الاهتمام بالنصوص الأدبية وقصيدة النثر والخواطر والمقالة الأدبية حدود المعقول، فجاء هذا العام مختلفاً، والحرص على نشر هذا النوع من الكتابة في كتاب مستقل، وأجمع الجميع على تسميتها ب (نصوص)، وكان الأفضل والصواب وضع كلمة شعر مثلها كالأنواع الأخرى من الشعر إذا كان الكاتب مقتنعا بشاعريته، مما كشف عن خلل جديد في ساحتنا الأدبية بسبب تداخل الغث مع السمين!! وقد وصل عدد ما صدر من هذا النوع إلى أربعة وستين كتاباً، أدخلته موضوعياً تحت مسمى: الأدب العربي- المقالات (نصوص). 7 - وصول دار المفردات للنشر والتوزيع إلى مرتبة متقدمة في نشر الكتاب الأدبي السعودي، بعد أن أصدرت بمفردها ستة وعشرين كتاباً، بخلاف مؤسسة الانتشار العربي والدار العربية للعلوم اللتين اشتركتا مع عدد من الأندية الأدبية في إصدار الكتاب الأدبي السعودي. 8 - إلا أن التميز الأكبر في نشر الكتاب الأدبي السعودي جاء لمؤسسة الانتشار العربي في بيروت التي أصدرت سبعة وستين كتاباً أدبياً، بعد أن أصبحت في شركة مع ستة أندية أدبية، وهو ما يضعها في المرتبة الأولى على كل الصعد. 9 - ما زالت دار الكفاح للنشر والتوزيع نشطة في نشر الكتاب الأدبي السعودي، وارتفع رصيدها لهذا العام، لتستمر في المرتبة الأولى في المملكة العربية السعودية، حيث نشرت حتى هذا العام (200 كتاب أدبي)، وهي منبر ثقافي متميز ومتقدم، ويتجدد في الحفاظ ورعاية الأدب السعودي والعربي. وللمتابعة الأوسع والأكثر تفاصيلاً آمل الاطلاع على الكتاب الذي يضم هذا الموضوع بكل جوانبه، وهو كتاب يصدر عن كرسي الأدب السعودي، سيجد المهتم الموضوعات الأخرى التي لا يمكن نشرها هنا لطولها وتفريعاتها الفنية والعلمية، وهو ما لا يتناسب نشره في ملحق أدبي بعد الزيادة الكبيرة لمنتجنا الأدبي، إلا أن الفضل - بعد الله - أرده دوماً لإخوتي في صحيفة الجزيرة الأم الحاضنة لهذا البحث منذ بداياته الأولى، شكراً لهم جميعاً.