- لم تكن جريمة الداعشي اللئيم «قاتل ابن عمه»، فاجعة، وصادمة، ومروعة فحسب؛ بل جمعت بين البشاعة، والغدر، والخيانة، وكانت نموذجاً قذراً لانعدام الشهامة والمروءة، والتخلي عن أدنى معاني الرحمة، والنخوة، والوفاء، في أحقر صور الدناءة، و»الوضاعة»، والتردِّي، على صعيد الأخلاق، والقيم الإنسانية..! - الأكثر بشاعة في تلك الجريمة، ومثيلاتها من الجرائم، التي تستهدف الأقارب، وأفراد العائلة، مهما كانت درجة قربهم من «الوحش الداعشي»، حتى وصل الحال إلى قتل الأب، والخال، وابن العم، أنها تتم بطريقة ممنهجة لهدم المجتمع من الداخل باستهداف أهم مكوناته، وأقوى روابطه، وهي الأسرة، التي تحظى في مجتمعنا المحافظ بمكانة خاصة، فهي الحلقة الأقوى في النظام المجتمعي، وصمَّام الأمان لوحدته، وثباته، وصموده، والمرجعية الأهم لتقاليده وأعرافه، وثقافته، وقِيَمِه، وكل الجرائم البشعة من هذا النوع الدنيء هدفها الأخطر هو تقويض دعائم المجتمع، وتحطيم حصونه المنيعة لتسهيل اختراقه، وزرع الفتنة والتفرقة والكراهية، وصولاً إلى تهديد أمن الوطن واستقراره، حيث لا يتورَّع الإرهابيون الجبناء عن استخدام أي وسيلة في سبيل تحقيق أهدافهم الشيطانية، مهما بلغت من الحقارة، والدناءة، والانحطاط! - ولذلك كله، فمن واجبنا أن نحذر أشد الحذر من تحقيق بعض أهداف أولئك المهووسين الأغبياء بالانسياق العاطفي الساذج، كما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي، لدرجة التسليم بانهيار المنظومة القِيَمِية للمجتمع، وانعدام صفات النخوة، والشهامة، ونجدة المستغيث، فلن يطمع الدواعش المعتوهون، أهل الغدر والخسة، بأكثر من زرع الإحباط في المجتمع، وتشكيكه في أخلاقياته ومحدداته، سعياً إلى هدمه وتفكيكه! - وحتى إن تجاهل القاتل الخسيس صرخات الاستغاثة «تكفى يا سعد»، فلن يغيِّر ذلك المختل عقلياً وإنسانياً وأخلاقياً من قيمة ومكانة «تكفى» وأخواتها من القِيَم في مجتمعنا الجميل والشهم، مهما حاول المجرمون إحباطه وتشويهه، ولن تموت النخوة ولا الشهامة، وستبقى «تكفى تهز الرجاجيل»، كما صدح بها الشاعر النبيل محمد الدحيمي، ما بقي الوفاء، وما بقيت الرجولة، وسيذهب الدواعش والأوباش إلى مزبلة التاريخ!