في الحادثة الإجرامية التي وقعت الجمعة الفائتة في مسجد الرضا بمحافظة الأحساء، وفي أثناء ملاحقة الإرهابي الذي لم يتمكن من تنفيذ غايته بإطلاق النار على المصلين أو تفجير نفسه بينهم - ولله الحمد - وفي غمرة حماسة مطاردته والالتفاف عليه من قبل رجال الأمن والمواطنين بعد أن أثخنوه ضرباً، وكان يبحث عن منفذ بينهم للهرب، والنجاة بنفسه، وبعد أن أحكم رجال الأمن القبض عليه سُمِع أحد المواطنين - ويظهر من لهجته أنه من أبناء الأحساء - يُطلق عبارة صادمة، كادت أن تفسد المجهود البطولي الرائع الذي قدَّمه عدد من شباب المحافظة ورجال الأمن؛ حين قال «صوروه.. صوروه لا يغيرونه»! يا أيها الساذج المغفل المستلب عقله ووجدانه؛ يا أيها المستقطب المأخوذ بعيداً عن وطنه ودولته، يا أيها الجاهل المغيَّب عما يجري في الوطن من أحداث، وما يقترفه الإرهابيون من جرائم، وما يستهدف الوطن من مؤامرات إقليمية، ودولية لئيمة خسيسة: ليس من يهفو قلبك، ووجدانك إليها «إيران» إلا رأس الحية الرقطاء، وضلعاً رئيساً في كل ما يحدث؛ لا في المنطقة الشرقية فحسب على يد شرذمة رخيصة مشتراة مُلئت حقداً على الوطن والدولة، وسقيت أفكاراً سامة مضللة مدمرة ضد الإسلام والعروبة والوطن، لا ما يحدث في اليمن أو في البحرين؛ بل في الوطن العربي كله، وأمامك المشهد الدامي المتقاطر فجيعة، وخراباً وضياعاً وتدميراً في العراق، وسوريا، وليبيا، يكتب أبشع صفحات التاريخ العربي والإسلامي، وأكثرها مأساوية وألماً. أيدور في ظنك الساذج أنَّ رجال الأمن الأبطال الذين يقدمون أرواحهم على أكفهم في سبيل الله أولاً دفاعاً عن الحرمين الشريفين، ثم حماية لأبناء الوطن جميعهم، لا يفرقون بين سني وشيعي، ولا ينظرون إلى مذهب أو طائفة، ولا يلتفتون إلى إقليم أو منطقة، سيغيرون الإرهابي الداعشي، وسيضعون مكانه مواطناً آخر ينتمي إلى طائفتك الشيعية؟! ما هذا الظن الرديء الخائب؟ ما هذا الاحتقان المريض ضد الدولة والحكومة والوطن الذي تنتمي إليه الذي حملتك أرضه وأظلتك سماؤه وارتويت من مائه وربيت من غذائه واطمأننت في ظلال أمنه؟! أتزعم أيها الساذج أنَّ الدولة التي تجتهد في حمايتك كما تجتهد في حماية غيرك من المواطنين كافة ستبدل المجرم بغيره من طائفتكم؛ لتلقي بالتهمة عليكم في التفجير؟ وكأنك تريد أن تقول - أخزاك الله - إنَّ الدولة تحمي المفجرين، والقتلة، والإرهابيين الدواعش ؟! أغاب عن وعيك ما اقترفه الإرهابيون - قبل مسجد الرضا، أو القديح، أو الدمام، أو نجران - من جرائم قتل، وتخريب، وإثارة للفوضى في كثير من مدن المملكة؛ من جيزان إلى مكةوجدة والرياض والخرج والقصيم؟! أجهلت أم تجاهلت أيها المستلب عقله كم أريق من دماء الأبرياء من مواطنين ورجال أمن في غير المنطقة الشرقيةونجران؟ وكم استهدف الإرهابيون من أجهزة حكومية؟ وكم اغتالوا وأحرقوا وصوروا جرائمهم توثيقاً ومفاخرة بجرائمهم؛ ليس في أبناء الطائفة الشيعية الكريمة الذين هم شركاؤنا في الوطن؛ بل في أبناء المملكة كافة الذين يزعم الإرهابيون زوراً أنهم ينتسبون إليهم مذهباً واتجاهاً؛ والحق أنهم أبعد ما يكونون عن الانتساب إلى أهل السنة والجماعة؛ فالفكر الداعشي لا يكفر الشيعة فحسب؛ بل يكفر قبلهم السنة، فهو عدو للجميع، لا يستثني أحداً، هو عدو للعالمين كلهم على اختلاف دياناتهم، ومذاهبهم، ومللهم، ونحلهم، وثقافاتهم، الفكر الداعشي الخوارجي لا يرى من يستحق الحياة إلا هو فقط. أيمكن أن ترفق الدولة، أو تحمي، أو تسعى إلى إبعاد تهمة الإجرام - أيها المغفل - عمن يستهدفها هي قبل أن يستهدفكم، ويسعى إلى هدم كيانها قبل أن يهدمكم، ويضع يده في أيدي أعداء الأمة شرقاً وغرباً لينهش قدر طاقته، وما أمكنته الفرص من أمن هذا الوطن واستقراره ورخائه وتنميته؟! كيف يمكن أن تزعم أن الدولة تحمي عدوها الذي تحاربه ويحاربها، وهي معه في مصاولة ومنازلة منذ ما يقرب من أربعة عقود؟! أخانتك ذاكرتك الهشة الخائبة عن إقامة حد القصاص على 42 من التكفيريين الدواعش قبل أسابيع؟! الانفعال يظهر مكنون الصدور.