تلعب المتاحف دورا هاما في المجتمع كونها مركزاً ثقافياً وعلمياً وتربوياً وتعليمياً من خلال ما تمثله من أهمية كبيرة في عرض مختلف جوانب الحياة عبر ملايين السنين إضافة إلى ما تكتنزه هذه المتاحف من بقايا أثرية نادرة تعتبر الشاهد الحي على أصالة وعراقة حضارة الوطن. كما تعد المتاحف من المعالم الهامة لمعرفة التاريخ والبعد الحضاري وتعميق مفهوم الارتباط بالجذور والتراث ونشر المعرفة وإبراز المعلومات التاريخية والفنية المتعلقة به. ولم يعد دور المتاحف حفظ الآثار والتراث بل في توعية المجتمع وتزويده بمنشطات الذاكرة الثقافية وغيرها من أهداف المتاحف، من هذا المنطلق يصبح إنشاء المتاحف ضرورة وطنية باعتبارها أحد المكونات الرئيسية للهوية الثقافية للمجتمع. إضافة لكونها موردا مهما للتنمية في القطاع السياحي بما تعرضه من موجودات وممتلكات أثرية وتراثية تعتبر عامل جذب للزوار من جميع أنحاء العالم للاطلاع على الهوية الثقافية. معنى لفظ التحديات هنا هي الصعاب أو العقبات التي تهدد أداء رسالة المتاحف وتمنعها من تحقيق أهدافها، ورسالة أداء المتاحف يراد بها تلك الرسالة التي ترتكز في الأساس الأول على المجتمع وفئاته. تواجه المتاحف في تحقيق أهدافها العديد من التحديات ذات الأثر على أداء رسالتها وتوجهاتها. لذا تم إثارة هذه الموضوع لخطورته وأهميته خصوصا في ظل العزوف عن زيارة المتاحف وعدم القدرة على استقطاب الزوار. من منا لا يحلم ويطمح أن يرى متاحفنا جميلة ومثالية، تتوفر بها كل المقومات الهامة، ومتميزة من جميع النواحي. لا يخفى على الجميع أن المتحف الوطني وبعض المتاحف والمتاحف التي في الخطط المستقبلية رائعة وعلى أعلى مستوى من التصاميم والتقنيات من جميع النواحي، لا قصور في المباني ولا المحتوى ولا السيناريو فكلها ولله الحمد مفخرة للوطن وتعكس البعد الحضاري. كما أن جهود واهتمام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ملموسة وتذكر فتشكر على جميع الأصعدة. لا كن بعض هذه المتاحف لا زالت تعاني من أهم من ذلك وقد يلحقها القصور فيه، لا زال أمامها عدد من التحديات التي تقف عائقا أمام أداء رسالتها على الوجه المطلوب ومنها: نقص الكوادر الفنية المؤهلة لتشغيل المتاحف يعتبر العاملون في المتاحف هم أصل المتحف ومهما كانت أهمية المقتنيات المتحفية مقابل عدم وجود مسؤولين يتولون المحافظة على هذه المقتنيات وعرضها وصيانتها وإتاحتها ثقافياً للزوار فقد تفقد قيمتها تدريجيا إلى أن ينتهي بها الأمر أن تكون مخازن وليست مؤسسات تعليمية وصروح ثقافية. فإذا كانت المتاحف تفتقر وجود الكوادر الفنية والعلمية التي هي بمثابة المحرك الأساسي والهام لها، فهذا بدوره يحد من مستوى تشغيلها بالمستوى المطلوب. بل ويعتبر من أهم التحديات التي تواجه المتاحف في أداء رسالتها. وتعد الإجراءات الإدارية النزيهة والعادلة ضرورة حتمية لتغطية جانب المساواة والعدالة في التوظيف بالمتاحف ليكون الموظف المناسب في المكان المناسب. لذا يتطلب تشغيل المتاحف اهتماما بالجانب المهني وتكثيف المهارات وزيادة الخبرات لإعداد كفاءات متمكنة من التعامل مع القطع الأثرية وتقنيات المتاحف وبرامجها وكيفية استقطاب الزوار. من هنا تأتي الحاجة الماسة لاستحداث مركز تدريبي مخرجاته تغذي جميع متاحف المملكة بالكوادر الفنية المدربة ويتطلب هذا المركز ما يلي: 1) مراعاة تطبيق معايير الجودة والنوعية في التدريب الذي يقدمه هذا المركز لضمان جودة مخرجات التدريب. 2) استقطاب الكفاءات التدريبية المؤهلة تأهيلاً عالياً. 3) التركيز على برامج تدريبية حديثة تضاهي نظيراتها في الدول المتقدمة. 4) تصميم البرامج التدريبية التي تلبي حاجة المتاحف وفق خطط علمية دقيقة. 5) تشجيع المتدربين على التعلم الذاتي وتوضيح أهميته في زيادة التأهيل وتوفير مصادر التعلم المفتوحة. 6) التقويم المستمر للمركز والبرامج التدريبية والمدربين وقياس مدى التغذية المرتدة التي استفاد منها المتدربين. 7) الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال. 8) توفير التدريب لجميع العاملين بالمتاحف دون استثناء. من جانب آخر نرى أن لجنة تدريب الموظفين التابعة للأيكوم توصي ان يفهم كل موظف في المتحف دور متحفه في المجتمع ودوره هو في المتحف وتوصي أيضا بان يتضمن التدريب الأساسي لكل موظف جديد شرح أهمية عمله بالنسبة لأهداف المتحف وبرامجه ووضعت الهدف الأساسي هو ضمان أن يكون الموظف قادرا على معرفة المتاحف وسبب نشأتها ودورها في المجتمع، كذلك المقتنيات وكيفية الحصول عليها ودراستها والاعتناء بها كما يجب أن يلم بتنظيم المتحف وكيفية وصول الجمهور إلى المقتنيات وتوفير الحماية لها. ثقافة المجتمع المتحفية إن النشء في حاجة لأن يشبوا على ثقافتهم، وفي حاجة إلى الركائز الثقافية، في إطار بحثهم عن هويتهم، ولعل المتاحف أنسب الأماكن التي تسهم بدور إيجابي في هذا الجانب. من المؤسف أن نجد غالبية أفراد المجتمع الآن في حالة قصور معرفي بثقافة المتاحف وعزوف عن زيارتها وعدم الاهتمام بما تمثله من قيمة ثقافية، هناك فجوة واضحة في تلقي ثقافة المتاحف بين فئات المجتمع أدت إلى قصور في أداء رسالة المتاحف، ونستطيع القول إن زيارة المتاحف لم تتحول بعد إلى ثقافة عامة مترسخة في حياة الأسرة ونشاطها. ومن المعلوم أن دور الأسرة هو أقوى دعائم المجتمع تأثيرًا في تكوين شخصية الفرد وتوجيه سلوكه وإعداده للمستقبل، ونشر الثقافة المتحفية فيها يسهم في تنمية الفكر الأسري، ولذلك لابد أن تتولى الأسرة التوعية بأهمية وضرورة زيارة المتاحف وتزويدِ أفرادها بالمعرفة الواعية، وتنميةِ مهاراتهم الإبداعية، وذلك لتأصيل علاقتهم بهويتهم وتاريخهم من خلال زيارة المتاحف ورفع مستوى تقديرهم واحترامهم لهويتهم، كذلك ضرورة العمل على صياغة سلوك قضاء أوقات الفراغ في الأسرة. المؤسسات التعليمية يعد دور الجهات التعليمة بجميع مستوياتها ذا تأثيرا جوهريا في مستقبل الأمة، لاستيعابها أبناء المجتمع، فالمدرسة هي جزء من نظام اجتماعي أكبر هو المجتمع، وهي من تقوم بتغذية مواهب الفرد بطريقة صالحة وتربيته تربية تلائم المجتمع الذي ينتمي إليه. ومن هذا المنطلق لابد من عقد الندوات والمؤتمرات والجولات التثقيفية في المدارس والجامعات والمراكز الثقافية للتعريف بالمتاحف ورسالتها. ومن الملاحظ عدم وجود أي مادة آثارية أو تعريف بالمتاحف في مناهج التعليم، ما يستدعي إدراج مادة مستقلة عن الآثار والمتاحف في المناهج الدراسية. ومن المؤكد أن تطبيق هذا الأمر سيعمل على تنمية حس إيجابي لدى الطلبة والطالبات يقودهم نحو المحافظة على محتويات المتاحف والآثار والمواقع التاريخية. وتعتبر الزيارات التعليمة للمتاحف ذات أهمية كبيرة فبمجرد الخروج من الفصل التعليمي التقليدي بالمدرسة يكون التلقي لديهم أكثر تقبلا للمعلومات فنجد شرح المعلومة المنهجية وتطبيقها في قاعات المتحف أكثر تشويقًا واستيعاباً لها، خاصة إذا تم التعاون بين المعلم والمرشد المتحفي والاستفادة من تقنيات المتحف وتفعيل منهج التعليم المتحفي. ويمكن القول إنه لا يمكن تحقيق الدور التعليمي للمتحف وإدراك أهميته، وتعريف أهدافه في المجتمع إلا من خلال تضمينها في المناهج لمختلف مراحل التعليم العام. خاصة وأن هناك علاقة تكاملية بين المحتوى المتحفي وبعض المناهج التعليمية مما يساعد المؤسسات التعليمية على الاستفادة من المتاحف ومحتوياتها. الإعلام يعد الإعلام من أهم العوامل الداعمة لتعزيز دور المجتمع في التعايش مع رسالة المتاحف وترسيخها وتحويلها إلى قيمة ذات أبعاد متعددة، ولا شك إن الإعلام الحديث بوسائله وبتقنياته العصرية سيلعب دورًا بارزًا في ذلك. إن النشاطات الإعلامية المتحفية والموجهة للمجتمع محدودة جداً وتقتصر على تلك التي تقوم بها المتاحف على هامش المؤتمرات أو المعارض المتعلقة بالآثار والمتاحف، بالإضافة لبعض الإصدارات والجهود التي تقوم بها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وهي في نهاية الأمر موجهة بطبيعة الحال نحو المتخصصين في مجال المتاحف وقلة من أفراد المجتمع. إذا ما تفحصنا وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية قلّ ما تتطرق هذه الوسائل إلى المواضيع ذات الصلة بالمتاحف، وبالتالي لا توجد هناك ثقافة راسخة لدى الأفراد تمكنهم من فهم المواضيع المتعلقة بالمتاحف وينعكس هذا القصور الإعلامي في قلة اهتمام المواطنين بالمتاحف، فينبغي تفعيل استخدام التقنية الحديثة وشبكة الإنترنت في التواصل بين المتحف والمجتمع، كوسيلة لرفع الوعي المجتمعي المتحفي. ومن الملاحظ في بعض المتاحف عدم استشعار أهمية الإعلام بالنسبة لدورها في تحقيق رسالتها بل إن هنالك خلطاً بين مهام أقسام العلاقات العامة والإعلام، ففي بعض المتاحف برامج ومشاريع العلاقات العامة والاهتمام بالإعلام موسمي يتعلق فقط بالمناسبات. كما أن العمل في المتاحف مباشر مع شرائح المجتمع ومع هذا ينقصها استغلال وسائل الإعلام، كذلك نشاط الصحافة مع المتاحف محدود جداً، لذا فإن الأداء الإعلامي للمتاحف يشوبه قصور واضح، وهذا يعني أن النشاط الفعلي في الاتصال بالمجتمع ضعيف. أنشطة وبرامج المتحف تمثل الأنشطة المتحفية جانباً هاماً من المجالات التي تحظى باهتمام كبير في المتاحف، وذلك للدور الكبير الذي تلعبه في تكوين شخصية الزائر وتنميتها من مختلف جوانبها العقلية والنفسية والاجتماعية من خلال المحتوى المتحفي. احتاجت المتاحف العالمية الكثير من الوقت، للربط بين مواطنيها ومتاحفها، فحري بنا أن نبدأ عاجلا في هذه المهمة، ولكن بجهود كبيرة، متبعين في ذلك أحدث التجارب، ومن أهمها أن يجد الزائر المعلومات معروضة بطريقة شيقة، وإرشاد محترف، يساهم في قضائه وقت ممتع بتكاليف قليلة، وفائدة عظيمة، ترفع من مستواه الفكري، وتعزز انتماءه لبلده وتاريخه وثقافته. وبالرغم من الأهمية التي تحتلها الأنشطة المتحفية إلا أن المتأمل لواقعها يجد أن هناك جوانب نقص في الإعداد والتخطيط لهذه الأنشطة بكافة أنواعها. ويمكن تلخيص بعض التحديات التي تواجه تطبيق الأنشطة والبرامج في النقاط التالية: 1) عدم وضوح الهيكل التنظيمي أو التوصيف الوظيفي للعاملين في مجال الأنشطة والبرامج المتحفية. 2) عدم الإيمان الحقيقي بقيمة الأنشطة وأهميتها ويتضمن ذلك في أن مسؤولي البرامج والأنشطة لا تتضمن برامجهم إعداداً حقيقياً للعاملين بالمتاحف لممارسة الأنشطة بأنواعها. 3) نقص الإمكانات المادية المناسبة لتحقيق متطلبات الأنشطة. 4) عشوائية تنفيذ الأنشطة والاعتماد على اجتهادات شخصية. 5) قلة توفر الكفاءات الإدارية والفنية المتخصصة. 6) افتقار الكفاءات المزودة بالخبرات بسبب سياسات التدوير الوظيفي في ظل عدم توفر البديل المناسب. 7) ضعف عوامل الجذب في الأنشطة الثقافية المتحفية، وتكرار الأنشطة وعدم تنوعها. 8) عدم وجود أماكن مخصصة لممارسة الأنشطة في المتحف. 9) عدم وجود دليل بالأنشطة وأهدافها في المتحف، عدم وجود محفزات لتشجيع الزوار على الاشتراك فيها. 10) غالبية القائمين على الأنشطة يرون أن أكثر معوقات النشاط المتحفي عدم توفر الإمكانات المادية والخامات، او بالأحرى اجتهادات صرفها والتي تلعب دورا مهماً في الأنشطة. 11) عدم كفاية ورش عمل مجهزة وخاصة بالأنشطة المتحفية. 12) قلة إجراء الدراسات والأبحاث العلمية عن الأنشطة المتحفية. 13) عدم تزويد القائمين على الأنشطة بالدراسات والنتائج والتوصيات. 14) عدم وجود دورات تدريبية للعاملين في المتاحف في هذا المجال. 15) الإيمان بقدرة المرأة على صنع القرار، والتدريب والتأهيل بقدر كافٍ، واستغلال الفرص المتاحة بما يتوافق مع قدراتها المهنية والتخصصية. الخدمات المتحفية من المعروف بأن زوار المتحف من فئات عمرية متعددة ولاستقطاب هذه الفئات وحثها على زيارة المتحف لابد من ايجاد قنوات وبرامج لها صفة التنوع والإمتاع بجانب توفير عدد من الخدمات التي لابد أن توجد حتى يتمكن الزوار من قضاء وقت مفيد وممتع في آن واحد. لذلك ينبغي توفر عدد من الخدمات مثل: 1- المقهى والمطعم له أثر كبير على الزوار وخاصة الأسرة فوجوده يوفر مكانا أسريا ممتعا. 2- المتجر فهو يزيد مستوى خدمات المتحف وعامل هام للجذب. 3- استغلال الأماكن الخارجية واستثمارها للعروض والحفلات التي تستقطب أفراد العائلة وتشوقهم للدخول للمتحف. 4- ينبغي الاهتمام بالمكتبة المتحفية والخدمات التي تؤديها، وتوفير كتب مناسبة لجميع لفئات العمرية. كونها تعكس جانبا معرفيا هاما عن المتحف. فينبغي استثمار جميع الفرص المتاحة التي يؤمل أن تسهم في تحسين وتطوير رسالة المتاحف والوقوف أمام كل ما يهدد أداء هذه الرسالة على الوجه المطلوب.