نحن اليوم في عهد العزم والحزم فما كان بالأمس بعيداً عن التفكير أصبح اليوم محل التنفيذ شريطة مناسبته للحال، وقد طرح من سنواتٍ عشر موضوع خصخصة التعليم في بعض مراحله كفكرة، وتطرق لها الكثير من المعنيين بالحقل التربوي والتعليمي وحتى التجاري، وذكروا منافع ذلك ومضاره وربما أنها طرحت كفكرة لمعرفة ردة فعل ورأي المجتمع، واليوم طرحت بفكر آخر مع وزير التعليم الجديد، بسبب نجاح التعليم الخاص وتحوله إلى عمل مؤسسي منضبط في الغالب، حتى وإن كان يهدف للربح، ونجح القطاع التعليمي الخاص في استقطاب قيادات تربوية رائدة ساهمت في دمج التربية والتعليم بالعائد المجزي الذي يتطلع إليه أرباب الكيانات الاقتصادية، وساهمت الدولة في نجاحه بقروض تمنحها للمستثمرين في القطاع التعليمي، ونشأ لدينا بيئة تعليمية ترضي جميع الأذواق، وأمست تلك التجربة التي كنا ننظر لها بالجديدة ناضجة اليوم، وتستطيع تقديم منتج تعليمي وتربوي وثقافي ورياضي متمكن وقادر على استكمال المسيرة التعليمية. وبعد هذا المدخل وكما يقول المثل (ما لا يدرك كله لا يترك جله)، فإن الموضوع الذي نرى أن النجاح له متعين والتجربة فيه ممكنه، وإشراك القطاع الخاص فيه سينقله من النشاط الهامشي لأحد الأنشطة الرئيسية، وستكون مخرجاته ولا شك أفضل مما نحن عليه الآن بكثير، وهذا الأمر هو الرياضة المدرسية التي تعاني من عدم الاهتمام في كل المدارس وعلى كافة المستويات، وربما الجامعات الأكاديمية والمهنية تدخل في ذلك، وتحول درس التربية البدنية في مراحل التعليم العام إلى درس للتسلية، لأننا لم ندرك بعد صدق المثل الذي وُلدنا ومن قبلنا معه (العقل السليم في الجسم السليم)، وأصبح العجز لدينا في معلمي التربية البدنية يتجاوز 4000 معلم، والمدارس وخاصة المستأجرة منها غير صالحة لممارسة النشاط الرياضي الصحي، وإن توفرت المساحات في ظل شعور المعلم أنه آخر من يُفكر فيه في العملية التربوية وهذه نظرة عامة ولدى معلمي الرياضة خاصة، وأضحت مشاكل السمنة والتغذية تطال الأبناء بمختلف الأعمار وكثرت الأمراض المصاحبة لها، وانتشر داء السكري في الأطفال وبمعدلات تفوق الخيال كما يقول أحد الأطباء، وكل ذلك من مشاكل التغذية وعدم ممارسة الرياضة والتثقيف الصحي مع إغفال المنزل الذي هو لبنة الحياة الأولى للنشء لدوره الرقابي الدائم. وهذا يدفعنا إلى التفكير الجاد في خصخصة الرياضة المدرسية، في ظل وجود النجاحات الرائعة للقطاع الخاص الرياضي وإمكانية مساهمته في إحداث نقلة نوعية للرياضة بمختلف المراحل الدراسية وحتى الجامعية، فهو يترجم برامجه بالدمج مع الغذاء المناسب وصحة الجسم مع سلامة البدن وتأهيله تأهيلياً مثالياً حسبما يحتاجه الجسم مع مراعاة الأعمار والأوزان وبإشراف صحي وتحت رعاية رياضية مهنية، وإن استحسنت الفكرة أن نبدأ بالمدن الكبرى وتحديداً بالمجمعات التي تضم المراحل الثلاث والجامعات والكليات والمهنية والتقنية، لأنّ جانب الربح مهم وتكاليف إعادة التأهيل المعمارية واستكمال المنظومة الرياضية من مسابح وأجهزة ومعدات وبيئة تدريبية راقية، وهذا أمر باهظ التكاليف، مما يجعل لذلك أهمية قصوى في استعادة رأس المال المدفوع والتشغيلي، والحال لن يستقيم دون أن يكون هناك عقد استراتيجي لارتفاع النفقات التي سيتحملها القطاع الخاص لا يقل التعاقد عن خمسة أعوام ولا يتجاوز عشرة، ثم يقيم الأمر ويعمم على أجزاء وطننا الغالي، وهذه الخطوة ستوفر آلاف الوظائف على وزارة التعليم، وتمنح القطاع الخاص الرياضي منفذاً هاماً لخدمة المجتمع وإن كان بمقابل مادي، مع وجود المنافسة ودخول كيانات جديدة وربما عالمية. ختاماً، إن طرح مثل ذلك الرأي يعتبر تفكيراً خارج الصندوق ولكنه ممكن التحقيق، وهو ما سيصنع لنا أجيالاً من الأبناء في صحة وعافية وسلامة بدنياً وذهنياً وحتى تربوياً وعلمياً، بالإضافة إلى أنه سيحمل عن كاهل الوزارة والجامعات النفقات على الجانب الرياضي، وكذلك نقل خدمات الكادر بكامله إلى قطاع يعرف كيف يستثمر مهارته وتعليمه ويحفزه للمزيد من العطاء، وهي فكرة ربما أنها تستحق أن يطلق لها ورشة عمل ويدعى لها مستثمري هذا القطاع بإشراف الجهات المسؤولة (وزارة التعليم ويستحسن أن تدعى لذلك الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحادات الرياضية)، ليتوصلوا جميعاً إلى نقطة يلتقون حولها في تنفيذ هذا التوجه، والخروج بتوصيات ربما أن مثلي لا يحيط بها وتنوير المجتمع الذي أثق أنه مع هذا التوجه بالمعوقات إن وجدت في عدم تنفيذه، لأن الجميع يرغب في مثالية هذا الجانب الذي لا يقل أهمية عن الجانب التربوي والتعليمي، وقد يرى آخرون أن ينقل قطاع الرياضة بالكامل من وزارة التعليم ليكون أحد مخرجات رعاية الشباب وتنفذه الأندية الرياضية الخاصة داخل المدارس، بإشراف مباشر من الجهة المعنية بالرياضة في رعاية الشباب، وسيتواكب ذلك مع مشروع التحول الاستراتيجي للدولة الذي سينقلنا إلى عالم آخر تنموي لا رعوي. وقفة رياضية .. يسرني أن أبارك للأستاذ طلال آل الشيخ رئيس لجنة الإعلام الرياضي السعودي، بفوزه بمنصب نائب لرئيس الاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية بالإجماع، وهو إنجاز كبير يحسب للصحافة والإعلام السعودي عامة والرياضي خاصة، ويؤكد على جدارة الكوادر السعودية، وحضورها الفاعل ضمن المؤسسات الرياضية الدولية، ونتطلع أن يسهم ذلك في رفع شأن الرياضة السعودية آسيوياً وعودتها إلى سابق عهدها.